أفاد مصدر موثوق بوصول مجموعة من المستشارين الإيرانيين مكونة من عشرة أشخاص إلى وزارة الداخلية العراقية وتسلموا فور وصولهم إدارة أقسام بالغة الأهمية والخطورة في الوزارة ، وذكر المصدر ايضا أن مجموعة من المترجمين يرافقون المستشارين وهم من الأصول الإيرانية حصراً ، الذين سفرهم النظام السابق كونهم من” التبعية الايرانية” كما كان يطلق عليهم في السابق ، وأضاف المصدر الموثوق أن المستشارين أجروا سلسلة لقاءات مع قيادات من ميليشيا العصائب بعد ان تم استدعاءهم على وجه السرعة ، وبحسب المصدر أنه تم توفير السكن للمستشارين في أحدى الفنادق في العاصمة بغداد .
تزامنت هذه المعلومة المسربة مع تصريحات لبعض المسؤولين الحكوميين بأن الداخلية ستتولى إدارة الملف الأمني للعاصمة بغداد بالكامل . لا يخفى على أحد ان السيد وزير الداخلية الحالي تولى منصبه كمرشحاً عن التحالف الوطني وتحديداً عن منظمة بدر كونه أحد قياديها ، جدير بالذكر الاشارة إلى ان الوزير الغبان يعتبر من المتحمسين لظاهرة الحشد الشعبي ، التي استغلتها بعض الميليشيات المدعومة ايرانيا لتمرير أجنداتها الطائفية الايرانية كونها تحضى بتأيد المرجعية الدينية في النجف الاشرف.
تلك التطورات في الملف الأمني التي رافقت ولادة حكومة السيد العبادي المدعوم دوليا ، وضعت لنا رؤية مستقبلية لطبيعة المشهد الأمني والسياسي القادمين في الزمن القريب ، خاصة وان منظمة بدر التي يترأسها هادي العامري ووزيرها الغبان تدعم بقوة مشروع دمج الميليشيات ضمن المؤسسة الأمنية .
يبدوا ان الرغبة الايرانية خلال الفترة القادمة تتجه نحو التصعيد الأمني في العاصمة وإطلاقِ يد الميليشيات لإستكمال برنامج التطهير الطائفي الذي بدأته منذ سنوات طويلة بغطاء حكومي منظم ، أيضاً ستكون أداة ضغط إيرانية على رئيس الحكومة حيدر العبادي لتحذيره من الذهاب بعيداً بإصلاحاته في ملفي القضاء والامن ، فيطال حلفاءها ويستهدف خطوطها الحمراء في العراق ، فإيران تعتقد ان الدعم الدولي الذي يتلقاه السيد العبادي في مرحلة ما سيكون على حساب جزء من مصالحها الاستراتيجية ويقوي الاخير باتجاه تحجيم نفوذها وضرب مفاصل استراتيجية لإيران على المستويين الأمني والسياسي ، بالتالي استمراره بالسلطة وضرب مصالحها سيكون على حساب الزواج الكاثوليكي المعلن بين النظامين السياسيين الايراني – العراقي ، ذلك كلما تلقى دعما دوليا ومورست عليه ضغوطات دولية غربية باتجاه الاصلاح وتقليم المخالب الايرانية في العراق . خاصة وان مصدر غربي سرب معلومة مفادها ان السيد العبادي قد تلقى فعلا خلال حضوره مؤتمر باريس لدعم العراق ضد الارهاب إشارات واضحة وإيجابية من الغربيين بضرورة تحجيم دور النفوذ الإيراني الذي بات يهدد وحدة العراق وملف الحرب على داعش ، كذلك بات يشكل خطراً ملموسا على المحيط العربي الذي يعاني اصلا من أزمات حقيقية تكون إيران جزءا كبيرا ورئيسيا منها بدعم الايرانيين للفوضى والتخريب في المنطقة العربية وهو ما صرحوا به أكثر من مرة ، كذلك موجة التطرف والحروب التي تقودها داعش والموالين لها.
ان التحديات التي ستواجه حكومة العبادي لن تكون سهلة على الاطلاق ، بالرغم من حجم الدعم الدولي الذي يتلقاه الرجل ، لكن الحديث عن إستقرار في المرحلة القادمة سيكون صعبا إلى حد كبير ،طالما تستمر إيران بتدخلاتها السافرة وإحتلالها لمفاصل صناعة القرار العراقي مما ألقى بمزيد من التخوفات المحلية والدولية بأن الحديث بدأ يدور عن مرحلة ما بعد داعش!! وطبيعة المسألة العراقية بعد دخول إيران بقوات رسمية ودعم معلن هذه المرة لمقاتلين يدينون لها بالولاء!.
بالمقابل لا يمكن التقليل من الأهمية الاستراتيجية للاصلاحات التي ينوي العبادي القيام بها وكان قد أعلن عنها، إذا ما تمكن من ذلك حقاً ، وكان قد أشار إلى ملفات رئيسية تتحكم إيران بها طوال السنوات الماضية، كالقضاء والأمن والفساد . بعد كل ذلك وما لم نذكره هنا لتعقيداته وأبعاده الاستراتيجية العميقه ، سيبقى التحدي الأكبر لحكومة العبادي يتزكر حول أمكانية الرجل في استثمار الدعم الدولي الذي يتلقاه في صناعة أسباب بناء الثقة من جديد مع الشارع العراقي وبناء نموذجا سياسيا وامنيا بعيدا عن المصالح الإيرانية العميقة ، وإعادة إنتاج الحالة العراقية وفق مواصفات وطنية وعربية مقبولة.
*[email protected]