19 ديسمبر، 2024 8:22 م

يخرج في كل يوم الى قارعة طريق يقف حيث المارة والزحام عند عبور الجسر كانهم يهتمون مجيئه..

ثم يقول مشيرا إليهم هواجسه:

تطرحني الافكار كمطارق اتخذت من صدغي رأسي سندانين لها كي تعوج به مسامير حقيقة، ربضت هواجسي تتفرج بعد ان اخصيت بكل ما تؤمن، أوجاعها، آلامها فراستها، حتى تخبطاتها كبلت خلف ظهرها، فبانت تتسم الانصات بغصة مغترب او من يجثو على ركبتيه كي يتلقى رصاصة رحمة، تصور في يوم ما أن أحلامه بالانفراج ستبعث من جديد حين خرج يحمل نفحات الحرية كبدلة عروس بيضاء نفية دون ان يلوثها الخبث الذي كان يركن خلف كل زاوية، او ركن في نهار او ليل، لم يعي فكرة ان الحصار لا زال والقيد بات اعور لا يميز بين الشخوص التي قرأت التأريخ على حقيقته دون ان يكون مقلوبا او اخذه نقلا شفاهيا كما هو من مخرفي التأريخ الذي نعيش…

هناك وفي تلك الزاوية المنضوية عن الانظار كان يخبيء له الناقوس مطارق لم يسمع عنها من قبل، تحت الجسر الذي هوى به صاروخ اطاح كبرياءه آخذا ارواح من تسلقوه لحظة في عبور الى الضفة الاخرى، التي طالما كتب عنها وحلمت بها الاجيال وصارت حكاية تروى، قصف كي يمسخ الى الأبد تأريخ نتن، ملئ بقاذورات السلطة ومن يمثلها الى شكل جديد، من يراه يدمي راحتيه تصفيقا، لقد ازيح الستار عن اللات التي عبدت، كُسر العزة بعد ان جاهر بالربوبية، ديس مناص بالنعل، هاهو بيت الله يتحرر، الكعبة تستبدل ستارها.. تزينت السماء بنجوم جديدة، شهق الريح في محاولة تصديق حقيقة كانت خيالا.. رقصت السماء فرحا ومن كثرته امطرت لغسل ذنوب الماضي حين وقف الناس على عرفات جديدة.. لم يظنوا بعد ان لبسوا احرام بوابات الله ان يساقوا في صفوف متراصة كالنعاج الى الذبح بطائفية التأريخ المؤمن بأن الرب الجديد هو ذاته الممسوخ في عالم الحياة المنتنة بقاذورات الجاهلية..

على قارعة الطريق في كل يوم يقرأ بيتا من قصيدة، مفردات حسبها في ذات يوم أنها يمكن ان تسد فاقة، عشق الارض حتى تجذر بها رغم جفاف اوردته من ماء حياة، اينع وجعه اوراق صفراء ما ان تهب عليه مسميات حتى تقتلعها.. يرتطم كثيرا بجهالة الوجوه، فيعمدون الى كسر اغصانه المتيبسة.. يتهالك شيئا فشيئا، يعكف بلعق جرحة كالحيوان، مستهينها بالألم، فالامر اكبر من جراحه ومن مومسات اصطبغت الألوان واحة للعهر على قارعات طريق، جعلت من كل ركن وزاوية فزاعة لمن لم يستيقظوا بعد من صورة المسخ الاول، تلك التي نَمَت بداخلهم وصارت هاجسهم الاعور الذي لا ينفك يبيد بهم كالذباب برذاذ مستحضر مستورد، مدعيا ان التجديد يبدأ بالشعب من الاسفل الى الأعلى، غير متناسي انه قد ركب طود بهالة إله نصب نفسه بخباثة.. ترامى بين من صاروا معه منفعة كأخوة يوسف… اقصوه لكي ينفردوا بما ظنوه عرشا في كنف نبي الله الذي هو ادرى بصورهم الممسوخة.. لم يعي كل من يراه انه بات محظيا دون موسيقى، يرقص مع الاوجاع لتزداد تقرحا، يأتي من يُعَمد بماء المسيح الى بترها خوفا من وباء يستشرى في باقي بدن.. هكذا فعلوها بحجج سياسية.. من يشهدها قريبا يأمر بذبح كبش فداء.. ومن على البعد يكفية ان يكون هو كبش الفداء.. فعالم تلوكه المآسي ويتصارع في الجنوب من العالم كنقطة بداية لأحلام الرب الواحد الذي آمنوا به، انه الرب الذي يحرم الحلال ويحلل الحرام بطريقة لحم الخنزير، ثم في حظائرهم يربونه كالطفل المدلل يداعبوه في مستنقعه الآسن واشداقهم لا تكاد تسكن، كم هو بيت ممل من قصيدة خرفة… رددتها ولا تمل انت من تكرار مفرداتها التي اصبحت كعجوز خرفة.. تمسك بسبحتها لتقول في كل لحظة حسبي الله ونعم الوكيل..

فيأتي الجواب.. بفرط حبات سبحتها حين أمسكوا حقا ان الرب الذي يعبدون لا يؤمن بالتسبيح، بل يؤمن بالتدليس.. مالكم لا تفقهون ان الله قد نزع عنكم وجوه الطهر والبسكم اقنعة عاهرين ، كلكم ايها المسوخ ابناء ابليس الذي طلبكم من الله ان تكونوا اسياد مسلطين على رقاب العباد.. فلا تتذمر ايها الساعي الى العيش كجرذ في مجاريرهم.. فحتى هي قد رقنوها كشهادات تخرج جديد لأجيالكم القادمة، هيا اعبثوا

بالخزعبلات، سيروا حيث تشاؤون فكل خراجكم يعود لهم هكذا هو قانونهم.. كلكم للمسوخ والمسوخ لأبليس.. دعوا كل البيادق تقف دون حراك حتى يأتي من بيده اللوح العتيق ليحرك ساكنا يقلب عاليها سافلها هكذا قلبت الحياة منذ بدايتها ارهق الدم من اجل غيرة وغريزة.. وسيعود للحياة كما سميت بحار من الدماء وإلا كيف تغمر اليابسة يثلاثة ارباعها ما لم يكن في النية الطوفان الاحمر للمبعوث المغيب، الذي سيغمرها رغم العباءات السوداء التي حرم الله.. ورغم الجياع والفقراء، ورغم بيوت الله الذي لا يعبد بها بعد الآن .. بعد ان تخوزق حتى مؤذنيها بتصنيف الآذان.. اما أئمتها فباتوا تجار حور عين يعبرون على الافلاك مصورين جنان الفردوس، يأخذون مواثيق من الرب الجديد، ليسكنوا من يرغبها الناس والحجارة اعدت للمؤمنين بعناوين الدين افيون الشعوب…إننا يا بيادق الزمن الجديد عاهات الله على الأرض .. فحري بنا ان نلبس الريش تفاخرا كالنعام نطمس رؤوسنا، نكشف عوراتنا تفاخرا وليس خزيا لمن يريد اللواط بكل مقدراتنا، فعهدنا بقوم لوط ليس ببعيد، ولا نعول على دين محمد وقد صنفه الله ونزهه عن كل المخلوقات بقوله وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل.. دعونا نعوم برذائلها ونسير خلف عازف الناي، الى تلك المطارق حاملين الحقيقة الموجعة بأننا ابناء الله الضالين على ارضه.

أحدث المقالات

أحدث المقالات