22 ديسمبر، 2024 9:03 م

ابو ناجي ذاكرة إذاعة

ابو ناجي ذاكرة إذاعة

تحتفل هيئة الاذاعة البريطانية هذه الايام بذكرى إطلاق بثها باللغة العربية (التي بدأت بث برامجها في الثالث من يناير/ كانون ثاني عام 1938) وهي سابقة تاريخية قبل اطلاق اية اذاعة محلية في الدول العربية الناطقة بالضاد . وفي العودة الى ذاكرة تلك السنوات الطوال لم تكن خلالها البي بي سي الا ضيفا وزادا يوميا على المستمعين العراقيين على مدى تلك العقود الطويلة ونشأت علاقة حميمة وتفاعلية بينهم وبينها حتى الذين كانت لهم مواقف سياسية مسبقة قد تتقاطع مع نهج وسياسة الاذاعة وبمختلف الحقب فانهم كانوا يسمعونها ايضا وقد اطلق العراقيون على الاذاعة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي لقب ابو ناجي وكنت تجدهم يكثرون الحديث في مجالسهم ومساكنهم ومقاهيهم عن ماقاله ابو ناجي ويذكره ويقصدون مايرد في نشرات اخبار الاذاعة وكأن القائل قريب لهم يصغون باهتمام الى ماينطق به لبثه الى الاخرين .
وشخصيا فطنت الى صوت البي بي سى لاول مرة نهاية الخمسينيات حين كنت ارى والدي يدير مؤشر الراديو الخشبي الكبير في مقهاه مقهى الجزائر ببغداد او راديو البيت الماثل لينطلق منه صوتا رخيما معلنا قبل نشرات الاخبار والبرامج العبارة الشهيرة هنا لندن هيئة الاذاعة البريطانية وبعد ان كبرت وادركت وولعت بمتابعة الاخبار والبرامج المختلفة لم يمر يوم الا واسمع البي بي سي حتى في اشد الظروف ومنها سنوات الحروب والقتال حيث لم استغن خلالها مرة عن جهازي ( الترانسستور ) الصغير الذي كنت اصطحبه معي لسماع اخبارها وبرامـــــجها وسط اصوات القذائف والمدافع وانبـــــاء الموت العــــاجلة لجـــــنودنا
واذا ماذكـــرت بي بي سي فان ذلك يعني التاريخ الحافل عبر عقود بالاسماء الاذاعية والاعلامية الكبيرة التي لم تبرح ان تغادر ذاكرة المتابعين والمعنيين والمستمعين وخشية ان ننسى ولكن لاحد ان يمر سريعا دون ذكر الاساتذة الرائعين من مختلف الاجيال ومنهم مديحة المدفعي وافقي مقريم وماجد سرحان وعصام السكري وجورج مصري وسامية الاطرش وحسن ابو العلا ومحمد الازرق ومحمود احمد شبلاق وعلي اسعد ومحمد صالح الصيد ومحمود المسلمي وجميل عازر وسلوى الجراح واحمد القباني ومحمود مراد وهدى الرشيد والقائمة تطول حتى نبلغ الرائعين في الوقت الحاضر احمد عبد الحميد وطارق العاص وانطوان خوري وملاك جعفر ورشا قنديل ودينا وقاف ورانيا العطار وفدى باسيل ونوران سلام ومكي هلال وانطوان خوري وحمدان الجرجاوي وعرفان عرب واصدقائي الرائعين شاكر حامد وصفاء صنكور الصالح وعدنان عبود مثلما مازالت برامج ( دعــــــوة للحوار ) وبين (الســـــائل والمجيب ) و( نــــدوة المستمعين ) و( قول على قول ) حتــى نصــــل (همزة وصل ) مـــــاثلة في الــــذاكرة حتى يومنا هذا .
كما نتذكر دوما أغنية ( الراديو ) للمونولوج والشاعر الشعبي العراقي عزيز علي (1911-1998) والتي كانت تبثها الاذاعة ومازالت محفـــــــوظة في ارشيــــــفها حتى الان. والـــــتي اقتـــــرنت ببث الاذاعة لســــــنوات طـــــــويلة سابقة والتي تقول كلمــــــاتها
“الراديو دا يصبحنــــــا ودا يمسينا، الـــــراديو دا ما انام يصحينا”
“الراديو دا يعلمنا ودا يقرينا، ما كنا نعرف شي لو ما هالراديو”
“أصبح كل واحد من عدنا يشوف بعينه ويسمع بادنا، ويميز اليسرى م اليمنى”