18 ديسمبر، 2024 10:10 م

اتفاقية جزائر مابين إجهاض الحلم الكوردي وبداية لثورة گولان التحررية وظهور شمس الحرية للتخلص من النظام الدكتاتوري

اتفاقية جزائر مابين إجهاض الحلم الكوردي وبداية لثورة گولان التحررية وظهور شمس الحرية للتخلص من النظام الدكتاتوري

منذ تأسيس الحكومات العراقية لم يكن هناك تفكير بحل جذري القضية الكوردية والاعتراف بحقوق الشعب الكوردي في العراق ولهذا بدأت الصراعات والثورات والانتفاضات ضد الحكومات العراقية المتعاقبة من ثورات بارزان وأيلول وگولان وانتفاضة سرهلدان سنة 1991 وقد نتج عن ذلك تكبّد الجيش العراقي خسائر كبيرة أمام الحركة التحررية الكوردية في القتال بالمعارك التي دارت بين الطرفين في سنة 1975 .
وقد ولّد قلق كبير وشعور بالخوف لدي رئيس الجمهورية السابق أحمد حسن بكر ونائبه صدام حسين وقيادة الحزب البعث العربي الاشتراكي في حال الاستمرار بقتال قوات الپيشمرگة فإن الجيش العراقي سينهار امام الثوار الكورد .
وكانت نصيحة الفريق الركن عبدالجبار شنشل رئيس أركان الجيش العراقي أنه من الخطأ الاستمرار بالقتال وازدادت موجة الاستياء في صفوف الجيش العراقي بسبب الهزائم والخسائر التي تكبدتها أمام قوات الپيشمرگة وبدأت الحكومة العراقية بالبحث عن حل لوقف الحرب بين الطرفين فقامت السفارة العراقية في سنة 1974 الاتصال بالشخصية الكوردية الوطنية الأستاذ الدكتورعصمت شريف وانلي طالبين منه إبلاغ القيادة الكوردية برغبة الحكومة العراقية لإجراء مفاوضات مع قيادة الحركة التحررية الكوردية لوقف الحرب بين الطرفين وقد أبدى البارزاني الخالد استعداده للتفاوض ولكن ظهر فيما بعد بأن الحكومة العراقية كانت تنوي القضاء على الحركة التحررية الكوردية لكسب بعض الوقت والمماطلة في عقد المفاوضات وكانت النقاشات الموجودة على طاولة الحوار في بغداد ما الأفضل بالنسبة للحكومة العراقية لدخول المفاوضات في الجانب الكوردي هل الاعتراف بكوردية كركوك كمنطقة كوردية أو التنازل عن نصف شط العرب لإيران بهدف القضاء على الحركة التحررية الكوردية في شمال العراق ( كوردستان العراق )
وكان وسيط اتفاقية الجزائر المشؤومة حامد الجبوري وزير الدولة للشؤون الخارجية الذي التقى بهواري بومدين في القصر الجمهوري الجزائري وأعطاه الضوء الأخضر لكي يلتقي بصدام حسين ويبلغه بأن شاه إيران مستعد للتعاون مع الحكومة العراقية !
وكانت مشكلة الحدود قائمة بين العراق وإيران وفي الجزائر أثناء انعقاد مؤتمر القمة للدول الأعضاء في منظمة الأوبك وبمبادرة الرئيس الجزائري هواري بومدين تقابل مرتين شاه إيران محمد رضا بهلوي وصدام حسين ونائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة وأجريا محادثات مطولة حول العلاقات بين الدولتين وقرر الطرفان إجراء تخطيط نهائي لحدودهما البرية بناء على اتفاق القسطنطينية سنة 1913م وتحديد الحدود النهرية حسب خط تالوك (أعمق النقاط في وسط النهر).
ولقد اعترف صدام حسين في سنة 1980 بأنه اضطهر إلى عقد اتفاقية الجزائر والتنازل عن نصف شط العرب لإيران في 6 آذار سنة 1975 لأنه لم يكن بإمكان الجيش العراقي الاستمرار بالقتال في شمال العراق في ذلك الوقت !
وقد خرق صدام حسين عرّاب اتفاقية الجزائر الدستور العراقي المؤقت الصادر في 16-7- 1970 ضمن المادة 3
أ – سيادة العراق وحدة لا تتجزأ.
ب – ارض العراق وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها.
فبدلًا من أن يقوم بفتح باب الحوار أمام قيادة الحركة التحررية الكوردية من شعبه بالاعتراف بكوردستانية كركوك ودعم الشعب الكوردي إلا أنه لم يفعل ذلك فقد قام بمحاربة شعبه والاتفاق مع الأجنبي مقابل التنازل عن نصف شط العرب و200 قرية حدودية لصالح إيران فقد وقّع عن الجانب العراقي وزير الخارجية العراقي سعدون حمادي وعن الجانب الإيراني عباس خلعتبري وعبدالعزيز بو تفليقة وزير الخارجية الجزائري وبسبب هذا الطيش السياسي من قبل صدام حسين وقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي كان له سلبيات على مستوى السياسي لأن القضية الكوردية كانت مسألة داخلية وليست مسألة إقليمية فقد أدرك صدام حسين فيما بعد بأنه ارتكب خطأ جسيمًا بتنازله عن نصف شط العرب وألغى الاتفاقية من جانب واحد وهو الجانب العراقي في سنة 1980وبعدها خاض حربًا مع إيران من سنة 1980 إلى 1988 لمدة ثماني سنوات وقد بلغت خسائر الجانبين كالتالي بحسب بعض التقديرات :
730000 قتيل إيران و340000 قتيل عراقي
1200000 جريح إيراني و700000 جريح عراقي
45000 أسير إيراني و70000 أسير عراقي
2000000 لاجيء إيراني و400000 لاجيء عراقي
وأنفقت العراق في حينها 159 مليار دولار على شراء الأسلحة وأنفقت إيران 69 مليار دولار على شراء الأسلحة !
كل هذا الذي حدث بسبب عنتريات صدام تجاه الشعب الكوردي وأدخل نفسه في دوامة لم يستطع الخروج منها وكان بالإمكان أن يدعو قيادة الحركة التحررية والجلوس معهم على طاولة الحوار لوضع خريطة طريق للخروج من الوضع المأساوي الذي مر به .
وعلى الرغم من وجود البارزاني الخالد في إيران إلا أنه لم يكن يثق بالشاه وكان يتوقع خيانته في كل لحظة وقد تلقى البارزاني وعدًا من الولايات المتحدة الأمريكية في سنة 1972 بأن يبقى الشاه مساندًا للقضية الكوردية وثورتها إلا أن ذلك الوعد لم يكن حقيقَيًا ولاسيما موقف كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي والذي يقلب صفحات التأريخ السياسي حول هذه القضية يجد أن الدول العربية ( العرب ) والفرس والترك والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية قد عملوا على إخماد الثورة الكوردية وإجهاضها وتعرضت الثورة الكوردية للانتكاسة في 1975 فقامت القيادة بعدها في كانون الأول 1975بتشكيل القيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة السيد مسعود بارزاني ثم بدأت مرحلة أخرى من النضال لأن لم يكن هناك خيار آخر أمام القيادة لإثبات الوجود والرد على مؤامرة الجزائر وفي 26-5-1976 أعلن عن انطلاق ثورة كولان التحررية وكانت الانطلاقة الأولى في المناطق الحدودية مابين تركيا وكوردستان ثم وحدت صفوف الكورد حتى انتفاضة 1991 وحتى قيام أول حكومة كوردستانية بعيدة عن حزب البعث في 1992 وأول برلمان كوردستاني بعد طرد الجيش العراقي وأزلام البعث من إقليم كوردستان.
فمن خان الكورد كانت نهاياتهم مأساوية فهواري بو مدين فقد مات مسمومًا من قبل صدام حسين في سنة 1978
أما شاه إيران محمد رضا بهلوي فقد أُزح عن الحكم وهرب إلى خارج البلد وتوفي بمرض سرطان الغدد اللمفاوية في سنة 1980 بالقاهرة أما صدام حسين فقد أعدم شنقًا حتى الموت في صبيحة عيد الأضحى في سنة 2006 وبقيت القضية الكوردية قائمة فلم يبقَ أمام استقلال كوردستان إلا مسألة وقت فقط بحكم تطور السياسة الكوردية .