23 ديسمبر، 2024 10:16 ص

إيران .. منزلق العرب الخطير!!

إيران .. منزلق العرب الخطير!!

أتذكر جيدا قبل سنين طويلة عندما كان يحتدم النقاش حول إيران وحربنا معهم كنا نقول للرافضين لفكرة الحرب بان إيران سوف لن تبقي على شريف في العراق لو تمكنت منه، وكانوا يردون باستهزاء بأنها أوهام، وإن إيران إسلامية وتبحث عن مصالحها كبقية الدول وتريد ان تنشر الاسلام الذي تقتنع به ومن حقها ذلك طالما العرب غير متحدين.

لم يكن الاختلاف معهم حول أحقية الدول في البحث عن مصالحها، بل عن الطريقة والاسلوب في تبرير تلك المصالح، وكذلك تنفيذها، فلا يمكن أن نطلق على التدخل السافر في الشؤون الداخلية لبلد مجاور بأنها مجرد بحث عن مصالح! أو الاعتداء على المخافر الحدودية بين العراق وايران هو مجرد دفاع عن المصالح، أو تفجير المؤسسات العراقية وضرب الأمن الداخلي بانه يصب في مصالح إيران، قانونا وشرعا ذلك غير جائز ويستوجب الرد القاسي.

المهم ما حسبناه قد حصل وأكثر! وتبين بعد احتلال العراق بان الموضوع لم يكن مجرد مصالح، وليس في العراق وحده، لكن في العراق تجلت تلك السياسة العدوانية بأقسى صورها وأشكالها، فقد أمعنوا بالقتل والتنكيل بالوطنيين حتى ضاقت ارض العراق بهم، وبانت للعقلاء سياسات التوسع ومؤامرات هلالية وأخرى قومية بغلاف طائفي كان العراق مفتاحها كما يبدو.
 
هناك بالطبع من لم يفهموا حينها السياسة الإيرانية، فأصيبوا بالصدمة اليوم، لكن هناك من يعتقد جازما بان السياسة الإيرانية تمثل معتقدهم كاملا، ويؤمنون بانها تمثلهم مهما بلغت من الدناءة، وطرف ثالث لازال يظن بانها طبيعية طالما تمثل شعارات لا يقتنعون بزيفها.

في الواقع كانت صدمتنا شديدة عندما كانت مواقف البعض تنم عن انحياز تام لبعض القضايا على حساب قضايا اكبر! فالتدخل السافر في العراق لن يكون تبريرا لحماية قضايا اخرى أو طريقا لدعم قضايا أخرى أصغر كثيرا من العراق ومكانته، ولن يكون العراق كبش فداء لقضايا تافهة، حينما سكت كثيرون باستحياء عن جرائم إيران في العراق تحت وطأة تبريرات سخيفة، ومنهم من يضحك على الذقون فيقول بأننا فقدنا العراق ولا نريد فقدان دول اخرى! تلك فكرة بليدة بالتاكيد إذا ما أخذناها بحسن نية، فنحن نعرف بأن إيران كانت لها اليد الطولى بتدمير العراق، فكيف نتوقع أن تكون طوق نجاة لدولة عربية أخرى؟ فأما أن نقتنع بان إيران دولة عدوة بالكامل، أو أن نعتبرها دولة لديها مشروع لا يقف امامه دين أو عروبة او طائفية، وفي الحالتين فهي تمثل خطرا جسيما بغض النظر عن المسرحيات التي تؤديها باتقان.

إن غض النظر عن تدمير العراق من أجل دولة اصغر حجما وأقل تأثيرا لهي الازدواجية بعينها، فنحن لا ندوس على الدولة الاكبر والاقوى تأثيرا من اجل دول أخرى لمجرد إن ترتبط بإيران! ذلك خرقا للعادة، وضربا للمفاهيم العروبية القومية الواضحة ومهما بلغت التبريرات قوة.

على هؤلاء أن يعلموا بان إيران دولة قومية المصالح والأهداف، ولا علاقة لها بالأهداف الإسلاموية المعلنة، حتى ولو صلى على عباءتها كثيرون! فالعبرة ليس بالكثرة، بل بالنوعية، والعروبيون الذين يعرفون معنى العروبة الحقيقية لم ولن تلتقي مصالحهم مع إيران حتى ولو وقفت أمام العالم كله، ومن رف قلبه نحوها يجب أن تكون له خلفية ما سوداء، أو من المغرر بهم، مع التاكيد بأن لا مجال اليوم لفهم مصالحها خطئا.