18 ديسمبر، 2024 10:02 م

إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ

إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ

ان المناشدات التي اطلقتها الفصائل المقاومة للمشاركة في تظاهرة جماهيرية اثر الاعتداء السافر للولايات المتحدة الامريكية على سيادة العراق واستجابة هذه القوى لها بلاشك خطوة اولى وصحيحة لوحدة الصف لان وحدة العراق الداخلية يجب أن تبقى عنصراً ثابتاً في أي إنتاج للسياسات في هذه الظروف الصعبة وتستدعي وحدة الموقف وتغليب المصالح العليا للبلاد والحرص على سلامته وأمنه واستقراره والحفاظ على سيادته الوطنية التي يحاول أعدائه إختراق وحدة كتله, وتفكيك وحدة أطيافه, وخلق فجوات تتسع لتمرير مخططاتها ونواياها ، ودفع العراق لحافة هاوية التقسيم واشعال الفتن لنشوب حروب طائفية عن طريق تشجيع الاقلمة والسعي لتقسيمه إلى مسمياتها،كما يجب أن يكون اعتماد العراقيين على أنفسهم ليكونواعنصراً آخراً في المقاربة الوطنية التي تجمع ولاتفرق وتوحدهم على حب بلدهم وتعزز الانتماء لهم وعلى التفاني في العمل لرفعته لان رفعته هو رفعة لكل إنسان في المجتمع.

من دون ذلك فإن أحداً لا يُمكنه أن يضمن بأن يصبح المستقبل أفضل من الحاضر، بل لا أحد يُمكنه تصوّر المآلات، والعواقب السالبة والمؤامرة على العراق كبيرة حيث ترعرعت وتمددت وتضخمت في الشارع بعد زرع العصابات التخريبية بين المحتجين السلميين ومستمرة لدعم الإرهاب والتعاطف معه من قبل الولايات المتحدة الامريكية عن طريق سفارتها بطرق مختلفة وتتطلع الى استمرار المعركة في البلاد وتدمير البنى التحتية فيه بالكامل لتحقيق الاهداف التي تصبوا اليها بالاستحواذ على خيرات ونفط البلاد والسعي لزعزعة الاستقرار والأمن وليست الأسباب الأمنية كما تدعي تجعلها تريد البقاء أكثر في العراق فقط وجميع هذه المعطيات تدل على نية امريكا بتخريب العراق لصالح مطامعها و هناك مصالح اقتصادية كبيرة مهمة وخاصة في المناطق الغربية من العراق بعد اكتشاف اكبر الحقول للغاز فيها و الإبقاء على قواعد في دولة ذات موقع استراتيجي مهم .

اذاً لا داعي لوجودها بحكم هذه الاطماع ولانها تمثل خنجر في خاصرة دول المنطقة وأن تفرض أجندتها ورؤاها على المشهد السياسي، بغية تحقيق أهدافها وتسمح لعرابيها في الصعود الى السلطة للسيطرة على امور البلد والمشاركة الفعالة في ابقاء نار الفتن التي تضرب المنطقة بسبب جهلها وقلة إدراكها للواقع المجتمعي والديني و تحاك في وضح النهار،وأمام الجميع دون استثناء.

على الجميع اليقضة والتعامل معها بحذر وعلى الرغم من ان خروجها لن يكون أبداً سهل و تكاليفها باهظة في حال الإصرارعلى رحيل هذه القوات دون التفاهم بين المكونات السياسية وتوحيد كلمتها ولانها سبب كل ألازمات و تحاول عرقلة كل الجهود وايقافها، ومن كان حريص على أرضه وقضيته يجب أن يبقى مع شعبه في خندق واحد مهما كانت الصعاب ومن تحجج بحجج واهية سيخسر وسينتصر أبنائه الصابرون(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) 10 زمر: ولا محال .لذلك ليس أشدّ خطراً على الامم وعلى استِقرار المجتمعات سوى اختِلافِ الكلمة، وتنافُر القلوبِ، وتنازُع الآراء.

يتعاظم الشعور بالمؤامرة فى أوقات بعينها وبعد إلادراك بالفجوة الرهيبة التى تفصلنا عمن سوانا و تلك الفجوة التي نكون في أَمَسِّ الحاجة إلى هدمها دون أن نلقي على عاتقنا بمهام وأعباء ثقيلة ولعلنا اذا فكرنا بوجود مؤامرة يعفينا من الشعور بالتقصير، ويقدم لنا فرصة جيدة للتأسي على حالنا، فالآخرون لا يريدون لنا التقدم أبدا، الآخرون يعرقلون خطواتنا، ويحرموننا من النهوض واذا كان النزاع سببا للفشل، وذهاب الريح، وتسلط الأعداء، فإن من أهم الامور التي يجب ان تسعى الى النصر: الاجتماع، ووحدة الصف، وخنق الاختلاف والتنازع لان عاقبتها الفشل والخسران، والتعاون والوفاق سبب للفوز والنجاح .

مما لاشك فيه فأن الوحدة اذا تحققت بين الامة عاشت في قوة ومنعة، يهابها أعداؤها، ويحفظ لها قدرها، ولا يجرؤ أحدٌ على تدنيس حرماتها وليس من شك من كون ان تحقق الألفة بين أفراد المجتمع وانتشار التعاون بينهم لتؤدي إلى الترابط في الوطن الواحد وتذكي في الأفراد روح التفوق والرغبة في إظهار ما لديهم من قدرات تساهم في نمو وتطور الوطن ، وحمايته الوطن وأفراده من الأفكار المنحرفة والاتجاهات المضللة و تورث القوة والعزة على مواجهة التحديات. لذلك كانت وحدةُ الكلمة سبب كلِّ خيرٍ، والفُرقةُ والخلاف سبب كل شرٍّ.

ليس مخرجًا من الفتن إذا استحكمَت، والبلايا إذا ادلهمَّت ،إن تحقق الإخاء بين جميع طبقات الشعب، ووحدة صفهم وقوتهم، يحصل به مهابتهم في عيون أعدائهم، ويحقق لهم منعة وعصمة من أن يطمع فيهم أعداؤهم، أو يجترئوا على استباحة حرماتهم والعدوان عليهم، أو يُقدموا على النيل منهم.

ولا شك أن هذا يتطلب أن نكون على قدر المسؤولية، وهناك حقيقة ربما تغيب عن البعض ألا وهي أن بناء الأوطان وعمارتها لا تتأتى إلا عبر بناء الإنسان و لها صلة وثيقة بطبيعة القيم السائدة أو المراد إنتاجها في كل حضارة ونظام، على نحو نشهد فيه نوعاً من التسابق وتحقق المصالح الفردية والخاصة، وتغليب المنجزات المادية، والاصطباغ بقيم الحرية في كل سلوك وتوجهات الإنسان الذي يحيا في ظل الثقافة الوطنية والمجتمعية بالمعتقدات والقيم والتعبيرات التي هي محصلة ما هو موجود في المجتمع فعلاً، لانتاج للواقع الذي يعيشه هذا المجتمع، و حقيقة اجتماعية معاشة ومشاهدة القوميات وألاديان والمذاهب والمعتقدات كونته وتكونت فيه على إمتداد الاف السنين وحتى لا تكون عرضة للفتن.

باعتباره محور البناء ومرتكز أي إنجاز حضاري -حسب رؤيتها للوجود وبما يتفق والقيمة العليا التي تتبوأ رأس الهرم لديها، فهي -وإن اختلفت في الرؤية أو المنهج – تتفق على أن بناء الإنسان هو جوهر بناء الحضارة ذاته وهو الثروة الحقيقية للأوطان و الدرع المنيع والعين الساهرة للبلدان، إنه الإنسان محور النهضة وأساس الرقيّ، ومولِّد الطاقة والصناعة، فكل ما في الوطن جماد عدا هذه السواعد البشرية التي قد تكون معينًا على بِنائه، وقد تكون سبباً لدماره!