18 ديسمبر، 2024 9:39 م

إيران و الادارة الامريكيــة وبــــينـــهما التـــأريـــخ ..!

إيران و الادارة الامريكيــة وبــــينـــهما التـــأريـــخ ..!

( 1 )
لانأتي بجديد في قول المعلومة : أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ‘ وهي أكبر وأقوى دولة في العالم ‘ لاتستطيع إلاقتراب ‘ ولا إقرار أي قرار يتعلق بمصير الوضع الداخلي ولا الخارجي لوحده مهما كان رغبته في ذلك ‘ وهو في هذا الجانب عند المقارنه الدقيقة ‘ يظهر أنه أضعف و أ قل صلاحية ‘ بل أقل امتياز مادي من رئيس او ألامير الحاكم في منطقتنا ( العامرة برؤوساء طويلي العمر) ‘ وهذا ثابت في امريكا ‘ حتى أذا كان رئيسا قوي الارادة والشخصية كـ ( جورج واشنطن او ايزنهاور او كندي ) ‘ فكيف يكون موقفه في إتخاذ قرارات مصيرية اذا كان بغباء فورد أو بلادة بوش الابن او العنتريات الفارغه مثل الرئيس الحالي ترامب ؟
في الولايات المتحدة الامريكية ‘ مصدر قرار منظم قوي يمسك بقوة بادارة ( 51 ) ولاية متحدة استطاع ان يحول بمراحل تأريخية متشابكة مجموعات من المهاجرين ( بينهم كثير الكثير من الناس ماكانوا ‘ وحتى احفادهم الان يملكون جزئيات الاخلاق عندما يهاجمون للسيطرة على شيء …اي شيء ) رغم ذلك فأن مصدر القرار في امريكا استطاع جمعهم وجعلهم الى مجموعه الان اسمها ( الامة الامريكية ) ‘ وعندما نراجع تأريخ تكوين هذا المصدر نعرف ‘ ان الوضع في أمريكا ، يشبه وضع المساهمين في شركة واضحة حدود شراكتهم الزمنية ، وانتهوا من خلافاتهم حول نمطية التعايش ، بعد الحرب الأهلية التي تلت الاستقلال أو قد يكون وضع سكان أمريكا أشبه بوضع اللصوص او الغزاة الذين تمكنوا من بسط نفوذهم على مساحة أرض ، ووجدوا الطريق لإسكات بعضهم البعض ، من خلال اقتسام تلك المساحة ومحصولاتها ، حسب تاريخ وصول الغزاة وقوتهم .. فوضعوا مسودات لتنظيم حالة التعايش فيما بينهم .
لقد ظن البعض أن الرئيس الأمريكي هو صاحب القرار الأول والأخير في كل شيء ، وقد ظن الآخرون ان الكونكرس هو ما يصنع كل خطوط السياسة الأمريكية ، وقد يقول قائل أن الصحافة ومعاهد الدراسات المتخصصة هي ما توحي برسم سياسة الحكومة .. ‘ ولكن في امريكا رغم وجود تلك الجهات لهم دورهم المؤثر ‘ يوجد هناك جماعات الضغط الأمريكية، وعلى اختلاف مسمياتها ، نموذجا متفردا باعتبارها أحد قوى المدخلات الرئيسية للعملية السياسية في الولايات المتحدة ‘ ففي مجملها تعكس بنية وتركيبة هذه الجماعات التنوع الديموغرافي الذي يميز المجتمع الأمريكي كمجتمع من المهاجرين ؛ ولاجل الحفاظ على توازن المصالح تلك الجماعات ‘ تم تشكيل غرفة ليكون عنوانها مصدر القرارمتعلق بمصير ( الامة الامريكية ) التي اشرنا الى كيفية تكوينها ‘ ومن الضروري ان نؤشر الى حقيقة أن هذه الجماعات ليسوا نزيهين بالمطلق لانها عند وصولهم لقناعة أن مصلحتهم ( طويل الامد ) يتطلب أن يلجاؤا الى احقر تصرف عسى ان يؤدي الى محو ملايين البشر لايترددون في مؤازرة مصدر القرار لاتخاذ مايلزم ….!
وقد بين باحثون أمريكيون كلفهم ريغان عام 1982 بوضع دراسة عن مستقبل أمريكا ، ان عضو الكونجرس يتقاضى ما مجموعه سبعة رواتب ، منها الراتب من الحكومة الفيدرالية و الستة الباقية ، تدفعها جماعات ضغط (لوبي) للعضو سرا لتمرير أو ايقاف بعض مشاريع القوانين التي تفيد او تضر ما تمثله جماعة الضغط نفسها …!
( 2 )
ان مناسبة التذكير بهذه المعلومات ‘ هو الرغبة في متابعة بعض صفحات الصراع الجاري بين الولايات المتحدة الامريكية و جمهورية ايران الاسلامية منذ سقوط الشاه وتأسيس الجمهورية ‘ حيث السؤال المنطقي : هل يستمر هذا الصراع ألى أن يؤدي إلى إنهاء قوة الاخير وإعادة الهيمنة ( مريحة ..! ) للشيطان الاكبر في المنطقة ؟
لانأتي ايضا بالجديد في القول : أ كيد أن هدف مصدر القرار الامريكي في محاربة إيران ‘ هو شعور بأن توجه استقلالية ايران في الموقف وتصرف في المنطقة الشرق الاوسط التى تعتبرها ادارة الامريكية منطقة المصالحها الاستراتيجية ‘ وهذا المصدر هو تحت سيطرة جماعات ضغط ‘ و عندما يريد المصدر وكذلك جماعات ضغط الوصول إلى القرار الاخير ‘ لايعتمدون على عنتريات ( دونالد ترامب ) وما قدمه اثناء حملته الانتخابية ‘ ولا على ( رغبة اتباع ) في المنطقة رغم ( الصداقة التأريخية ) و استعدادهم للتعاون بأخس اسلوب لارضاء الادارة الامريكية عموما و مصدر القرار فيها من خلال ارضاء جماعات ضغط ‘ بل يدرس ويتقلب كل الاختيارات وهو يرغب بالمطلق للوصول الى مايفيد ما تمثله جماعة الضغط‘ القوة الاساسية لمصدر القرار الامريكي .
هنا ‘ وحتى في الغرب ‘ الكثير من المحللين ( وعدد من المشكوكين في استقلاليتهم ليسوا بالقليل ) وبعض دول المنطقة ‘ يسمحون لانفسهم ان يتحدثون ويشرحون كانهم عامليين في احد مكاتب الخارجية او بنتاكونها ‘ احيانا يتنبهون بان ضرب ايران وتدميرها يحدث بين لحظة و اخرى حالما يسمعون اي موقف متشنج من داخل امريكا حتى لو لم يكون ذلك الموقف له اي علاقة باي جهة رسمية في الادارة الامريكية ‘ يعلن ا قتراب احتلال طهران كما حصل لبغداد ….! وحتى بعضهم يتنبه بأن في موكب الهجوم مستشارين من إيران كما قام بذلك ( ابطال المعارضة العراقية وسموا اسقاط اخر اساس لدولتهم بتحرير وانقاذ العراق ) في طريق
هنا وبعد قراءه ومتابعة يومية للاحداث ‘ ارى أن ما يحلم به هولاء ‘ حلم لايزعج الا هم ‘ والسبب الاول لان مصدر القرار الامريكي من الاستحالة ان يحصل على اي معارض ايراني حتى لوضمن مجاهدي خلق ‘ يقوم ما قام به عدد غير قليل من المعارضة العراقية ‘بالاضافة الى استنتاجات متواضعة اراها بعد قراءه هادئة لمايحمله معنى جذور التاريخ و عدم السماح بانقطاعة من قبل اوطان وشعوب متمسكة بالاستقلاليه .
( 3 )
عنوان الازمة الايرانية ‘ وموقف الامريكي العدواني ‘ هو محاولة ايران لامتلاك السلاح النووي ‘ اولا وقبل الدخول في التفاصيل ان امتلاك ايران للطاقة النووية ‘ مشروع بدأت به السلطة الايرانية باتفاق اصولي بين الادارة الامريكية وزمن حكم الشاه ‘ فعندما سقط الشاه بالارادة الشعوب الايرانية ولم يقبل قادة التغيير الايراني ان يسمى سلطتهم بـ ( الشرطي الامريكي في الشرق الاوسط ) تخلت امريكا عن المشروع ‘ لكن الارادة الايرانية لم تتخلى عن امتلاك الطاقة ضمن الاتفاقات الدولية المشروعة دون ان يكون هذا التوجه يؤدي بحجة بنائه ‘‘ جعل السلطة الايرانية تابعا لمن يساعده في تحقيق المشروع ‘ من هنا بدأت التصرفات العدوانية للادارة الامريكية تجاه ايران .
كان اسقاط نظام ايران و في عام 2003 ‘ ضمن برنامج الادارة الامريكية التي كان يرأسها جورج بوش ‘ و كما حصل للعراق ‘ و لان مصدر القرار امريكي ( وليس من يرأس تلك الادارة في الولايات المتحدة ومزاجاه ان كان شريرا او خير – وهذا نادرا ما يحصل – ) لم يجد بديل لايران كدولة و دستور وتأريخ و تراث كقوة اقليمية ‘‘ ولم يجد ( طبعا ولايزال) قوة معارضة لايران التاريخ ( مثل ما وجد في العراق معارضة ابدى استعداده لبيع التاريخ والتراث والثروة قبل النظام ) لم تستطيع امريكا ان تقترب من تنفيذخطة احتلال ايران ‘ وحصل العكس تماماً ‘‘ بدل ذلك تم التنسيق مع ايران في عملية اجتياح افغانستان والعراق
والأن ‘ وفي ضوء قرأتنا المتواضعة وفهمنا ايضا المتواضع لما يجري وراء الكواليس ويتسرب بعض اشارتها الى المسرح ‘ ان مصدر القرار الامريكي يرى ‘ أن التنسيق الامريكي العراقي في الكثير من المجالات الحيوية ‘ تدفع بالمصدر الامريكي الى اعادة النظر بسياسته الخارجية ويكون الموضوع توقف عملي عن التفكير للعدوان على ايران وعن طريق وجوده في العراق ان تفتح طريق للحوار يؤكد منذ البداية للجهة الايرانية ان الادارة الامريكية مستعده لقبول ايران كقوة ا قليمية كبيرة ‘ ونعتقد ان سكوت تلك الادارة على اطلاق اليد الايراني القوي في ازمة التي خلقتها عملية الاستفتاء في كوردستان هي برقية اولى لاعلان بدء الادارة الامريكية للتوجه نحو هذا الاختيار
وفوق هذه التصور ‘‘ هناك ظاهرة في مسالة النظر الى مستقبل ايران ( وكل مرة نؤكد على ان ايران التاريخ والحضارة والان ايران دولة ومؤسسات وروحية وطنية اصيلة لدى الحاكم والمحكوم الايراني ) وهي ظاهرة وجود لوبي ايراني في الولايات المتحدة الامريكية على المستويين الاقتصادي والاكاديمي فهو في مستوى عالي بحيث باستطاعته ان يلعب دور مؤثر في تخفيف او حتى انفراج اي ازمة من نوع تصل درجة تشنجها الى الخطر وذلك عن طريق المجلس المسمى بـ ( مجلس الايراني – الامريكي ) الذي يتشكل من مجموعة مؤثره من الاكادييمين و الصحفيين والاساتذة الجامعيين ورجال الاعمال ‘ وان هذا المجلس هوالذي لعب دور الرئيسي في اقتراب بين ادارة اوباما و الحكومة الايرانية والذي ادى الى توقيع اتفاق التاريخي حول برنامج ايران النووي وهو كان بالمطلق لصالح الايرانيين …! وهذا يقرب ولو على مراحل مصدر القرار الامريكي من الاقتناع بأن اي تشدد اضافي في العلاقة في التعامل مع ايران سيؤدي الى خسائر كبيره اقليميا ودوليا يضر بالاسترتيجية الامريكية انيا ومستقبلا أن الايرانيين في امريكا ‘ هم رقم عشرين في تسلسل الاعراق المتميزين من ارباب العمل في هذا البلد والمسيطرين على 20 % من المجالات الاقتصادية في امريكا ‘ و يشكلون 21 % من اصحاب العمل المنتج يبلغ قيمة انتاجهم 2500 مليار دولار و لهم مشاركة في تكوين وتاثير الراي العام الامريكي ‘ هذا بالاضافة على ان وجودهم في مراكز الاعلام و والسياسة يحتلون الموقع الاول بين القوميات المتواجدين في امريكا ‘ ثم ان عدد الايرانين في امريكا يتجاوز مليون ونصف وعدد كبير منهم يحتلون المواقع القيادية في ادارات الاعمال وبذلك اصبحوا في مقدمة الاعراق المختلفة في الولايات المتحدة الامريكية وان واحد من كل اربعة من الايرانين في امريكا يحمل شهادة ماجستير او دكتوراه وبذلك يتقدمون 67 قومية ساكنة على ارض امريكا .
أذا امام هذا الواقع المؤثر فان الايرانيين والامركيين في الولايات المتحدة الامريكية هم مرتبطين بعضهم ببعض باتجاه يجعلهم يستند احدهم على الاخر مع تاكيدنا الدائم أنه ( مهما يكونوا هؤلاء المعارضين لنوع النظام في بلدهم ‘ لن يكونوا في موقف وموقع دعم من يريد ان يذل التاريخ و الحضارة والوجود القومي المؤثر لوطنهم الام ايران ) اذا انهم سيكونوا ظهر للقيم وروح الانتماء وبذلك سيكونوا سد غير اعتيادي امام من يريد الشر المستطير لايران كارض وشعب .
من هنا وبين امريكا وايران ‘‘ عند التأمل بدقه وحيادية جديه للوضع ( المركزي – ان صح التعبير ) في توجهم الى اتخاذ القرار ‘ ادارة امريكا ( مصدر قراراتها استراتيجية زائدا جماعات ضغط – بينهم لوبي ايراني مؤثر كما اشرنا ) و ايران التأريخ غير منقطع رغم كل الانعطافات المتعدده الاوجه و دولة المؤسسات التي اضافت لها جذور العقائدي المؤطر برابط التأريخ والتحول الديني ‘ ماذا متوقع من نتائج الصراع بينهم ؟
رؤيتنا المتواضعة : بالاضافة الى حقد الادارة الامريكية على جمهورية ايران الاسلامية لانها اهانت هذه الادارة من الصميم ولاكثر من مرة منذ انتصار ثورة الشعوب الايرانية ‘ ان تحريض الدولة العبرية الاستطانية العنصرية هو احد عوامل تصلب وعدوانية الادارة الامريكية لنهج ايران وهذا الكيان العدواني المسخ خطط اكثر من مرة وتامر ولايزال من اجل الحاق اضرار بايران ‘ ولكن وخلال هذه الفترة الزمنية اثبت الاحداث انهم اضعف من ان يستطيعون ‘ بل يتجرؤن على الهجوم بحجة ضرب سلاح الردع الايراني لانهم يخافون من رد اقوى يمكن يؤدي الى انهاء وجودهم اللاشرعي والعدواني في المنطقة .
أما الادارة الامريكية ومن خلال توجيهات مصدر القرار و نتيجة جماعات ضغط امامها احد اختيارين :
فاما يصعد من حملاتها التحريضية ضد ارادة ايران ليجعل هذا النهج طريقا لاشعال حرب بالنيابة من قبل حلفاءها ضد ايران ومستلزمات ومبررات اعطاء الشرعية للذين سيحاربون ايران بالنيابة متوفر وذي حساسية ومؤثرة عنوانه ( الطائفية ) تحت اسم هلال ايراني لتطويق الطرف الاخر ….
وإما المراهنه على نتائج الحرب ضد داعش و مرتبط بالوضع العراقي و السوري والذي اكثر عناوينها يوحي بالسير ( جماعي – روسيا والعراق و نظام السوري وتركيا وامريكا من خلال مايسمى بالتحالف الدولي حاصل على شرعية منظمة الدولية ) لانهاء قوة داعش في المنطقة و بعد ذلك اعتبار هذا المكسب الجماعي اساساً لحل ازمة سوريا التي لايمكن دون صوت وقوة عمل السياسي مؤثر لايران ‘ ليكون هذا منفذ وحجة للادارة الامريكية اقتراب من وضع اساس لتفاهم مباشر معه واعتراف لايران بانها قوة اقليمية لايمكن التعامل معها فقط بروح العدوانية لان بذلك سيكون لامريكا وعلى طول الصراع هلاك في اكثر من جبهة لان حلفاء تقليدين لامريكا في المنطقة مقتربين الى حافة الافلاس التاثير الذي تريدها الادارة الامريكية من طموحات استراتيجية طويلة الامد من خلال رؤيا مصدر القرار والربح والخسارة كما يراها الطرفين : مصدر القرار وجماعات ضغط في قلب امريكا نبضها مرتبط باستقرار الشرق الاوسط ….. والله اعلم