23 ديسمبر، 2024 6:26 م

بالغلط والسهو غير المرجوع للطرفين نطلق تسمية “دولة المكونات” على ما انتجته ماكنة بريمر من صيغة سلطة بعد عام   2003. لا احد من ابطال المكونات الذين برزوا  كـ”حماة حمى” يعترف بذلك. طبقا لقياساتهم فان ما اقاموه لم يكن سوى دولة المواطنة النموذج طالما ان المواطنة والقانون والوطنية والمواطن تتصدر شعاراتهم وبرامجهم. هم اختزلوا المواطنة بالمكون والدولة بهم. نجحوا في اقامة سلطة تحميهم من اية ملاحقة لان القانون لايشملهم. فالقانون يمشي مع الدول لا المكونات التي تتولى حماية  ابطالها حتى لو حملوا اكثر من جنسية. يعيثون  في الارض فسادا بواحدة ويحتمون من كل هيئات النزاهة بواحدة اخرى. النزاهة هي الاخرى نزاهة مكون لا دولة. المكون يتصدر كل شئ فيما تتراجع الدولة الى الخلف. والحل الوسط هو الحكومة التي تبسط اذرعها عبر السلطة والمال والنفوذ لا القانون والدستور والنظام العام.  
 فشل دولة المواطنة اتاح الفرصة لابطال المكونات تقدم الصفوف بحثا عن استحقاقات التوازن الذي سرعان ما يختل عندما لاتكون فرص التوظيف متساوية حتى تحولت الوزارات والمؤسسات والدوائر اسلافا عشائرية تحكم طبقا لرؤية “الفريضة” لا القانون ويتحكم بها مجلس العشائر والوجهاء لا مجلس الادارة او هيئة المستشارين. غالبية ابطال المكونات مفوهون لغويا. يتلاعبون بالمفردات ويمطون العبارات ويستدعون التاريخ. اللغة لا المنجزات ميدانهم الواسع لتسويق خطاب مفارق لمعناه. هم يتشبثون بالمكون نصا وروحا ويتمشدقون بالمواطنة كلاما منمقا مقرون بابيات من الشعر الفصيح وربما ايات من الذكر الحكيم. اللغة  تشتغل في مثل هذه الاحوال لان الفضاء لغوي  بامتياز. هوسة من هنا واهزوجة من هناك. عد عيناك من هنا وانت سالم من هناك كافية لان تمد الحروف باتجاه المجهول بحثا عن دلالات خارج السياق.
 الولادة الاولى والاخيرة لمفهوم المواطنة تجسدت  في اول وزارة عراقية  اوائل عشرينيات القرن الماضي حيث اقصي المكون لصالح الوطن, فكان ساسون حسقيل اليهودي مكوناتيا اول وزير مالية في تاريخ العراق. مفردة “تحسقلها” لمن يلتزم بشروط صارمة بانفاق الاموال منحوتة من اسمه في صياغة لغوية بارعة من حيث الداول والمدلول. لم تكن قد ولدت بعد فكرة الوزارات السيادية التي احتكرتها المكونات فيما بعد. ولم يظهر عندنا وزير بمستوى حسقيل بعد ذلك.لامشكلة لدى ابطال المكونات. فحين لم يتمكنوا من انتاج وزير فان الوزارات تدار بالوكالة لان الخلاف يدور حول المكون لا الوزراء الذين يراد انتاجهم حسب وصفة المحاصصة لا المواطنة.  
 ابطال المكونات  يظهرون في الازمات  ليس بوصفهم رجال دولة بل ابطال يذودون عن حمى العشيرة والعرق والطائفة في معركة المصير الواحد. لايهمهم افتعال الازمات لا لشئ الا لكي ترتفع اسهمهم في اسواق التداول العرقي والطائفي الممنهج. ابطال المكونات يقتاتون  على الام الفقراء والارامل والايتام وسكان العشوائيات والمهجرين قسرا. لاينامون الليل قبل ان يطمئنوا لا على الرعية او عنزة في اعالي الفرات.. بل على الحاشية والحبربش وربما الزوجات الاربع طبقا للشريعة او .. ماملكت الايمان.