الخطاب الذي وجهه زعيم تنظيم داعش الارهابي ابو بكر البغدادي ، يوم الثلاثاء ٢٨ شباط ، والتي دعى فيها اتباعه الى الهروب من المناطق التي يسيطرون عليها ، أذ أقر بهزيمة التنظيم في معارك تحرير الجانب الأيمن ، حيث دعا الارهابي البغدادي أنصاره الى ضرورة ” التخفي والفرار ” الى المناطق الجبلية ، هذا الخطاب الذي اسماه “خطبة الوداع ” ، وتم توزيعها على المقربين منه ، والخطباء ، وذلك من اجل شرح ما يمر به التنظيم من انتكاسة ، والهزائم التي مني بها في الجانب الأيمن من الموصل ، إذ تضمنت هذه الخطبة أيضاً تعليمات لعناصر التنظيم ، على لَبْس الأحزمة الناسفة وتفجير أنفسهم عند محاصرتهم من قبل القوات العراقية المتقدمة ، الامر الذي جعل ” مجلس شورى المجاهدين ” ، يلوذ بالفرار من مدن نينوى وتلعفر ، باتجاه الاراضي السورية ، الى جانب التحرك السريع للقادة البارزين والمقربين من البغدادي على الشريط الحدودي بين العراق وسوريا ، الى جانب إغلاق ” ديوان الجند والمهاجرين ” ، وتخيير الإرهابيين القادمين من الخارج بين الهروب والرجوع الى بلدانهم ،. بين تفجير أنفسهم والحصول على ” 72 حورية ” ، كما ان أوامر البغدادي الصريحة صدرت بسحب لقب ” الامير ” من قيادات التنظيم في الساحل الأيسر من الموصل ، وذلك بعد انهيار وهزيمة التنظيم امام تقدم وهزيمة القوات الأمنية والحشد الشعبي .
خطاب البغدادي عكس وضعاً منهاراً لتنظيمه ، الى جانب الانقطاع التام للتواصل بين قياداته ، الامر الذي يجعل السيطرة على مجريات المعركة على الارض قد فشلت تماماً ،وبات التنظيم يلفظ انفاسه الاخيرة ، حيث مني بخسائر فادحة في الآونة الاخيرة ، إذ خسر مدناً كاملة امام التقدم السريع للقوات الأمنية ، ومشاركة الحشد الشعبي ، والتي استطاعت من قطع الطريق امام فراره الى سوريا ، وجعل من مدينة الموصل قفص لجرذانه ، إذ تعد معركة تحرير الموصل لم تكن كسابقاتها من المدن ، اذ ان الجيش والقوات الأمنية استخدمت سياسة الخنق في قتال عصابات داعش ، عبر غلق الجهات الأربعة أمامها ، وغلق الممرات العابرة الى سوريا ، وقطع الطرق ، وحصر جرذان داعش في داخل المدن ، لكي تكون نهايتهم هناك ، كما ان الحشد الشعبي تمكن من السيطرة على ممرات الهروب في غرب الموصل ، وقطع طريق الموصل – الرقة ، ومنع هروب عصابات داعش الى سوريا ، وهذا بحد ذاته توجه جديد لدى القطعات العسكرية ، وتغيير خطتها من طرد عصابات داعش الى إنهاء وجودهم وقتلهم في العراق .
اعتقد وكما يرى الكثير من المحلليين ان تنظيم داعش غير من خطة المعركة في الموصل ، حيث اعتمد في القتال على ابناء المدينة ، وانسحاب الإرهابيين العرب والأجانب ، الى جانب محاولة عرقلة تقدم او تأخير القوات الأمنية في الجانب الأيمن من الموصل ، وبوتيرة سريعة ، وهذا ما يجعل المعركة تسير بهدوء ، حيث يحاول الإرهابيين من مدينة الموصل ، التخلي عن مواقعهم القتالية او التخفي بين المواطنين ، وهنا يطرح المحلليين التساؤل عن الكيفية التي صمد بها التنظيم طوال الثلاث سنوات في العراق ، وما هو الواقع بعد داعش ، حيث تشير كل التوقعات ان التنظيم على وشك الفناء والنهاية ، الى جانب عدم الإفراط في هذا التفاؤل ، فالقضاء على تنظيم داعش سيجعله يظهر في أماكن اخرى ، وبصورة مختلفة وبشكل آخر ، وان من يدعم هذه الفرضية هي الخلافات المذهبية والقومية في البلاد ، حيث ان الضرر الذي احدثه تنظيم داعش في المجتمع اصبح عميقاً ويصعب ازالة آثاره الى جانب الاجندات الخارجية التي تغذي هذا الشرخ بين ابناء المجتمع الواحد .