تمر علينا هذه الأيام الذكرى الثلاثين، لإنتهاء حرب الخليج الأولى، ” حرب الثمانِ سنوات” التي حصدت ملايين الأرواح؛ وأفسدت العقل والبدن؛ في هذه الحرب زرع الطاغية صدام، روح الفتنة والتفرقة بعناية، وغرسها بطريقة لا يمكن محو آثارها بسهولة؛ وجعل المواطن العراقي والعربي، ينتقل من مرحلة الإيمان بالفكر الإسلامي المحمدي الصحيح، إلى الفكر المنحرف الذي يدعو إلى القتل والتخريب والضغينة.
بعد فشل حرب الثمانِ سنوات، قرر الأمريكان الإشراف المباشر على إضعاف نظام الحكم في إيران والعراق والمنطقة، وما حدث عام 2003 ليس تحريراً؛ بل بداية لعهد جديد، ستعيشه المنطقة بعد إكمال تنفيذ السيناريو المرسوم، الذي شارف على الإنتهاء.
كانت الكويت: الفخ الذي أسقط صدام، ومن جاء بعده لا يمكن أن ننعتهم جميعاً بالعمالة والتخاذل؛ وعلينا التفسير والتفكير بمنطقية، ونبحث عن الأسباب الحقيقية التي تخطط لها أمريكا، للسيطرة على الشرق الأوسط وخيراته، وما قرار فرض الحصار الإقتصادي الأخير من قبل أمريكا على إيران، إلا شاهد حي على أن نيّة أمريكا هي: السيطرة على إيران أولاً؛ لأن إيران ومن إنتصار الثورة الإسلامية دعت بقوة، الى نصرة الشعوب المظلومة، ومواجهة الإستكبار العالمي بكل قوة.
يبدو أن الأمر يتجه لمزيد من التصعيد، في منطقة الشرق الأوسط الغني بالبترول؛ لكن الأمر لا يتعدى الحرب الباردة حالياً، وحرب الوكالات لإستعراض القوة خلال هذه الفترة، بعد ذلك إتخاذ قرار قيام الحرب من عدمها، والمتضرر سيكون المواطن العربي، وبعض المرتزقة الممسوخة عقولهم، وما يعنينا هنا، هو إيضاح الغاية الحقيقية من الحصار الأمريكي على إيران؛ وأي الدول ستلتزم بتنفيذه، والى أي مدى سينجح الحصار المفروض على إيران؟
بعد نجاح الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الراحل الموسوي الخميني، وإسقاط نظام الشاه محمد رضا بهلوي الموالي للغرب، عمل الغرب على إستبدال السيناريو المُعد، عبر تجييش “المنظمات الإرهابية” لتفعيل العداء، وإضعاف القوة الشيعية وتدميرها من الداخل، لكن الأمر وكما يبدو لن يحدث؛ بسبب تنامي القوى الشيعية في المنطقة، وتصديها للجيوش الإرهابية التي جندها الغرب، في عام 1980 وبإيعاز أمريكي، بدأت حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، بعد نكث صدام حسين الإتفاقية الموقعة مع إيران عام 1975 في الجزائر؛ وتم تمويل الحرب بواسطة دول الخليج، التي مازالت بعضها تسعى لإسقاط الثورة الإسلامية دون جدوى، وكانت الغاية من الحرب، التي إستمرت ثمانِ سنوات، إضعاف إيران وتدميرها إقتصادياً وعسكرياً، لكن ! ما الذي حصل؟ الذي حصل، أن إيران إزدادت قوة، وخرجت من الحرب لتدخل مرحلة البناء، حيث تم تشغيل جميع المصانع والشركات، وزاد حجم التبادل التجاري بين إيران ودول الجوار بما فيها العراق، رغم وجود الحصار.
أن محاولات أمريكا بتشكيل “تحالف عربي- إسلامي” لمواجهة إيران عسكرياً بالتأكيد ستبوء بالفشل؛ وإن سياسة فرض الحصار الإقتصادي على الشعوب، سياسة الجبناء ومن يخشون المواجهة، وأن تجربة الحرب في اليمن شاهد حي على فشل ما يسمى “التحالف العربي” لإستهداف من يقف ضد أفكار أعداء الإسلام.
ستنتصر إيران، وستنتصر الشعوب الحرة، ولن تركع لا لأمريكا ولا لحلفائها، ونطالب هنا الشعب الإيراني أن يزداد عزيمة، وقوة وثبات، كما عهدناه وهذا ماسيحصل.