جاء مشروع التحالف الاسلامي العسكري،مفاجأة مدوية في الاوساط الايرانية والروسية والعراقية والسورية ، كما فاجأ ادارة اوباما والعالم في اعلانه ،وتأتي المفاجأة غير السارة لايران تحديدا ،لأنها صاحبة القدح المعلى من التدخلات العسكرية الميليشياوية في كل العراق واليمن وسوريا ، وهذه الميليشيات تسلح وتمول وتدرب في ايران ،ويشرف عليها قادة الحرس الجمهوري (منفذ مشروع ايران الكوني في المنطقة )ويقودها كلها الجنرال قاسم سليماني في معاركها في العراق وسوريا ، لذلك جاء التحالف الاسلامي العسكري كصاعقة بوجه ايران ،لان هذا سيحجم ان لم يقض على مشروعها الكوني التوسعي الديني ، في اولى اهدافه ومساعيه التي اعلنها ومنها (محاربة الارهاب بكل اشكاله ويقصد هنا الميليشيات الايرانية تحديدا) حسب قول ولي ولي العهد في اعلانه عن التحالف، ولان العالم بات يدرك ان ما ظهر من ( فصائل اسلامية متطرفة ) في مقدمتها تنظيم الدولة داعش والنصرة وأحرار الشام وغيرها ،ما هو الا رد فعل، لأفعال وجرائم وتدخلات ميليشيات ايران في العراق وسوريا ،لذلك نرى ان ما يجري في المنطقة هو ارهاب يهدد الامن والسلم العالمي كله وأحداث فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وغيرها دليل على هذا ، بعد ان احال العراق وسوريا الى دمار وخراب وقتل وتهجير وانهارت الدولتان وأصبحتا اثر بعد عين ، وكانت ايران ومازالت هي (منبع الارهاب)، وصانعته ،ومفرخته الاولى في المنطقة والعالم ، فلولا حكام طهران ومشروعهم التدميري ، لم تظهر كل الفصائل الاسلامية المتطرفة وبكل مسمياتها ، ولن يحدث هذا الدمار الهائل والقتل الفاجر على الهوية والحرب الطائفية في العراق وسوريا واليمن ، اذن ايران هي منبع الارهاب ،وعلى العالم كله تجفيف هذا المنبع القذر للإرهاب ، وليس الذهاب الى محاربة تنظيمات متطرفة اسلامية على اهمية المهمة، بالقصف الجوي والصواريخ والمدفعية الثقيلة والبراميل المتفجرة وغيرها من الاسلحة المحرمة دوليا،ويذهب ضحيتها الابرياء فقط دون المساس بالفصائل الارهابية الاخرى واستهداف مقراتها ، والتي اثبت الواقع اكذوبتها ، بالرغم من ان القصف الجوي وكما يعلم كل الخبراء العسكريين في العالم ان القصف الجوي للاهداف لا يحسم معركة على الارض،اذن الغرض الاساسي للقصف الروسي والفرنسي والامريكي وغيره هو التدمير والتخريب والقتل للابرياء وتهجير الناس وحصول ابادة جماعية انسانية على الارض ، وهذا ما نراه بكل وضوح في العراق وسوريا ، وهكذا ظهر لهذا المهمة التحالف الرباعي ، لذلك عندما اعلن التحالف الاسلامي العسكري من قبل المملكة العربية السعودية ومعها (34 دولة اسلامية ) ،استقبله العالم كله بالترحيب والتهليل ، لاسيما وان هذه الدول تمتلك فوة نووية اسلامية ، كباكستان ، او تمتلك جيشا قويا يعول عليه هو الجيش المصري والجيش التركي وغيره، وباالرغم من ان ادارة امريكا فوجئت باعلان السعودية هذا دون علمها او اشعارها او التباحث معها ، وهذا مؤشر على ان واشنطن اصبحت غير مهمة لدى السعودية ولا يعتمد عليها وان سياستها في المنطقة محط فقدان الثقة لدولها ، بمعنى ان السعودية لن تطلع اوباما وادارة على ماهية المشروع الاسلامي العسكري، ولكن مع هذا اعتبرته امريكا وعلى لسان جون ماكين احد ابرز الصقور المحافظين وعضو الكونغرس للشؤون العسكرية ، مبادرة مهمة وجاءت في الوقت المناسب والترحيب الامريكي بالمشروع يستند الى مؤشرات مهمة ، وهو انعقاد مؤتمر المعارضة السوري في الرياض باشراف السعودية التي استطاعت ان تلم وتجمع كل الفصائل على كلمة واحدة واستراتيجية واحده هي محاربة التطرف والارهاب والاتفاق على رحيل الاسد في مرحلة انتقالية لاحقة ، مما ارسل اشارة الى واشنطن ان اهداف التحالف الاسلامي العسكري ، يتطابق مع الرؤية الامريكية والاستراتيجية الجديدة لاوباما ، وقبلها اعلن جون بولتون السفير الامريكي السابق في الامم المتحدة من ان امريكا ، قررت انشاء جيش(سني) قوامه (100000الف مقاتل ) من دول المتطقة عدا ايران وستشارك امريكا بعشرة الاف مقاتل ، اذن هناك (طبخة امريكية غربية اوربية ) تهيؤها للمنطقة ، بحجة محاربة داعش واخواتها والميليشيات وتصنيفاتها ، وهذا بدا واضحا جدا ، لان التصريحات الامريكية والغربية وتحديدا الفرنسية تذهب الى اعادة رسم خارطة المنطقة بشكل جديد يضمن المصالح الامريكية والغربية والاوربية ، وخاصة ان عام 2016 هو العام الذي سيكون لمعاهدة سايكس- بيكو قد مضى عليها (قرن كامل) ، وقد انتهى مفعولها واصبح اكسباير تماما ولابد من اعادة رسم الخارطة من جديد وحسب وثيقة برنارد لويس في تقسيم وتجزيء المنطقة على اسس طائفية وعرقية وقومية واثنية ،والشواهد الاخرى كثيرة جدا منها ما يهيء لدولة كردية في شمال العراق وسوريا، واقليم شيعي من الاحزاب الايرانية الشيعية واقليم سني من تحالف الهيئة التنسيقية ، هذا هو السيناريو التي تعمل عليه امريكا واوروبا الان، وليس محاربة داعش ومشتقاتها بالقصف الجوي ، وترفض ارسال قوات برية للقضاء على الارهاب والتطرف ، الا ان وصلت نار الارهاب الى عقر دارهم في امريكا وفرنسا وبلجيكا وغيرها ،فاختلقت تحالفات عسكرية فظهر عندنا الان ثلاثة تحالفات لمحاربة (عدو واحد) هو تنظيم داعش ،فهل يعقلها انسان ، والتحالفات هي التحالف الرباعي الذي تقوده روسيا وايران،والتحالف الامريكي وحلفاؤها، والان التحالف الاسلامي ، لمقاتلة داعش تصوروا كل هذه الجيوش الجرارة بصاريخها وطائراتها وراجماتها وبوراجها الحربية وحاملة طائراتها تقاتل اشباح على الارض ،قتال حرب العصابات لتنظيم لاصواريخ ولادبابات ولاطائرات وفرقاطات ولا راجمات لديه ، هنا يجب ان نفرق بين الارهاب الدولي الذي تقوده امريكا وفرنسا وروسيا وبريطانيا وايران ،وبين تحالف اسلامي عسكري ، يعرف تماما ان هذه التحالفات هي راعية الارهاب الدولي ، وانها الان تدفع ثمن ما صنعت ايديها للعالم ، عندما ازاحت ومحت دولة بكاملها عن الوجود والان تعتذر لفعلها الجبان ونقصد بها دولة العراق السد المنيع للامة العربية ، اذن نحن نرى ان هناك املا حقيقيا في التحالف الاسلامي العسكري، والذي يجب ان تنتبه له قيادته ،هو من اولويات عملها تجفيف منابع الارهاب بكل اشكاله واولها الميليشيات الايرانية في العراق وسوريا ،وهذا لايتم دون ردع ايران وفرض سحب ميليشياتها فورا من العراق وسوريا ، عندها ستكون المهمة اسهل في مواجهة الارهاب الاخر المتمثل في جبهة النصرة وداعش وغيرها من الفصائل المتطرفة ، لان الاوراق الارهابية اختلطت واصبحت مكشوفة للجميع ،فالكل يقتل ويهجر ويعتقل ويفجر،باسم الاسلام ، والضحية الناس الابرياء ، وهذا هو ما تقوم به داعش والميليشيات معا ، وفي كل من سوريا والعراق، لذلك فان اولى المهام القصوى هو محاربة الميليشيات قبل داعش والتنظيمات الاخرى المحسوبة على السنة ، لاننا بهذا قضينا على اسباب الارهاب وليست نتائجه ، نحن ننظر على التحالف الاسلامي نظرة الامل ، وقد لمسنا كيف كانت نتائج عاصفة الحزم (التي اكدنا في مقال سابق نشر في صحيفة القدس العربي) انها ستنتقل الى العراق وسورية، وقد حقق اهم نتيجة لها وهي القضاء على النفوذ الايراني في اليمن ،واسقطت مشروعه التوسعي ووجوده هناك الى الابد ، وقصقصت اذرعه تماما ، وانحسر المد الصفوي الايراني في اكثر من مكان في الدول العربية التي كانت ايران تخطط لتدخلات فيها كالبحرين وتونس والمغرب والجزائر وغيرها وحتى في الدول الافريقية ، المشروع الايراني بات يحتضر والتحالف الاسلامي العسكري كفيل بقبره في الدول العربية ، لانه اصبح يشكل خطرا على الدول العربية وما احداث (مكة الاخيرة هذا العام التي قبرت المخطط والمؤامرة الايرانية ) الا مثالا، اذن التحالف الاسلامي نعم تقوده السعودية ،ولكن تشارك فيه دولا كبرى لها جيشها وقوتها التي لايستهان بها يلقى اهتماما ودعما امريكيا وغربيا ، وهنا محط التفاؤل لنا، وهنا ايضا مغزى انقباض انفاس ايران والاحزاب الحاكمة وحكومة العبادي من هذا التحالف الاسلامي، وما تصريحات امعات ايران الا تنفيس عن الاحباط والخطر الذي يشكله التحالف على مستقبل ميليشياتهم الطائفية وانهاءا لجرائمها في العراق وسوريا بكل تاكيد،هذا هو مصدر القلق والاحباط والامتعاض العراقي والايراني ومن يسير في موكب الولي الفقيه الايراني ، فايران شعرت وادركت ان اللعبة الدولية ،الان ليس في صالحها ،وعليها سحب ميليشياتها من كل العراق وسوريا ،قبل ان تقوم قوات التحالف الامريكية والاسلامية باخراجها بالقوة وهذا ما نرجحه في المرحلة القادمة من مسلسل محاربة الارهاب …