23 ديسمبر، 2024 7:13 ص

ابعاد الستراتيجية الامريكية الجيدة تجاه ايران

ابعاد الستراتيجية الامريكية الجيدة تجاه ايران

اعلن في واشنطن ان مجلس النواب الامريكي قد صوت على فرض عقوبات جديدة على برنامج الصواريخ البالستية الايراني وحزب الله المدعوم من النظام الايراني
وفي المقابل تصاعدت حدة التصريحات الايرانية تجاه الولايات المتحدة . حيث تم الاعلان على مواصلة ايران تطوير منظومتها الصاروخية . كما صرح احد قادة الحرس الثوري ان امريكا لاتفهم سوى لغة القوة
ويأتي هذا التصعيد في الخطابات والاتهامات المتبادلة بين الطرفين على اثر خطاب ترامب وستراتيجيته الجديدة حول الاتفاق النووي الايراني
حيث اعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب انه لن يصدق على التزام ايران بالاتفاق النووي المعقود بين الدول الخمسة + واحد مع ايران قبل عامين . واعتبر هذا الاتفاق من اسوأ الاتفاقات التي لم تجن الولايات المتحدة اية فائدة منه . كما عرض ستراتيجيته الجديدة تجاه ايران . وبالرغم من انه لم ينسحب من الاتفاق الا انه ربما سينسحب منه اذا اخفقت الجهود لمعالجة اوجه القصور فيه ، على حد قوله . وقد هاجم ايران لممارستها الارهاب في المنطقة . كما وجه الخزانة الامريكية لفرض عقوبات صارمة على الحرس الثوري الايراني كمنظمة ، وعلى قادته وخلاياه

ان التهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة الامريكية وكوريا الشمالية حول البرنامج النووي للاخيرة قد اثرت على قرار ترامب هذا ، حيث ان الرئيس الامريكي لم يستطع فعل شئ تجاه البرنامج النووي لكوريا الشمالية . وبالتالي فانه ربما لن يستطع فعل شئ تجاه ايران في حال نقضه للاتفاق النووي معها . . كما ان المانيا وفرنسا وبريطانيا اوضحوا ان الاتفاق النووي مع ايران يحقق مصالحهم الحيوية وانهم لايعتزمون الغاءه . كما اعلنت كل من روسيا والصين مواقف متشابهة من هذا الاتفاق . وبذلك اصبح ترامب في موقف صعب للبت في هذا الاتفاق . . وقد احاله الى الكونغرس للنظر في مدى التزام ايران ببنوده ، وعندئذ يقرر مدى الاستمرار بالعقوبات على ايران من عدمه خلال فترة شهرين
وفي معرض خطابه عن ستراتيجيته الجديدة ، وصف ايران بانها دولة راعية للارهاب في المنطقة وتزعزع الامن والاستقرار فيها من خلال الحرس الثوري وانصاره
ويبدو اننا سنشاهد ستراتيجية جديدة للولايات المتحدة تجاه ايران بعد ان كانت الادارة السابقة لاوباما قد غضت النظر عن كثير من الممارسات الايرانية في المنطقة خصوصا في سوريا والعراق . وربما كان ذلك السكوت مقابل توقيع ايران لاتفاقية البرنامج النووي
ان ستراتيجية ترامب الجديدة لاتعني وقوع حرب وشيكة في المنطقة رغم ان ذلك غير مستبعد كليا . والسبب في ذلك ان لايران اذرع ومنظمات منتشرة في العالم وان المجابهة المسلحة المباشرة معها سوف لن تكون لصالح الولايات المتحدة . وعوضا عن ذلك ستقوم الولايات المتحدة بمضايقة ايران في الخليج العربي وفي سواحل اليمن . وسنشهد ردود فعل قوية اذا ما اقدمت ايران على التعرض للاسطول الامريكي في بحر العرب ايضا . كما ستقوم الولايات المتحدة تدريجيا بالاشراف على الحدود العراقية السورية لضمان منع تدفق الدعم الايراني الى سوريا وحزب الله في لبنان ، بعد التخلص من داعش في هذه المنطقة ، وتعزيز تواجدها في منطقة البادية بين العراق وسوريا
ان الحرب الباردة القادمة بين الولايات المتحدة وايران ستلقي بضلالها على الوضع السياسي والامني في العراق لان العراق يمثل جبهة مثالية لكلا الطرفين . خصوصا وان الولايات المتحدة الامريكية سوف لن تتنازل عن العراق ، بعد ان تم استبعادها عن الساحة السورية والتي اصبحت بحق بيد روسيا الاتحادية التي لديها اوراقا اكثر للعب فيها بالمنطقة . يضاف الى ذلك موقف تركيا المشاكس من الولايات المتحدة نتيجة دعم الاخيرة للاكراد في سوريا والتي تراها تركيا منظمات ارهابية قريبة من حدودها الجنوبية . ثم ذهاب تركيا الى التحالف الروسي الايراني في سوريا فاصبحت اقرب للاطروحات الروسية لموضوع حسم الحرب الدائرة هناك

بالرغم من استبعاد الحرب بين الولايات المتحدة وايران الا اننا ربما سنرى تدخل المخابرات المركزية الامريكية لاثارة المشاكل في الداخل الايراني او اماكن تواجد حلفائها في سوريا ولبنان
كما ان العقوبات الامريكية على الحرس الثوري ستؤثر كثيرا على نشاطاته في المنطقة
ان هذه العقوبات ستكون فاعلة فقط اذا ماتماهت اوروبا معها حيث ان هناك شركات اوروبية كبيرة لها تعاملاتها بمليارات الدولارات مع ايران ومع الحرس الثوري الايراني ايضا . وان توجه امريكا الجديد لمزيد من العقوبات على ايران سيحرم هذه الشركات من جني فوائد الاتفاق النووي وبالتالي سوف يصعب على هذه الشركات التجاوب مع العقوبات الامريكية الجديدة
وعلى العموم فاننا سنشهد تدريجيا مواقف متشنجة بين امريكا وايران كما سنشاهد تصعيد اعلامي بين الطرفين . اضافة الى تنفيذ مهمات خاصة تجاه المنظمات الموالية لايران في المنطقة . ولعل من اصعب الامور تعامل امريكا مع الميليشيات العراقية الموالية للحرس الثوري الايراني ، والمتواجدة على الارض العراقية لانها ستصطدم مع عناصر من الحشد الشعبي ايضا
ورغم ان وزير الدفاع الامريكي ماتيس قد صرح بانه يراقب الاستفزازات الايرانية في المنطقة ليتم معالجتها على ضوء الستراتيجية الجديدة للرئيس الامريكي ، الا انه لم يفصح عن طبيعة هذه المعالجة وعما اذا كانت ستؤدي الى صدام مسلح لاتحمد عقباه حيث سيكون العراق محور هذا الصدام وبذلك يكون العراق الخاسر الاكبر سواء من الاحتلال الامريكي ابتداء او من النفوذ الايراني الذي اضعف الدولة العراقية كثيرا ، واخيرا وليس اخرا من تصفية الحسابات بين الطرفين الطامعين بارض السواد . وقد صرح وزير الخارجية الامريكية عشية زيارته الى العراق بضرورة التخلص من الميليشيات الايرانية في العراق ، وربما كان يقصد بعض الميليشيات العاملة تحت اسم الحشد الشعبي والموالية لايران
ان امريكا تنتظر انتهاء الحكومة العراقية من داعش لتضغط عليها من اجل استبعاد العناصر المسلحة الموالية لايران في العراق . وقد صرح رئيس الوزراء العراقي انه يريد التخلص من كل المظاهر المسلحة خارج الدولة . ان هذه المهمة ربما ستكون اصعب من مهمة التخلص من داعش . حيث ان ايران تقف وراء هذه الجماعات المسلحة وتدعمها الحكومة العميقة الموالية لايران في العراق . وهي تنتظر الظروف الملائمة لتعود الى سدة الحكم بدعم ايراني واضح ، خصوصا وانهم قد اعدوا مفوضية غير مستقلة للانتخابات لتسهيل هذه المهمة . ولكننا نعتقد ان مسعاهم هذا سيخيب ازاء التطور السريع للاحداث ، ورغبة امريكا الجديدة في تهدئة الوضع ليس في العراق فقط بل وفي عموم الشرق الاوسط ، بعد تقليم اضافر ايران في المنطقة