10 أبريل، 2024 3:13 م
Search
Close this search box.

إيران اليوم وعراق الغد

Facebook
Twitter
LinkedIn

إن العراق لم يكن بالأمس نوري السعيد، ولم يكن عبد الكريم قاسم، أو عبد السلام وعبد الرحمن عارف، ولا أحمد حسن البكر أو صدام حسين، كما لم يكن نوري المالكي أو حيدر العبادي أو عادل عبد المهدي، ولن يكون اليوم وغداً برعهم صالح أو مصطفى الكاظمي. كلهم ذهبوا وسيذهب غيرهم ويبقة هو عراقَ شعبِهِ الأصيل المضمخ بالكرموالشهامة والتسامح والعنفوان، عراقَ علمائِه وأدبائه وشعرائه وعباقرة فنونه وموسيقاه وأغانيه وعماله وفلاحيه. باختصار شديد، إنه عراقُ مواطنيه، بكل طوائفهم وأديانهموقومياتهم، دون تمييز ولا استثناء.

إن أساس المشكلة القائمة، وبدون حل منذ 1979 وحتى اليوم، هو أن الخميني ارتكب خطأين، الأول أنه توهم بأن رحيل صدام حسين سيحول الوطن العراقي إلى مزرعة ملحقة بإيران بسهولة وبساطة ودون اعتراض من أحد.والثاني اعتقادُه بأن مزورين وانتهازيين وذيولا من فصيلة هادي العامري ونوري المالكي وابراهيم الجعفري وقيس الخزعلي ومقتدى، ذيولا وأذلاء ومشكوكا في انتامئهم للوطن العراق سوف يحملون إليه العراقيين أجمعين أسرى وسبايا ويرمونهم تحت قدميه الحافيتين.

لم يقرأ التاريخ الذي يقول لكل ذي عينين وأذنين، وبالوقائع والأدلة والبراهين، إن الغزو، أيَّ غزو أجنبي، كان مرفوضا من العراقيين، منّ أيام حمورابي ونبوخذ نصر، وكانت مقاومتُه بكل الوسائل مضربَ الأمثلة لشعوبٍ عديدة أخرى تعلمت منه فنون الثورة على الغزو والاحتلال، وعلى الظلم والعدوان، أيا كان، وأيا كانت ديانته أو طائفته أو عرقه.

وقد خَلَّد تاريخ بلاد ما بين النهرين ملاحم بطولة وطنيين عراقيين كثيرين قادوا معارك تحريرها، ودافعوا عن ترابها واستقلالها وكرامتها، ثم انتصروا في النهاية.

والحقيقية أن سجل العلاقة بين الدولتين الجارتين مرَّبدهورٍ طويلة من الصفاء والوئام والانسجام، ولا ينكر أنها تعرضت لنكسات ومشاحنات ونزاعات، لكنها كانت عابرة،سرعان ما تعود إلى طبيعتها.

ولكن الذي فعله الخميني بالعراقيين، بحرسه الثوري ومواليه ووكلائه وجواسيسه، ما فعل، وخاصة بأبناء الطائفة التي زعم  أن احتلاله جاء لرفع المظلومية عنها، قد جعل المعركة الوطنية العراقية مع نظامه المنفلت معركة حياة أو موت، وعلى الباغي تدور الدوائر.

وكان مقدرا، ومنتظرا، أن تزول الغمة العابرة عن العلاقة بين الشعبين الجارين، بعد رحيل صانع الفتن والأزمات والحروب.

ولكن الذي حصل هو أن الذي ورث عباءة الخيمني كان أشد عداوة، وأكثر جنونا وحماقة. فبرغم أن نظامه الحاكم كله قائم، أساسا، على اعتبار أمريكا شيطانه الأكبر، فقد انتهز، بنذالة، وخيانة، وتقية، فرصة غزوها 2003 ليُنشب أنيابه في لحم أخيه وهو حي.

والآن تعالوا نقلب االأوراق والأسماء والأرقام والتواريخ، ونحاول أن نحصي ما خسره العراق من بشر وحجر ومال، وما خسرته إيران ذاتها، منذ أن هبط الخميني على أرض مطار طهران، 1979، وحتى يوم الصواريخ الأخيرة المرسلة إلى مطار أربيل والرضوانية ومطار بغداد والمنطقة الخضراء، والتي تُذكرنا بصواريخ صدام حسين الفاشلة على فلسطين والتي دفع كا عراقي جزءً من ثمنها تعويضات وترضيات وأتاوات.

أليست أنهارأ من الدم، وبحارا من الدموع، وقناطير من المال، وأسلحةً من كل وزن ونوع، وفقرا وجوعا ومرضاوخراب بيوت؟؟.

والخلاصة أن قادة النظام الإيراني، ووكلاءه العراقيين، بشكل خاص، عميان بصر وبصيرة، يرون بنادقهم وراياتهم وشعاراتهم وحدها، ولا يرون الغابة المخيفة المحيطة بهم،والتي لا ترفض وجودهم في العراق، فقط، بل تعمل على إشعال الحرائق في الداخل الإيراني نفسه قبل سواه.

ولن يصح إلا الصحيح. فبالإضافة إلى العقوبات الأميركية فإن ثورة شباب تشرين الشجاعة الصامدة ستكتب التاريخ من جديد.

ترى، كيف سيتلقى المواطن الإيراني المنهك الفقير المريض المحاصر البريء من كل ما جناه عليه إمامه الخميني ووريثه خامنئي، أنباءَ خسارته مودةَ الشعب العراقي وعفوه وطيبه وكرمه وجيرته الحسنة؟.

فمؤكدٌ جدا أن شمسَ نهار جديد ستشرق على إيران جديدة بلا خامنئي وروحاني وقاآني، وعلى عراق جديد بلا نوري المالكي وهادي العامري وقيس الخزعلي، قريبا، بل بأقرب مما كانوا يظنون.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب