بعد جدل عقيم لم يفضي الى شيء مع بعض الزملاء في ندوة عقدت لمناقشة مهزلة الرواتب الطوبائية والمبالغ الخيالية التي يتقاضاها اعضاء مجلس النوام .. عفوا النواب العراقي وما يتبعها من جريمة الرواتب التقاعدية التي يساوي راتب شهر واحد منها ما يعادل مجموع الراتب التقاعدي لثلاثين موظف حكومي . وبينما انا مستلقيا على فراشي مرهقا مما سمعت وعرفت عن مساوئ هذا الزمان وفضائح البرلمان بائسا حزينا لما ادركت من هول المهزلة وفضاعة المشكلة متشائما من حل قريب لهذا الواقع المريب . أخذتني غفوة عين واذا انا في عالم الرؤيا جالسا وجها لوجه مع احد الذين فاجئونا وفاجئوا انفسهم كما فاجئوا قومهم وكل من يعرفهم بل وكما تفاجئوا هم حين وجدوا انفسهم بين ليلة وضحاها وفي امر لا ندري ان كان قد دبّر في ليل الأقدار ام على موائد قاسم ابو الكص او سعيد ابو العمبة نائبا في مجلس النواب حيث اتخذ له موقعا ليس بعيد عن زاوية في اخر المكان كي ينام كما يشاء ويحلم بما يشاء ويشخر قدر ما يشاء . وجدته مكفهر الوجه مغبّر مصفر اشعث بائس نحس تعيس يلمحني بعيون ملأها الحقد والكراهية و الوقاحة وبالمختصر المفيد كان الرجل ( غثيث ) بكل ما تعنيه الكلمة . كان الرجل يرتدي ثوبا باليا بلون رمادي عليه بعض بقع الزيت والاتربة وبقايا الطين اليابس على العكس تماما مما نراه عبر شاشات التلفاز حين يظهر احيانا لا سامح الله وهو يرفع يده للتصويت على قانون لا يدري ما هو ولا يدري ان كان رافعا يده مع الموافقين ام المعارضين !! حيث يبدو حينها مبتسما متبسما على حياء انيقا رشيقا متعطرا متحضرا في اللفظ والايحاء خصوصا عندما يقف مع المصطفين خلف من يصرح من على منصة التصريحات كي تقرأ بيانات السب والشتم والطعن واثارة الفتنة والتحريض ضد الأعمار وضد الأصلاح وضد النهوض وبيانات الدفاع عن المجرمين والفاشلين والفاسدين .. ….. توجهت اليه بالسؤال التالي .. سيادة النائب ما هي هواياتك التي لم تعد تمارسها بعد ان اصبحت نائبا .. اجاب على الفور .. الصكلة وسبع حجارات وبيع المكاوية .. اندهشت مما سمعت من مصطلحات لم يألفها اطفالنا في حياتهم ولو سمعوه لتصوروا ان سيادته يتحدث الأنكليزية واردفته بسؤال اخر .. … وما هي اهم المأكولات التي كنت تحبها وتتناولها بإستمرار ولم تعد متوفرة هذه الأيام لديك .. تحسر السيد النائب وترقرقت عيناه بدمع الشوق لما يحب وحرقة الفراق عن ما يعشق ويهوى وقال .. آه لقد سألتني سؤالا يدمي القلب ويحرك الآهات فوالله لم انسى ولن انسى الكوكله والخباز اكلتي المفضلة اما الخبز بدهن وجبتي الأفضل عند الصباح ووقت العصر ناهيك عن الخريط وما ادراك ما الخريط فلا استطيع ان اصف لك طعمه ومزاياه ولا يعرف قيمة الخريط الا من اكل الخريط … هنا تيقّنت ان صاحبنا يتكلم بلغة القرن الماضي وهو خارج الزمان والمكان .. لذلك توجهه بالسؤال الأخير …. .. يقال انك من المعارضين بشدة لمقترح الغاء تقاعد البرلمانيين وتخفيض رواتبهم فما السبب .. اجاب على الفور وقد تطاير الشرار من عينيه .. الا يكفي ما قدمنا من تضحيات جمة وانجازات عظيمة اعظمها واكبرها صبرنا حرماننا من الخريط !!!!