اصيب ابا حسن بنوبات من الهسترية الانفعالية، رغم بحبوحة ديمقراطية اللغف والخمط والعض والاقصاء والمفخخات والعبوات ، حين قضت بأجلها المحتوم قرينته المحبوبة ( ام حسن ) التي اقترن بها في زمن (اغبر )ساده الامان والاستقرار والهدوء والتعايش السلمي !! فتبدل من حالة المرح الى اخرى مليئة بالترح ، وتحول الى شبه مجنون يهيم على وجهه في الازقة والطرقات باحثا عن حبيبته دون جدوى ، وحين يهده التعب يعود ادراجه الى داره (الخاوي) الا من خيالها الذي يضيف اوجاعا الى اوجاعه ، وفور دخوله يبدأ بالعويل والنواح حتى طلوع الصباح فيسكت عن البكاء المباح ! .. يتكرر هذا السيناريو كل يوم فيلقي بضلاله على جيرانه .. وذات يوم عقدت نسوة من المدينة مؤتمرا بحثن فيه السبل الكفيلة بخروج ابو حسن من محنته وايجاد الحلول التي من شانها تخفيف معاناته وبشكل برئ ! .. فقررن بالاجماع التوجه الى داره والجلوس مع ابي حسن لتقديم مايمكن تقديمه من مساعدات
كالطبخ والكنس والغسيل لذا تم توزيع الادوار والواجبات على كل واحدة منهن ..
تقدمت احدا هن تمشي على استحياء فطرقت الباب طرقا انثويا ناعما ، خرج على اثره ابو حسن متجهم الوجه عبوسا قمطريرا والنار تخرج من منخريه فقال : من انت وماذا تريدين ؟ ! اجابته بصوت رقيق هز كيانه : انا ليلى ونحن نسوة عديدات عقدنا مؤتمرا قررنا فيه مساعدتك بما يخفف عنك اعباء الحياة فهل ترضى بنا ياترى ؟! .
نظر ابو حسن اليها واستعرضها من راسها نزولا لاخمص قدميها فلم يجد امامه الا صبوحة مهفهفة القوام كانها فلقة قمر قد افاقت لتوها من صهباء صافية قد كاد يشرب بضها البعض !! فقال لها : ، وقد انفرجت اساريره واعتلته رعشة حركت (سبرنكاته ) من مكانها ، اهلا ثم اهلا تفضلي بالدخول انت ومن معك !! دخلت النسوة الواحدة تلو الاخرى وابو حسن ينظر اليهن مندهشا مرتعشا بطريقة مشيهن بدلال واعتدال ! جلست النسوة بهدوء دون حراك كان على رؤوسهن الطير.. فسادت اجواء من السكون وحل صمت رهيب .. ادرك ابو حسن ان عليه بدء الكلام فبادر قائلا : ايييييييييه يا ام حسن ! من ذا الذي سيغسل ثيابي بعدك ؟ اجابت احداهن : انا ، ثم قال وهو ينظر الى تلك الحسناوات : ايييييييه يا ام حسن من ذا الذي سيطهو طعامي بعدك ؟ قالت الاخرى : انا ، وقال ايضا : ايييييييييه يا ام حسن من ذا الذي سينام معي على السرير ؟!! سكتت النسوة واطرقن برؤوسهن ولم ينبسن ببنت شفة ، وبدات حبات اللؤلؤ تتساقط من الجباه وهنا نهض ابو حسن وصاح باعلى صوته :سكته يم حسن سكته .. انتهت الحكاية لان شهرزاد ادركت الصباح . فهل عرفتم من هو ابو حسن ؟ انه ذلك الشيخ (العاوي) الذي استبدل محركه (الواكع) باخر نفاث !واقترن باحدى صويحبات ام حسن .. واستطاع ابعاد واقصاء واجتثاث من لم يسر على نهجه وخطاه .. الا الذين ثبت تعاطفهم معه حين خلع العمامه وارتدى (المايوه) بدلا عنها .