تستند الاستراتيجية السياسية والعسكرية للرئيس دونالد ترمب،في الشرق الاوسط،على جملة معطيات وإنعكاسات كارثية ،أفرزها الاحتلال الامريكي للعراق ،ومنها ،ظهور ظاهرة تنظيم الدولة اللاسلامية داعش ،بكل توحشها وتغولها ،وإحتلال إيراني واضح للعراق وإنشائها ميليشيات طائفية مسلحة ومدربة وممولة إيرانيا ،وتأتمر بأوامر ولي الفقيه ،بعد أن سلمه أوباما لها ،بإنسحاب الجيش الامريكي نهاية عام2011،لذلك كانت تصريحات ترمب أثناء حملته الانتخابية ،تؤكد وتنتقد فشل سياسة وأخطاء الرئيس أوباما ،ليس في العراق فقط ،وإنما في الشرق الاوسط كسوريا واليمن وغيرها، والتي أوصلت سمعة أمريكا إلى الحضيض، وهكذا بنى إستراتيجيته الجديدة ،بعد إستلامه الرئاسة الامريكية ،على وفق تلك الاخطاء الاوبامية الكارثية،والتي يعالج فيها جذور الارهاب المتصاعد ،والذي ينذر بخطر حقيقي ،يزعزع أمن وإستقرار العالم كله ، وشخص من يقف وراء هذا الارهاب ،وهو إيران،التي وصفها بأنها (راعية الارهاب الأولى في العالم )،
ووصفها وزير دفاعه بأنها قيادية في الارهاب العالمي،و(إنها رأس الأفعى في العالم )،ووأن يجب قلع هذه الجذور،وتجفيف منابعها بكل إصرار وقوة ، حتى لو كانت إعلان الحرب عليها، فيما ردت إيران على هذه التصريحات والاتهامات ، بتهديدات وخرق القرارات الدولية ،بتصنيع الصواريخ البالستية العابرة للقارات ،والتي تعد خرقا في قرارات الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي، ومن ثم إطلاق صواريخ على فرقاطات أمريكية في مضيق باب المندب والخليج العربي ،في إشارة إستفزازية ، وبعدها أقدم ترمب والكونغرس، على إعتبار الحرس الثوري الايراني –منظمة إرهابية- مما أفقد إيران صوابها ، وتصاعدت حدة ألتصريحات والتهديدات بين الطرفين ،في ظل حلحلة للملف السوري،بإشراف أمريكا وروسيا،نتج عنه –هدنة السلام – وتوقف الاعمال العسكرية على الاراضي السورية –عدا تنظيم داعش والنصرة- وهذا التفاهم-الروسي الامريكي،قد عزل إيران تماما ،وهذا ما تجلى في مؤتمر الاستانة 1و2،ثم مؤتمر جنيف4، وهكذا نجحت الادارة الامريكية ،في إبعاد إيران عن جميع المفاوضات، بين المعارضة السورية والنظام،وبين الدول الاخرى كتركيا والسعودية وروسيا وسوريا، أليوم وضع الرئيس دونالد ترمب،إيران في زاوية حرجة جدا، لفرض شروطا تعجيزية عليها ،لاخراج وإنقاذ المنطقة كلها ،من خطرالتنظيمات الارهابية الاسلاموية المتطرفة ،التي تدعمها وتمولها إيران،ويشمل هذا حزب الله وتنظيم داعش والنصرة والحوثيين وميليشات عراقية ، لهذا كانت تصريحات الادارة الامريكية الساخنة ضد إيران،هذا الاسبوع تحمل تحذيرات شديدة وتهديدات أشد،
وكلها ترسل رسالة واحدة،إما الحرب ، وإما الخروج من سوريا والعراق واليمن ولبنان، وحل الميليشيات وحزب الله ،وتسليم أسلحتها للدول ،و(إعادة العراق الى وضعه الطبيعي) وإلغاء جميع قرارات الحاكم المدني بول بريمر،فكانت زيارة وزير الدفاع الامريكي جيميس ماتيس لبغداد لابلاغ حكومة العبادي بما إتفق عليه الرئيس ترمب مع دول الخليج وتركيا والسعودية ،وتفاهم عليه مع روسيا ، كحل نهائي لانهاء ظاهرة العنف والقتل والارهاب الذي ترعاه إيران وميليشياتها في المنطقة، وتعتبره امريكا والمانيا وفرنسا وبريطانيا ،تهديدا مباشرا لأمنها واستقرارها ، فزيارة وزير الدفاع ،كانت تاريخية بمعنى الكلمة ،لأنها وضعت النقاط على الحروف ،أمام العبادي وحكومته ،وأمام الاحزاب التي تتبع لولي الفقيه ،إما البقاء تحت المظلة الامريكية،أو البقاء تحت سياط ولي الفقيه والولاء له وعدم الخروج عن طاعته،وتصريحات رئيس الحكومة حيدر العبادي بعد الزيارة،التي نوه (أن العراق غير معني بالصراعات بين أمريكا وإيران)، في حين كانت التوجيهات الامريكية والتحذيرية ،واضحة للعبادي بإختياره أما إيران أو أمريكا ،وفاجأ وزير الخارجية السعودية عادل الجبير العالم بزيارة أخرى تاريخية الى بغداد، لتشكل إنذارا ومؤشرا واضحا على أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ألأمريكية ماض في تنفيذ وتطبيق إستراتيجية الرئيس دوانالد ترمب في مواجهة الارهاب بكل أشكاله وراعيته إيران، مهما كلف الامر ، وكانت تصريحات –الجبير- واضحة وصريحة،بأنها للمساهمة في القضاء على الارهاب الذي يعصف بالمنطقة وتجفيف منابعه، واعادة إعمار العراق بعد داعش، وتسمية سفير سعودي في بغداد، وإعادة العراق الى محيطه العربي والاقليمي،
وهي رسالة واضحة ،أنها لم تتم لولا توجيهات وضغوط ترمب في رسم خريطة الشرق الاوسط0-بلا عمائم-، فشكلت زيارتي وزير الدفاع الامريكي ،ووزير الخارجية السعودية، بداية عصر جديد في المنطقة ،تخلو فيه المنطقة ،من التنظيمات الارهابية بكل أشكالها والوانها، وتخلوا من عمائم راديكالية إسلاموية، وعودة سريعة للعراق الى محيطه الاقليمي والدولي،ليأخذ دوره في الحفاظ على السلم والامن في المنطقة، لموقعه الجغرافي،ودوره التاريخي والسياسي،كعنصر بناء واستقرار،وهذا ما أعلنه الرئيس ترمب بنفسه ،عندما إنتقد بشدة سياسة اوباما الفاشلة،وخطأ المجرم بوش في إحتلال العراق وغزوه وتدميره وتسليمه لايران، وضرورة عودته الطبيعية الان ،وإخراجه من محنته ،وإعماره من الدول التي تسببت بخرابه وتدميره وتعويضه ، هذه الاستراتيجية الامريكية ،التي يسير عليها الآن ترمب،في مواجهة الارهاب، فهل يشهد العالم بفترة رئاسته ،القضاء على الارهاب،نرى أن هذه الأستراتيجية،قد لاقت قبولا واضحا ،وصدى طيبا لدى الدول لأوربية ،كفرنسا وبريطانيا والمانيا، وظهور تحالفات إستراتيجية عسكرية قوية ومؤثرة ،كتحالف السعودية وتركيا وقطر،والتحالف العسكري الاسلامي،وحلف الناتو ، وقد أدخل إليها مؤخرا العراق،بعد السماح لطائراته قصف تنظيم داعش ،داخل الاراضي السورية في مدينة البوكمال، وتصريحات عراقية، حول إمكانية مشاركة الجيش العراقي في معركة الرقة، بعد الانتهاء من معركة الموصل ،والقضاء على داعش فيها ، وهذا يؤكد أن العراق، أصبح بعيدا عن المحور والغطاء
والمظلة ألايرنية ،ودخوله الى التحالف الدولي لمحاربة ألأرهاب،حتى لو كانت إيران الهدف ،وهذا ما كان إتفاق ومخرجات زيارة وزير الدفاع الامريكي،المنطقة ألآن أصبحت مكشوفة للتحولات الاستراتيجية الكبرى ، التي أفرزتها وتفرزها معركة الموصل التاريخية، التي قلنا أنها ،ستشكل بداية لعصر جديد ماقبل وبعد داعش، لاسيما وإن أمريكا ومن ضمن إستراتيجيتها العسكرية ،قد أحكمت حلقاتها بإنشاء أربعة قواعد عسكرية ،في الموصل وحدها –القيارة وجبل بعشيقة وحمام العليل ومنطقة سد الموصل ،إضافة إلى عين الاسد وحزام بغداد وغيرها ، تضمن عدم إجراء أي تغييرات ديموغرافية على أسس عرقية وطائفية وقومية وإثنية في العراق ،إنها أستراتيجية ترمب ، فأين إيران منها ، وماذا لو تواجهها بحرب –كما تهدد وتتوعد –وهي النمر من ورق ، نعتقد أن إيران ستنحني للعاصفة الترمبية بكل إذلال وخنوع ،وتوقع على كل ما يريده الرئيس ترمب منها، من شروط مهينة ،حتى لو كانت تعجيزية ،وهذا ديدنها ،بعد أن تتخلى عن كل حلفائها وميليشياتها وأذرعها، التي كانت تقاتل نيابة عنها في العراق ولبنان واليمن وسوريا ،وتبيعهم لترمب بأرخص الاثمان ،كما تباع العبيد في سوق النخاسة ،أيران بتهديداتها الفارغة ،تكابروتنفخ بقربة مثقوبة ،ولاتقوى على مواجهة امريكا والعالم ،إيران ستسلم كل شيء لأمريكا بلا معركة ،المنطقة تشهد تحولات كبرى ،وإيران والعراق أولى هذه التحولات الكبرى ،ولكن ليس قبل أن يتم القضاء على تنظيم داعش ،في العراق وسوريا