الشارع الإسلامي يأخذ الكثير من المفاهيم والأفكار في حياته كمسلمات ويتعاطى بقدسية معها ويعتبر التجاوز عليها أو الحيود عنها خطوطاً حمراء ، وهذه المسلمات التي لا تسلم من النقاش والنقد والتجريح أصبحت ثقلاً على الفرد والمجتمع في آن واحد ، فمجرد التفكير والنقاش فيها قد يثير الكثير من المتاعب ، ولهذا تجمدت العقول وخويت الأفكار بسبب هذه المسلمات ، والشارع الشيعي هو جزء من الشارع الإسلامي وقد تقبل الكثير من الأفكار وأسبغ عليها هالة القدسية وصنمها ليحجر عقله بذلك التقديس والتصنيم ، وقد إستغلت جارة العراق والعرب إيران هذا المفهوم السائد في مجتمعاتنا خير إستغلال لصالح مشروعها التوسعي الإمبراطوري الذي قضى عليه الإسلام ، حيث سعت وتسعى لتطويع وتسخير العرب الشيعة لخدمة مشروعها بالضد من بلدانهم وبالضد من إسلامهم . ولم تتمكن العقلية الإيرانية من هضم إنهيار حضارة فارس وإنطفاء نار المجوس ، ولم تستطع تجاوز ذلك وظلت نار فارس تشتعل حقداً على العرب لأنهم كانوا ومازالوا مادة الإسلام ، ولأنهم حملوا راية تحرير البشرية من التعبد للأوثان ، وعلى هذا فإيران تعتبر العرب هم السبب الرئيسي في زوال إمبراطوريتها وهذا ما لم تنسه للعرب لحد الآن ، ولم ولن تسامح العرب عنه ، ومن هذا المنطلق مارس الفرس أساليباً خبيثة وماكرة عبر التأريخ لتهديم الإسلام لأنهم لن يتمكنوا من سحق العرب والسيطرة عليهم إلا من خلال تهديم إسلامهم ، ومن الأساليب التي إستخدمتها الدولة الفارسية هي تمزيق وحدة المسلمين من خلال الإدعاء بحملها لراية التشيع ، وأنها خير من يمثل الشيعة ويدافع عنهم ، وبدأت توشح هذا الفهم بهالة من القداسة ليصبح قانوناً أو أقوى من القانون لتضرب من خلاله عدة عصافير بحجر واحد ، حيث تمكنت من خلق المشاكل والأزمات في الدول العربية بإستخدام هذه الورقة ، إضافة الى قيادة وإستخدام الشيعة في تحقيق أهدافها ، وأيضاً تسليط رموز دينية إيرانية على رقاب الشيعة للتحكم فيهم ، وكذلك تطويق أية يقظة عربية من خلال محاصرة وقتل أي مرجعية عربية تنهض لمواجهة المشروع الإيراني ، وقد تمكنت إيران من تحقيق الكثير من أهدافها ساعدها في ذلك غفلة الدول العربية عن خطورة المشروع الإيراني أو عجزهم عن مواجهته أو خشيتهم منه ، ومن الوسائل الشيطانية التي إستخدمتها إيران هي عزل الجماهير عن المرجعيات العربية الشيعية لإجهاض أي مشروع عربي إسلامي حقيقي يخرج من رحم الأمة يحمل همومها ومعاناتها ويسعى لإعادة أمجادها لإخراجها من التبعية لتتولى زمام الأمور وقيادة المجتمع ، هذا العزل إتخذ أكثر من طريق ، فالأموال والدعم المادي هي للمراجع الأعاجم ، والصخب الإعلامي والتطبيل والتضخيم هو للمرجعية الأعجمية ، والتقديس والتصنيم لهم أيضاً ، في مقابل التهديم والتسقيط الإجتماعي للمرجع العربي ، والتضليل الإعلامي والتشويه للسمعة والعلمية ، إضافة الى الحصار والمراقبة من الجهات الأمنية والمليشيات للمرجعية العربية وأتباعها لأجل تخويف الناس من التقرب منها لما تمتلكه المرجعية العربية من قدرة على التأثير بالناس وإمكانياتها في تربية المجتمع وفقاً للإسلام الحقيقي وهو ما يجعلها متمكنة من سحق المشاريع التخريبية والتوسعية ومنها المشروع الإيراني ، ولهذا سعت إيران بكل جهدها لعزل الجماهير عن الإلتحاق بالمرجع العربي لكي لا ينهار مشروعها الإمبراطوري ، وخير مثال على ذلك هو المواقف العنجهية لإيران من المرجع العربي العراقي الصرخي الحسني عندما لاحظت إلتفاف الجماهير عليه عندما فتح مكتبه في كربلاء ، وكثرة زيارة الناس له ، ومواقفه الوطنية التي يتبناها ومنها رفضه القاطع للطائفية المقيتة التي أججتها إيران ، وفضحه لمشروع الحشد السلطوي وفتاوى القتل التي صدرت لإبادة شعب العراق ، إضافة الى تصديه للرموز المرجعية الإيرانية التي تمكنت إيران بواسطتها من السيطرة على الناس وفضح جهل هذه الرموز وخوائها الفكري والعلمي مما أثار غضب إيران وعصاباتها وإقترفت جريمتها الكبرى بمهاجمة مكتب المرجعية وبيت المرجع بمختلف الأسلحة الثقيلة بما فيها الطائرات وقتلت وحرقت ومثلت بأتباعه في شهر الصيام ولم تنجو منهم حتى براءة الطفولة ، ولو أمعنا النظر في حديث المرجع العربي السيد الصرخي عن أسباب إستهدافه لعرفنا وتيقنا أنه صراع بين مشروعين ، مشروع يهدف الى القضاء على الإسلام من خلال إستخدام الدعوة الطائفية لإستعادة الإمبراطوية الفارسية المدفونة ، ومشروع يهدف لإستعادة الهوية العربية الإسلامية الحقيقية ورفض التبعية ، ولم يكن هذا الصراع في يوم من الأيام صراع أشخاص ، وكما قال المرجع الصرخي في لقاء مع فضائية التغيير ( العداء والإستهداف يعتبر رد فعل طبيعي لمواقف لا تتماشى مع مصالح ومشاريع المتسلطين الفاسدين من جهات حكومية أو دينية ومن ورائهم الدول المسيطرة عليهم والمحركة لهم ، وقد أستهدفنا لأسباب عديدة … إستهدفنا لأننا طرحنا الدليل العلمي الشرعي الأخلاقي فكشف جهل وعجز الآخرين ، لأننا رفضنا الإحتلالين الأميركي والإيراني ، لأننا رفضنا جرائم المحتل في أبي غريب وباقي مناطق العراق حيث أنتهكت الأعراض والحرمات وسفكت الدماء وأعتدي على المقدسات ، لأننا رفضنا جرائم المحتل الإيراني ومليشياته ورفضنا سلبه ونهبه لكل ثروات العراق وتدمير كل موارده الطبيعية وتحطيم كل بناه التحتية ) …… ويضيف قائلاً ( لأننا رفضنا حل الجيش العراقي وقوات الداخلية ، لأننا من بداية الإحتلال رفضنا المليشيات ودمجها في الجيش والشرطة ما دامت غير مهنية وولاءها لدول أجنبية ،…. لأننا شخصنا سبب التغرير والفساد وتسليط المفسدين فقلنا بوجوب منع تدخل المؤسسة الدينية بكل عناوينها في الإنتخابات وشؤون البلاد ، لأننا وقفنا ضد فتاوى التكفير وسفك الدماء ، لأننا أبطلنا فتاوى التحشيد الطائفي ، لأننا حرمنا الطائفية والتقاتل بين الأخوة ، لأننا حرمنا الطائفية بكل عناوينها ، لأننا رفضنا مليشيات القتل والتكفير ….. ) وهنا نطرح سؤالاً للمهتمين بشؤون الصراع العربي الإيراني ودور المرجعية في هذا الصراع ، هل وجدتم في يوم من الأيام مرجعاً أعجمياً تصدى بهذه القوة للمشاريع الإيرانية التوسعية وفضح رموزها الدينية التي تتستر خلفها ؟ وستكون الإجابة بالسلب وإنه فقط المرجع العراقي العربي الصرخي الحسني الذي واجه المشروع الصفوي وحفز الآخرين وشجعهم لمواجهته ، ولهذا قررت فارس وأذنابها بكل ما تمتلك من ثقل وقدرات محاربته ووأد مشروعه ، ولكن هيهات فقد بدأت تباشير الصباح تلوح وبدأت تثمر سنين المواجهة والعناء والصبر الطويلة لإزاحة الكابوس التوسعي الإمبراطوري من أرض العروبة .