رغم التحضيرات الكبيرة من قبل حكومة محمد السوداني لإنجاح انعقاد مؤتمر القمة العربية في بغداد يوم 17/5/2025، إلا أن إيران افشلت هذا المؤتمر قبل موعد إنعقاده بحكم نفوذها الكبير في البلاد من خلال مكونات الإطار والحشد الشعبي، وفقا للحقائق التالية: –
- رفض حضور الرئيس السوري (أحمد الشرع) للمؤتمر من قبل الزعامات الإطارية ونوابهم.
- تمثيل الحضور للمؤتمر ليس بالمستوى المطلوب.
- التصريحات الولائية ضد القمم العربية وجامعة الدول العربية ” باعتبار لافائدة منها “، ساهمت بشكل كبير على فشله قبل موعد انعقاده.
- نجاح العراق بتنظيم قمة بهذا الحجم يُظهِر قدرته على لعب دور مستقل ومتوازن، وهو أمر لا يروق لإيران التي تفضّل عراقاً تابعاً لها سياسياً وأمنياً واقتصادياً.
- إن استغلت بغداد القمة لتعزيز الشراكة مع السعودية ومصر والأردن والإمارات، فإن ذلك قد يُقلق إيران، خاصة إذا صاحب ذلك تقارب اقتصادي أو أمني.
- القمة قد تشهد مواقف عربية موحدة ضد التدخلات الإقليمية، بما فيها الإيرانية في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن. وهذا قد يضع طهران في موقع العزلة السياسية.
- انعقاد القمة قد يكون فرصة لبغداد لإثبات التوازن الإقليمي والتقارب مع الدول العربية الأخرى، وهو ما لا يصب بالضرورة في مصلحة طهران. وهذا يعتمد الأثر الفعلي على أجندة القمة، والمواقف التي ستُعلَن، والمخرجات السياسية التي ستليها.
- حضور قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني إلى بغداد مساء يوم 14/5/2025 واستقباله الحار من قبل القيادي في منظمة بدر مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي جاء لتضمين الأجندة الإيرانية في أعمال مؤتمر القمة العربية لصالح “محو الممانعة”.وكذلك تفعيل شراكة أمنية واقتصادية وسياسية بين إيران والعراق وهي “أصلاً مفعلة” !، والغاية الثانية من زيارة قاآني إلى بغداد هي جزء من الحراك الإيراني لإيصال رسالة للولايات المتحدة للتأكيد على أهمية ” الشراكة بين العراق وإيران لدرجة الإندماج”.
- حديث رئيس الوزراء محمد السوداني لسكاي نيوزعربية، يوم 15/5/2025، الذي أكد فيه ان زيارة ترامب للسعودية وقطر والإمارات أثرت بشكل كبير على ملفات مؤتمر القمة!، كما بين في المقابلة ذاتها، أن “هناك اهتماماً إيرانياً واضحاً بمشروع طريق التنمية”، ويقصد في كلامه ان المشاريع الاقتصادية في العراق ستخدم إيران قبل العراق بحكم النفوذ.
وللفائدة، فأن مؤتمر القمة العربية في بغداد 2025 يركز على الجانب الاقتصادي أكثر من السياسي، وهذا الطرح بدأ يظهر في التصريحات الرسمية العراقية والعربية خلال التحضير للقمة. استنادا للمعطيات التي تدعم هذا التوجه:
- القضايا السياسية العربية معقدة ومليئة بالانقسامات (فلسطين، العراق، سوريا، اليمن، ليبيا، السودان…)، لذا يفضّل كثير من الدول التركيز على الملفات “الآمنة” مثل الاقتصاد، الطاقة، البنية التحتية، والتكامل التجاري.
- العراق بحاجة ملحّة لشراكات اقتصادية عربية، خاصة في مجالات الطاقة، الاستثمار، النقل، والمصارف. القمة ستكون فرصة لعرض مشروعات ومناطق اقتصادية خاصة لجذب التمويل العربي.
- السعودية والإمارات وقطر، تُفضّل توجيه العلاقات العربية نحو الربط الاقتصادي بدلاً من الاصطفاف السياسي.
- من المتوقع أن تُناقَش ملفات مثل: الربط الكهربائي العربي، الأمن الغذائي، خط الربط السككي بين العراق ودول الخليج العربي، وتسهيل انتقال الاستثمارات ورؤوس الأموال.
ولكن لن يغيب الجانب السياسي بالكامل في المؤتمر ذاته، رغم الطابع الاقتصادي، لتبقى الملفات السياسية حاضرة، ومنها:
- الوضع في فلسطين بعد تصاعد الأوضاع في غزة.
- الأزمة في السودان وسوريا.
- العلاقة مع إيران وتركيا، وإن كان بشكل غير مباشر.
- إصلاح الجامعة العربية نفسها وتطوير دورها.
نأمل من الدول العربية مزيدا من التلاحم وتوحيد المواقف وتعزيز الأمن القومي العربي من أجل استقرار المنطقة وإنقاذ الدول الواقعة تحت النفوذ الإيراني.