في بطولة كأس العالم عام 2006 أحرز اللاعب البولندي الأصل هدف الفوز للمنتخب الألماني في مرمى فريق بولندا. لكنه لم يحتفل به، وصرّح لاحقا أنه كان حزينا، لأن قلبه يدق لبلده الأصل بولندا. ورغم ذلك شنّت الصحافة البولندية حملة شعواء عليه، وصلت في بعض الصحف اليمينية للمطالبة باعتباره خائنا لبلده. هذا رغم أن اللاعب وصل إلى ألمانيا لاجئا مع عائلته هربا من القمع الشيوعي في بولندا آنذاك. لم يكن والده لاعب منتخب، كما هي حال والد بسام الرواي، وربما لم يكن والده مهتم أساسا بكرة القدم. لكن وطنية ووعي كلوزه قاداه لاحترام مشاعر البولنديين. أما بسام الراوي فلم يكتف بالاحتفال بلحظة إحرازه للهدف، بل ظهر وتعابير شماتة واضحة على وجهه، وهو يشير إلى علم قطر في قميصه، وكأن يريد توجيه رسالة للشيخ حمد أو ابنه أو إلى الجمهور العراقي. لقد كان رسالة شماتة واعية أو ربما هي لحظة للبرهنة على أنه لم يعد عراقيا، بل وسعيد بأن يحرز هدفا في مرمى بلده الأمّ. والسؤال هو ماذا كان سيحدث لو أن اللاعب ميروسلاف كلوزه قد احتفل بهدفه، والجواب ما كان ليحدث شيء، لأن ألمانيا هي التي منحته فرصة التفوق، لكن والد بسام الراوي كان لاعبا في المنتخب العراقي أيضا ولا شك أن ذلك قد جلب للوالد مشجعين ومال ولاحقا فرصة العمل في قطر. لولا الفرصة التي أُتيحَت للأب لما تمكّن الابن من لعب كرة القدم أساسا ربما. وبهذا فإن بسام الرواي مدين للعراق لأنه هو الذي منح أباه الفرصة لدخول كرة القدم أساسا. وكان يجدر به وبعائلته عدم نسيان ذلك، لكنها الريالات والاستعداد لعمل أي شيء في سبيلها، كما أن ذلك نقص انتماء للوطن. المسؤول عنه اللاعب وعائلته ولكن الدولة العراقية أيضا مسؤولة عنه، لأن في سلوك بسام دلالة على فشل الانتماء للعراق، رغم كل الفوائد التي حصلت عليها عائلة بسام الرواي منه.
وقد يقول لي قائل إن بسام مجرد شاب متحمس، فأقول أتفهّم هذا لكن من الواضح أن فعله كان ناجما عن قناعة وليس مجرد لحظة عفوية. ومع ذلك كنت أتوقع أن يعتذر الأب لاحقا أو يحاول التخفيف من سلوك ابنه الشائن أو أن ينأى بنفسه عن سلوكه، لكن ذلك لم يحدث. لكن المفرح في الموضوع أيضا هو ردّة الفعل العراقية عليه، فرغم الغضب من تصرف بسام الشائن، إلا أن هناك قبولا كبيرا لمبدأ لعب بسام في صفوف منتخب آخر، وكان الاعتراف فقط على طريقة احتفاله الشامتة بالعراق. حتى لاعبي المنتخب العراقي عاملوه بأخلاق وبلطف ولم يظهروا أي عدائية تجاهه. وفي الحقيقة يمكن أن نقارن هنا بين ردّ الفعل الغاضب جدا للصحافة البولندية تجاه ميروسلاف كلوزه الذي أحرز هدفا ولم يحتفل به، وبين شماتة بسام ببلده، لنتأكد بعدها أن ردّ فعل الجمهور العراقي والصحافة العراقي كان متسامحا بصورة كبيرة. لقد قيل في الإعلام العراقي إن احتفاله لم يكن مناسبا، لكن هذا كلام عام، فالحقيقة أن الجميع رأى وشعر بابتسامة بسام الشامتة بالعراق، وعلى هذا كان الاعتراض الحقيقي.