23 ديسمبر، 2024 12:08 م

ابغض الحلال يفتك بنا

ابغض الحلال يفتك بنا

حين قررت ان اُجري  دراسة عن  حالات الطلاق الناتج عن الزواج القسري في عدد من محاكم بغداد ، وحيث قمت بزيارات ميدانية لعدد من محاكم بغداد فوجئت،، فثمة حكايات وقصص أغرب من الخيال.. عن الإرغام وإكراه الأبناء صغار السن  وكبار السن على حد سواء على الزواج، فهناك وفي محكمة الاحوال الشخصية في الكرادة  طفلة عمرها ثلاثة عشر عاما تشكو أهلها الذين اجبروها على الزواج من عامل يكبرها باثني عشر عاماً وحرموها من الدراسة بالرغم من فقر العريس الذي يفوق فقر أسرة الفتاة وهي الان ترفع دعوى تفريق قضائي . وفي محكمة الاحوال الشخصية في بغداد الجديدة أخرى ذات ستة عشر ربيعا وتعمل خادمة أبلغت مخدومتها بنية والدة الطفلة تزويجها دون إرادتها وقد تزوجت بالفعل بناءا على رغبة والدة الطفلة وهي الان تريد الانفصال. وفي محكمة الاحوال الشخصية في الكرخ  طفلة أخرى ولكنها من أسرة ميسورة  والدها متوف وكانت والدتها ترغب  في تطبيق التقاليد المتعارف عليها بزواج الفتيات في سن مبكرة أقل من السن القانونية وقد تزوجت الا انها لاتستطيع الاستمرار وتريد الانفصال . وفي محكمة الاحوال الشخصية في البياع مدرس يرفع دعوة طلاق ضد زوجته التلميذة في سن الرابعة عشرة جرى التحايل لتكبير سنها. و يفشل خال في منع زواج ابنة أخته القاصره التي ارغمها والدها على الزواج من احد اصدقائه وهي الان ترغب في الانفصال . إنه الزواج القسري للفتيات والقاصرات.. جرائم متتالية وانتحار دائم يرتكب بسببه ناهيكم عن جرائم الشرف والتي من خلالها يتم الاجبار على الزواج للتخلص من عقوبات قانونية ولمنع وقوع الثار العشائري واخرى التقيتها  في محكمة الاحوال الشخصية في بغداد الجديده تعرفت على شاب في احد مواقع التواصل الاجتماعي ونشات علاقة عاطفية بينها وبين ذلك الشاب الى ان عثور والدها على اتصالات ورسائل في موبايل الفتاة مما دعا والدها على ارغامها على الزواج من ابن عمها الذي لاتطيق رؤيته على حد قولها ولكنها ارغمت وتزوجته وهي الان تتطلق منه  .. هذا وغيره من خلال زيارتي لبعض محاكم بغداد عن حالات الطلاق الناتج من الزواج القسري الا اني قد اوقفتني بعض الامور فاحترت وجعلتني افكر باختيار تعريف مناسب لهذه الظاهرة السلبية والمخيفة والتي بدأت تكبر شيئا فشيء وتتسع وتخلق فجوة كبيرة وهي
ظاهرة الزواج القسري وهي ظاهرة غير جديدة ومن المفترض أن تكون قد اختفت أو انتهت أو انقرضت أو على أقل تقدير قلت أو ندرت ولكننا نراها تمضي في سبيلها بل أنها تزداد في بعض المناطق خصوصا الشعبية .. ففي الوقت الذي نطالب فيه بأن تقرر المرأة مصيرها، وأن حياتها لابد أن تكون ملكها وهذا هو الأمر أو الوضع الطبيعي الذي كفله لها الدين والقانون والدستور نرى أنها تعاني تسلط الرجال (الآباء والإخوة وأحيانا الأمهات والأقارب) الذين يفرضون عليها زواجا معينا لمجرد أنهم رأوا ذلك أو قرروه. وليس مهما أخذ  رأي أو موافقة الفتاة مثلما يحثّ الدين على ذلك ويقر الدستور ذلك. وإن كانت أغلب الموافقات في هذه الحالات صورية وغير حقيقية وكاذبة ومن محض اختلاق الأهل.
والزواج القسري زواج مدبر غير قانوني وغير ديني لأنه لم يستمع إلى صوت الله وصوت الدين في مثل هذه الأمور لأنه إجبار فتاة لا حول لها ولا قوة علي الزواج ممن لا تريد ولا ترغب ولا تحب ولم يترك لها حقها الإنساني في أن تعيش بعيدا عن العادات المتوارثة التي لا تمت للدين بصلة أبدا قدر اتصالها بالتزمت والتخلف.