23 ديسمبر، 2024 1:25 ص

ابناء الموصل ، هل سمعوا يوما بثورة الحجارة 

ابناء الموصل ، هل سمعوا يوما بثورة الحجارة 

مايجري في الموصل من تهديم  لمساجد ومراقد دينية محترمة عند الجميع ، يثير استغرابا كبيرا لدى كل العالم ، وربما يثير استغرابا اكبر عند العراقيين من اهل الوسط والجنوب ، فلو كان مرقداو مسجد النبي يونس (ع) اوالنبي دانيال اوجرجيس ،(ع) في المناطق الجنوبية من العراق ، فهل ستسطيع داعش او غيرها القيام بذلك ، خاصة وان الامر معلن ، فوكالات الانباء كانت تذكر عن نية داعش بتفجير كل مرقد ، وتذكر الوقت الذي تقوم به ، في المساء ، وبالفعل قامت هذه الفئة الارهابية بنسف الاماكن المقدسة بالوقت المعلن ، وكانت الاخبار تردنا قبل يوم من الحدث الاجرامي ، في بعض الاحيان ، ما يثير الاستغراب اننا لم نجد ردة فعل واضحة من اهالي الموصل ، فهل الاخبار لم تصلهم ، او انهم راضون بما يجري من نسف لتراثهم واثارهم ، وهذا امر مستبعد، ام ان الخوف جعلهم يصمتون  ، ام ان الذهول والصدمة قد جعلهم لايستطيعون التفكير السريع ، المفترض ان تكون هناك ردة فعل عفوية  تحرك ابناء الموصل ، فيذهبون زرافات ووحدانا ليقيموا سورا  بشريا حول هذه المراقد ، لرد داعش عن فعلتها الشنيعة . وان كنا نعرف ان “الدولة الاسلامية “لاترعوي ومستعدة لقتل  كل من يقف بوجها ، ولكن ردة الفعل العفوية عادة لاتفكر بالحسابات المنطقية ، انها ثورة عارمة من الغضب ، تنطلق من غيرة كبيرة على الذات ، وعلى الرموز الروحية .   هناك من يقول ان داعش لاتستطيع البقاء في الموصل ، اذا كانت هناك ردات فعل مستمرة ، رافضة لوجودهم ، ولذلك يبررون صمت اهالي الموصل على مايجري ، على انه نوع من القبول والرضى ، وان كان ممزوجا في بعض الاحيان بالامتعاض ، من بعض حماقاتهم ، الا ان هذا الامتعاض لا يصل الى درجة الرفض المعلن . اذا كان الامر كذلك فنحن امام معضلة اخرى كبيرة ، تتمثل في  ان داعش قد وجدت الحاضنة الكبرى لها في العراق ، وانها ستتوطن  على المدى القريب والبعيد فيه ،  لتهاجم بقية مناطق العراق ، باستمرار . ولكن  منطق الامور ومعرفتنا بان العراقيين جميعا بمن فيهم المصلاوييين لا يبايعون جماعة متشددة ، متطرفة ، بعيدة عن الجو المدني الذي تعيشه المدينة ، الكبيرة والعريقة .    نحتاج الى تحليل لهذه الظاهرة الغريبة على ابناء العراق المعروفين  بالانفعال لامور تمس مسائل الدين والقضايا الروحية وقضايا الشرف ، كان بامكان ابناء الموصل محاربة داعش في الطرقات ، بالقاء الحجارة عليهم ، كما فعل الفلسطينيون في معاركهم مع الاسرائيليين ، كان بامكانهم ان يقودوا حرب شوارع ، مستمرة اذا ماارادوا اخراج الاغراب من مدينتهم ، وهم ادرى بطرقها ومخارجها .. ، اعتقد اننا سنشهد مثل هذه الامور في المستقبل القريب ، وعلينا -نحن بقية العراقيين – ان نساندهم ، وان نوفر لهم ادوات الاستمرارية في هذا الكفاح الذي سيطول ، كلما تاخرت المقاومة  عن الظهور  في هذه المدينة ، فلا يستطيع احد ان ينقذ الموصل ، من خارج ابنائها  .. كما انه من غير المنطقي ان ياتي مواطن اخر من خارجها ليدافع عنها اكثر من ابنائها ، فهل يريد اهالي الموصل التحرر من داعش  الان،  وقبل فوات الاوان ،ام ننتظر لنرى الموصل بعد ايام خالية من كل اثر تاريخي مهم ، فهل حقا سيتم تفجير المئذنة الحدباء ، لا استطيع تصديق ان كل هذا يحدث عندنا في العراق ونحن باقون على قيد الحياة ولا نموت كمدا وقهرا …