للحالة الايرانية خصوصيات و مميزات الى الحد تجعلها فريدة من نوعها و الخصوصية الاهم لها إنها توظف جميع الامکانيات و تستخدم مختلف الطرق و الاساليب المتاحة من أجل إبقاء نظام حکم الجهورية الاسلامية الايرانية الذي يحکم إيران منذ أکثر من 38 عاما.
التمعن في طبيعة و ترکيب النظام السياسي ـ الفکري للجمهورية الاسلامية الايرانية، نجد إنه يقوم على أسس دينية ـ طائفية بحتة”خصوصا عندما يشدد في الدستور على إن المذهب الرسمي للدولة هو الامامي الاثنا عشري ومن إن رئيس الجمهورية لابد أن يکون شيعيا”،ڤمطعمة بنتف من القوانين و النظم العلمانية، التحديات و المخاطر التي واجهتها الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ قيامها لحد يومنا هذا کثيرة و متنوعة، لکن الملفت للنظر إنها تمکنت بصورة أو أخرى من تجاوز و تخطي کل ذلك عندما لجأت الى إستخدام و توظيف کل ماهو يمکن إتاحته، ففي الحرب العراقية ـ الايرانية مثلا، کانت هناك صفقة إيران کونترا، کما إنه وفي عهد أوباما، حدث تقارب أمريکي ـ إيراني ملفت للنظر بحيث کانت هناك ليس جلسات وانما حتى نزهات بين وزيري خارجية البلدين في حين إن الخميني، مٶسس الجمهورية الاسلامية الايرانية، کان قد أکد على إن”اليد التي تمتد لمصافحة أمريکا ستقطع”، مغلقا أي مجال للإتصال و العلاقة معها، لکن هذا الذي حدث أثبت بأن طهران تتخطى خطوطها الحمراء عندما تجد الحاجة لذلك کما حدث مع المرشد الحالي و خطوطه ال19 التي وضعها من أجل توقيع الاتفاق النووي، لکنه عاد وغض النظر عنها!
اليوم وفي غمرة الانتخابات المزمع إجراءها في 19 من مايو/أيار القادم، حيث هناك مرشحين أساسيين الى جانب أربعة آخرين، والذي يبدو واضحا إن الصراع سيکون بين حسن روحاني و ابراهيم رئيسي، ولکلاهما تأريخ طويل و عريض في خدمة النظام، فروحاني الذي کان أمينا لمجلس الامن القومي الايراني لفترة 16 عاما وهو المجلس المختص بوضع الخطوط العريضة للسياسات الخارجية و الداخلية للنظام، کما إنه کان له دور محوري في القضاء على إنتفاضة عام 2009، وهو أيضا من أهم الشخصيات التي دافعت بثبات عن البرنامج النووي الايراني وهو الذي قاد الجانب الايراني في المفاوضات النووية مع وفد الترويکا الاوربية عام 2004، والتي أسفرت عن إتفاق لم ينفذ لکن روحاني تفاخر فيما بعد من إنه تمکن من خداع الوفد الاوربي. أما ابراهيم رئيسي، والذي يعتبر من المقربين و المحسوبين على تيار المرشد الاعلى للجمهورية، فهو من وقع على إعدام 30 سجين سياسي من أعضاء أو أنصار منظمة مجاهدي خلق في صيف عام 1988، کما إنه کان يدير الروضة الرضوية في مشهد وهو منصب رفيع لايتقلده إلا من يحظى بمکانة و منزلة خاصة لدى النظام، لکن يجب الانتباه الى نقطة مهمة و حساسة وهي إن رئيسي لايحظى بأية شعبية بل وإنه مکروه بسبب موقفه من إعدام السجناء السياسيين في عام 1988، کما يٶکد المعنيون بالشأن الايراني، لکن السٶال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تم وضعه قبالة روحاني؟ المرجح إن طهران تريد أن تلعب ورقة الاعتدال في الانتخابات الايرانية بکل مابوسعها من أجل ممارسة الضغط على الغرب کي يعودوا مرة أخرى لمنح الاهتمام الکافي بروحاني کما کان الحال في عهد روحاني، خصوصا مع إشتداد الضغط الامريکي الى أبعد حد و جديته ضد طهران، ولهذا فإن إيران مرة أخرى بحاجة الى منقذ من ورطتها ويبدو إن هناك مسعى للدفع بروحاني کي يلعب هذا الدور مجددا، لکن السٶال الاهم هو: هل سيستطيع حقا إنقاذ النظام؟