منذ انطلاق العملية السياسية، إلى يومنا هذا، لم يتمكن ممثلي الطائفة السنية، تغيير طريقة وأسلوب، تعاملهم مع القوى الأخرى، وظل النهج واحد من جبهة التوافق إلى القائمة الوطنية العراقية إلى اليوم حيث اجتمع الجميع في كتلة اتحاد القوى،
هذا النهج هو عبارة عن مطالب تكاد لا تختلف، اجتثاث البعث، التوازن، الشراكة الحقيقية، العفو العام، وسواها من المطالب التي أثبتت التجربة السابقة عدم جدواها، بسبب انعدام الثقة من القوى الأخرى، بأجندة هذه المطالب وخلفياتها، لذا كانت النتائج دائما مزيد من العمليات الارهابية، وتحول ملف البعث إلى ملف فساد ومساومة، والثمرة الأخيرة مزيد من الاحتقان؛ والأزمات التي تتحول بالتالي إلى دماء.
غياب الرؤية المتعقلة التي تسمي الأشياء بمسمياتها، دائما تغيب عن ممثلي الطائفة السنية، فإثارة ملف البعث الذي مازال ضحاياه من كل طوائف العراق، يئنون من جرائمه، بهذه الصورة، يجعل الأخر ينظر للسنة بأنهم بعثيين، بدليل دفاعهم هذا، في حين كثير من السنة هم من ضحايا البعث، لكن طرح موضوع الاجتثاث على انه من القوانين الانتقالية، ويجب إنهائه، بطريقة تحفظ حقوق الجميع، يفسر كونه حرص على انتهاء الفترة الانتقالية، والشروع بعمل مؤسسات الدولة الدائمة.
العفو العام كما يسموه، يثير مشاعر ضحايا الإرهاب، وهم من كل مكونات الطيف العراقي، لكن لو طرح بطريقة الإفراج عن الأبرياء، سوف يكون قبوله من الجميع أفضل، خاصة وان هناك من الشيعة سجناء؛ يدعون أنهم من الأبرياء، أيضا الحرص على التنازل المتبادل، لضمان الربح للجميع.
بقية المطالب التي حفظها الجميع عن ظهر غيب، أن الإصرار على تكرار نفس المطالب وبنفس الأسلوب، يؤشر على خلل وضعف لدى ممثلي الطائفة السنية كقادة، يفترض أن يقودون ولا يقادون، فالشارع السني معبأ بهواجس عديدة، تمنعه من رؤية التغيرات على الأرض، ولم يساعده الساسة على إدراك ذلك ، ولا بعض رجال الدين، لذا ظل ضحية لأصحاب الشعارات، والأجندات الدخيلة، حتى صور للجميع، أن البعث والإرهاب ينتمي للسنة فقط.
يفترض على الساسة السنة؛ تعريف شارعهم بالواقع الجديد، الذي يقول أن الشيعة هم الأغلبية، ووفق اللعبة الديمقراطية، الحكم يكون للأغلبية، وأيضا عليهم أن يفهموا شارعهم بجرائم نظام البعث ألصدامي؛ بحق مكونات الشعب العراقي كافة، وبالخصوص الشيعة والكورد.
أيضا يفترض أن يشعروا جمهورهم، بالظروف الأمنية غير الطبيعية، التي يمر بها العراق بسبب الهجمة الإرهابية التي يتعرض لها، هذه الهجمة تنطلق من المحافظات ذات الأغلبية السنية، بسبب وجود حواضن، هذا يدفع القوات الأمنية إلى مطاردة الإرهاب في منابعه، ويمكن أن تحصل أخطاء، وهي طبيعية في كل جيوش العالم، لذا قد يعتقل بريء أو يحصل تجاوز، يجب أن يفسر بهذه الصورة، ولا يعمم على الحكومة أو القوات الأمنية.
عندما يتحدث الساسة السنة بلهجة رجال الدولة، يمكنهم أن يحققوا لجمهورهم وشارعهم بعض ما يصبوا إليه، لكن الاستمرار بالأسلوب العتيد، ونبرة التهديد والتحريض والانسحاب، سوف لن يحقق للسنة إلا ما يحصلوا عليه اليوم، ارض محتلة وشعب مهجر، وساسة منبوذين من شارعهم وأغلبية الشارع العراقي، فهم متهمون من شارعهم بالتقصير، ومن الآخرين بمساندة الإرهاب…