7 أبريل، 2024 12:47 م
Search
Close this search box.

إيران و القضية الفلسطينية

Facebook
Twitter
LinkedIn

عند نجاح الثورة الايرانية عام 1979، کان الرئيس الراحل ياسر عرفات في طليعة المهنئين بنجاحها، مثلما أن الشعب العربي الفلسطيني کان من أکثر الشعوب العربية و الاسلامية فرحا و إبتهاجا بهذه الثورة خصوصا بعد الإشارات القوية التي إطلاقها من طهران بشأن تغيير إستراتيجي في العلاقات الايرانية مع العالم لصالح القضية الفلسطينية.
القضية الفلسطينية التي تروي مأساة شعب زعم الکثيرون أنهم تبنوا قضيته او انها”قضيتهم المرکزية”او”المصيرية”او”المبدأية”، لکن هذا الشعب لم يقبض شيئا من کل هؤلاء سوى الشعارات البراقة و المزايدات السياسية التي کانت تخفي بين طياتها أهدافا و غايات أخرى لاعلاقة لها بالمرة بالقضية الفلسطينية، وإعتقد الشعب الفلسطيني و الشعوب العربية الاخرى برمتها بأن القيادة التي أمسکت بزمام الامور في طهران و التي تجسدت في آية الله الخميني، سوف تنصر الشعب الفلسطيني و تقدم دعما حقيقيا يختلف تماما الاختلاف عن ماسبقها.
واحدة من أهم و أعقد العقبات التي کانت تعترض طريق و مسار دعم القضية الفلسطينية، أن کل عاصمة من العواصم التي کانت تستقبل الراحل عرفات او أي قيادي فلسطيني آخر، فإنها کانت تريد فرض إملائات و شروط خاصة عليها مقابل ذلك الدعم، وان الذين يرفعون عقيرتهم ليل نهار بإنتقاد ماتمخض عن اوسلو، فإنهم يحاولون حجب الشمس بغربال او ينفخون في قرب مثقوبة، لأنه قد طفح الکيل بالشعب الفلسطيني و أراد أن يضع حدا للمزايدات و المتاجرات الرخيصة بقضيته الوطنية، ومع اننا نؤکد هنا بأن الزعامات العربية لم تحقق شيئا ملموسا على أرض الواقع للقضية الفلسطينية و الحقت ضررا بليغا بها، لکن و الحق يقال انها لم تلحق ضررا فادحا کذلك الضرر الکبير الذي تم إلحاقه بالقضية الفلسطينية من جانب القيادة الدينية الايرانية و التي لاتزال آثارها المدمرة ماثلة للعيان.
الضرر الکبير الذي ألحقته القيادة الدينية الايرانية بزعامة آية الله الخميني، قد تجلت في تمزيق وحدة الصف الفلسطيني و إحداث شرخ کبير فيه بحيث من الصعب أن يتم لم الشمل و العمل على وحدة الکلمة بين الفلسطينيين خصوصا مع بقاء تأثيرات و ظلال النظام الديني الايراني على القضية الفلسطينية، والحق، أن زعامات العربية قد حاولت و بذلت مساعيها من أجل خلق زعامات و تنظيمات فلسطينية تنافس الراحل ياسر عرفات او منظمة فتح، لکن کل تلك المحاولات و المساعي بائت بالفشل، لکن القيادة الدينية الايرانية التي قامت بإستغلال العامل الديني و وظفته على أحسن مايکون، نجحت فيما فشل فيه الاخرون، وقدمت لإسرائيل و على طبق من ذهب خدمة استراتيجية کانت دائما تحلم بها و يصعب عليها تحقيها.
القضية الفلسطينية التي إرتبطت بالقيادة التأريخية للراحل ياسر عرفات و بمنظمة فتح التي تعتبر کالنبع الرقراق و الاصلي للقضية، وهي في کل المراحل بقيت صامدة بقوة بوجه عواصف المخططات و المؤامرات و أثبتت بأنها الاخلص و الاوفى و الاقرب للشعب الفلسطيني و قضيته تماما کالرئيس الراحل الذي أفنى حياته کلها من أجل تلك القضية و بقي صامدا على موقفه المبدأي حتى قضى نحبه شهيدا، وان الذي يحز في النفس ان القيادة الدينية الايرانية و بدلا من تقديمها الاعتذار على الضرر الکبير الذي ألحقته بالقضية الفلسطينية و بشخص الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، فإنها لاتزال تصر على مواقفها المغالطة و الانتقائية و المشبوهة عندما تؤکد ومن خلال إصرارها على النهج الذي إتبعته تجاه القضية الفلسطينية دونما أي تغيير، بأنها متمسکة بهذا الانشقاق و الشرخ الکبير الذي ألحقته بالقضية الفلسطينية بل وانها لازالت تتجرأ و تنتقد عرفات و فتح و تردد کلاما الهدف منه التشکيك بالزعيم الراحل و بقيادته التأريخية في مسعى منها لسحب البساط من تحت أقدام خليفته الرئيس محمود عباس و إکمال الجزء الاخطر من مشروعهم المشبوه بجعل القضية الفلسطينية برمتها تحت يدهم في سبيل إستخدامها لأهدافهم و نواياهم الخاصة و خدمة مشروعهم الديني الذي باتت مخاطره و تهديداته تزداد يوما بعد يوم، لکن من الواضح جدا أن الشعب الايراني و تنظيماته الوطنية قد کانت سباقة في دعمها و مساندتها للقضية الفلسطينية بل وان زعيما بارزا کمسعود رجوي، قد تلقى تدريباته لدى منظمة فتح في الستينيات، ولازالت منظمة مجاهدي خلق و المجلس الوطني للمقاومة الايرانية و العديد من التنظيمات ترى في فتح و في الرئيس محمود عباس الاصل و الاساس الذي يمکن أن يعول عليه فيما يخص القضية الفلسطينية.
موقف القيادة الدينية الايرانية من الملف العربي بصورة عامة قد صار مکشوفا و مفضوحا في سوريا و العراق و لبنان و اليمن، وان ردة الفعل القوية للشارع العربي ازاء ذلك قد دفعت بالقيادة الى العمل من أجل تحسين الصورة و”إرجاع القديم الى قدمه”، عبر سعي متأخر و مشبوه من جانب طهران لإعادة النظر في علاقاتها مع عدد من الدول العربية ومحاولة تغيير الحالة السلبية الراهنة وهو سعي خائب محکوم بالفشل مقدما لأسباب أکثر من کثيرة، واننا نعتقد بأن هناك حالة من تبلور موقف متميز آخر للشارع العربي من القيادة الدينية الايراني على خلفية موقفها المضر و السلبي و المشبوه من القضية الفلسطينية.

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب