لاشك ان الكورد الفيليين شريحة مهمة من المجتمع الكوردستاني المقسم بين دول المنطقة وفقا لمعاهدة سايكس بيكو وكانت هذه الشريحة التي تقسمت بفعل ترسيم الحدود السياسية بعد زوال الامبراطوريتين الصفوية والعثمانية بين ايران والعراق لها دور فاعل في الثورات والانتفاضات في البلدين ، وكانت الثورة التي قادتها الثائرة الكوردية الفيلية )قدم خير( في اقليم لورستان ضد نظام رضا شاه احدى الثورات الكبيرة للكورد الفيليين ضد النظام الايراني التي اخمدت وانتهت بقتلها عبر مؤامرة جبانة.
وفي العراق لا يخفى على احد دور الكورد الفيليين في دعم الحركة التحررية الكوردية والكفاح المسلح لشعب كوردستان من اجل الحرية وكذلك دورهم في الحركات اليسارية والاسلامية العراقية ضد الانظمة الدكتاتورية المتعاقبة على حكم العراق خاصة مقارعتهم للبعث من 1963 الى سقوطه في عام 2003 وقدموا الاف القرابين على مذبح الحرية سواء في صفوف الحركة الكوردية ام في صفوف الاحزاب العراقية الاخرى ، وبالمقابل كانت لهم حصة الاسد من جرائم الانظمة الدكتاتورية العراقية المتعاقبة من التغييب والقتل والاعتقال والتهجير والتشريد والتهميش.
بعد الانتفاضة الشعبية لشعب كوردستان وتشكيل حكومة وبرلمان اقليم كوردستان شرع الاقليم ابوابه ككيان قومي لشعب كوردستان في الاجزاء الاربعة واصبح ملاذا آمنا لكل المظلومين من الكورد وغير الكورد الذين
اختاروا الاقليم مأوى لهم نتيجة الظلم والاضطهاد وقدمت حكومة الاقليم بحسب الامكانيات المتاحة تسهيلات لهم وفتحت ابواب مدارسها وجامعاتها ومستشفياتها وجميع مرافقها الخدمية امامهم و وفرت لهم فرص العمل في القطاعين العام والخاص.
الغاية من تلك المقدمة ليس من اجل الترويج والدعاية لحكومة اقليم كوردستان لأن ما تقدمه للمواطنين الكورد هو جزء من واجبها القومي وما تقدمه للاخرين هو جزء من واجبها الوطني والانساني ، وانما القصد هو طرح موضوع طالما يشغل ابناء شريحتنا الفيلية التي اتابع هموهم من خلال التواصل الشخصي او على مواقع التواصل الاجتماعي وهو سؤال يراود ذهن الكوردي الفيلي وهو ايهما افضل للعيش بالنسبة لهم اقليم كوردستان ام المناطق الاخرى التابعة للسلطة المركزية ويدخلون في سجالات ونقاشات لا داعي لها ربما تصل الى تبادل الالفاظ النابية و تبادل الاتهامات غير اللائقة كالعمالة للحزب والجهة والدولة الفلانية.
وهناك من يحاول فرض رأيه على الاخر بان مناطق الوسط والجنوب هي الافضل للكورد الفيليين بوصفهم سكنوها منذ مئات السنين ومنهم من يقترح ان يهاجر الكورد الفيليون الى اقليم كوردستان بوصفه كياناً قومياً والكورد الفيليون هم جزء من الامة الكوردية وبالتالي العيش هناك افضل من المناطق الاخرى.
لاشك كل انسان عندما يولد في بيئة معينة سواء يكون قرية ام مدينة صغيرة او محافظة او دولة ويترعرع فيها حتى وان لم يكن من سكانها
الاصليين ، سوف يكون له نوع من الانتماء والحب لتراب تلك البيئة واهلها ويصعب عليه تركها الا في ظروف قاهرة بالضد من ارادته.
في العراق الكورد الفيليون سكنوا مناطق مختلفة في محافظات الوسط والجنوب وديالى وكركوك وحتى قسم من العشائر الفيلية سكنت محافظات السليمانية واربيل منذ عقود واصبحوا اليوم جزءا من سكانها الاصليين وبنوا حياتهم ومستقبل اطفالهم كي يعيشوا عليها جيلاً بعد جيل.
اذن يمكن القول ان كل انسان من حقه ان يختار بيئة او منطقة معينة للعيش على وفق مصالحه او ما تمليه عليه الظروف السياسية والاقتصادية والمعيشية والاجتماعية ، والكورد الفيليون عاشوا في المناطق التي ذكرناها منذ مئات السنين و توارثوها من ابائهم واجدادهم بوصفها ارضهم وبيئتهم الاصلية ومن حقهم التمسك بها.
لذلك برأيي المتواضع ادعو واحث الاخرين الى العيش في مكان معين يعد تجاوزاً على ابسط حقوقهم الانسانية ، صحيح ان ابواب اقليم كوردستان مشرعة بوجه ليس الكورد وحدهم بل بوجه كل من يشعر بالمظلومية والاضطهاد في قريته او مدينته ويمكنه ان يختار الاقليم للعيش مثلما نرى الان هناك ما يقرب من مليوني عراقي وسوري من المكونات القومية والطوائف الدينية والمذهبية المتعددة وحتى من المواطنين الايرانيين والاتراك وحتى من الدول العربية والاجنبية يعيشون في مدن الاقليم دون ان يتعرض لهم احد اذا احترموا انفسهم واحترموا القانون ، والكوردي الفيلي ايضا من حقه ان يختار المكان المناسب للعيش وينبغي ان لا نحاول حثهم باختيار الاقليم مكانا للعيش بوصفهم كورد حتى وان تقسم العراق ، لأن كما اسلفنا ان كل اسرة لها مصالحها وجذورها وانتماؤها ووحبها لمنطقة او بيئة معينة ، لندعه يعيش اينما يشعر بالحرية والامن والاطمئنان والعيش الكريم.