أحب أولادي كثيرا، وأتمنى أن أوفق في تربيتهم بطريقة صحيحة، وان اترك لهم أرثا، من إعمالي الصالحة، وذكري الطيب، ما يجعلهم يفتخرون بي، وكذلك مالا أو عقار، أو في الأقل جاها، يحميهم شر الحاجة إلى الناس. ولكن لم أفكر يوما أن أورثهم ما ليس لي. أو لهم.
هكذا تعلمت من والدي، أن الأولاد، من أهم الأشياء في حياة الإنسان، بعد دينه ووالديه، وهما المحطة الأولى، والأخيرة لتحقيق الأماني والأحلام الضائعة، خلال مسيرة الحياة. وقد كنت اسأل نفسي دوما، كيف ينظر أصحاب السلطان، والحكام، والمسؤولين الكبار إلى أولادهم!؟ ولما هذا الشغف المجنون بتوريث السلطة!!.
سمعت وقرأت كثيرا عن تأثير السلطان، والحكم، والجاه، على نفوس الناس، وللحقيقة لم استوعب كامل الصورة، ربما لأني لم احكم، ولم أكن سلطانا. لكن تجارب الأخرين التي مرت، ولازالت تدور حولنا، ربما جعلت التصور أقرب للذهن.
يحاول الكثير من الحكام وأشباههم، أن يطيلوا حكمهم لأكثر فترة ممكنة، وبشتى الطرق، وقليل منهم من ينجح في إطالة فترة سلطته، من خلال حب الناس، والحكم العادل الرشيد، وإلا فمعظمهم يطيلها بالحديد والنار، والزيف والخداع، والتزوير. كخطوة لتوريث الحكم لأولادهم. هذا ما كان يطبق في نظم الحكم القديمة.
أما في أنظمة الحكم الحديثة، التي تدور ضمن لعبة الديمقراطية، ولان البشر نفس البشر، والسلطان نفس السلطان، فكانت الخطة البديلة، بزرع مقربين في المناصب الحساسة، والمهمة، وفي أهم مفاصل الدولة، أو منح الأولاد، والأصهار، صلاحيات واسعة، ورتب عالية، لا يحدها قانون، لضمان امتداد سلطتهم، وتوسعها، وحمايتها، ولان تلك المناصب تنفيذية، وفي الظل، فلن تتغير حتى لو أخرجوا من الحكم لأي سبب. خطة بسيطة، تجعلهم بصورة الحامي للنظام الديمقراطي، وتتيح لهم الاحتفاظ بمفاتيح الحكم. وتبقى السلطة فعليا بأيديهم. أو في الأقل تكون سلاحا بيده لإفشال من يخلفه في السلطة. إن تم تغييره!!
لنا في تجربة صدام في العراق، وصالح في اليمن، ومبارك في مصر، والقذافي في ليبيا. خير نماذج على محاولات، قبيحة وسافرة، لتوريث الحكم، بشكل سافر أو مبطن. ولكن هل هؤلاء فقط من فعلها!؟إلا يوجد نماذج حديثة مثل هؤلاء!؟ وعلى مختلف المستويات!؟
أيام حكم الطاغية صدام، حيث لا أمل من الخلاص منه أو من حكمه، انتشرت نكته ساخرة، تدور حول رجل كان أسيرا، أو في رحلة، وعاد إلى العراق. ليسمع أهزوجة شعبية تقول “هلا. هلا. بابن حلا”، وحلا هذه صغرى بنات الطاغية!!.
إلا تظنون أن هناك ابنا. لسلطان. يصنع في الطريق!!