لم يعد خافيا على احد من المتابعين والسياسيين، ان مشروع برنارد لويس أصبح حيز التطبيق في الكثير من بنوده وأهدافه الشريرة ، وربما كان خيالا لدى البعض من الحكام السياسيين، ولذا سقطوا في وهم النظرة التحليلية الخاطئة ،على الرغم من أن العراق قد نبههم وحذرهم في أكثر من مناسبة ،وكان بعض المغرضين المغفلين ،يروجون ويلصقون تهمة ( نظرية المؤامرة ) ،بمن له بعد نظر وحكمة وخبرة، في مخططات ومؤامرات الامبريالية العالمية ،وهم أنفسهم الآن من وقع في شرك هذه النظرية ،التي أصبحت سمة السياسة الأمريكية والأوربية ،في تصدير وترويج قوة الوهم أمام وهم القوة ،والتي أفصح عنها منظر (نظرية المؤامرة )هنري كيسنجر ،قبل سنوات ،محذرا من تداعياتها على المصالح الأمريكية في المنطقة . ولكن لكي لا نلقي أخطاءنا وخطايانا على الآخرين، نقول إن المنطقة كانت منذ ثلاثة عقود مسرحا للحروب والأزمات والنزاعات ،بلا مسوغ حقيقي، سوى تلبس الحكام بوهم القوة وتصدير الأزمات الداخلية او الأطماع التوسعية ،وتصدير الأفكار الهدامة الطائفية العنصرية ( إيران خميني مثالا )، اعتمادا على دعم وتغذية هذه الحروب والأزمات أمريكيا وأوربيا وصهيونيا ،لإضعاف المنطقة وإنهاك جيوشها واقتصادها ،ليبدأ الفصل الجديد بتطبيق نظرية المؤامرة أو مشروع برنارد لويس ،وبعدها مشروع (با يدن) من ( عقدة بابل ) ،التي أعلن عنها المجرم بوش في حربه على العراق عندما قال ( إن الرب أمرني أن اذهب لغزو العراق ) ،ويقصد بذلك (الثأر من بابل ) ، وهذا ما تحقق له ، والتاريخ يعيد نفسه حيث ساعدت إيران أمريكا في تدمير العراق ( تصريح ابطحي ورافسنجاني دليلا)، كما ساعدت إيران الفارسية اليهود في احتلال و سقوط بابل (عام539ق،م ) زمن نبونئيد ، ومن يتابع المشهد الآن عربيا ودوليا ،يتأكد له إن ما تحقق من مشروع برنارد لويس، هو مدخل لتغيير وجه المنطقة برمتها ،ولو بطء التنفيذ واضح زمنيا ،لكن معالمه واضحة جدا على الأرض ،فمن تدمير أفغانستان معقل القاعدة، إلى تدمير العراق وليبيا والصومال وتغيير أنظمتها بالقوة المفرطة والفوضى الخلاقة، إلى تونس ومصر واليمن كربيع عربي مزعوم، وما يجري الآن من تحضيرات سياسية وعسكرية ( عقوبات مجلس الأمن ) لكل من إيران وسوريا ،هو يصب في هذا الاتجاه الجهنمي لنظرية المؤامرة ،ولكن السؤال الملحاح ،الذي يدور في أذهان الرأي العام ،هو هل يتكرر سيناريو حرب العراق وليبيا وأفغانستان على إيران وسوريا ،اعتقد الجواب هو في ثنايا السؤال ،إذ إن إدارة اوباما الضعيفة ،ترى أن تكرار الحرب بنفس الطريقة السابقة سيعود بكارثة عليها، وعلى مصالحها، لذلك تذهب إلى تكتيكات أخرى ،من شأنها تقليل نسبة الخسائر المادية والبشرية، فتعتمد على تثوير الشارع السوري، وتدعمه سياسيا وإعلاميا وعسكريا، وبعدها تصدر قرارات من مجلس الأمن، تطالب بالتدخل الفوري ،بحجة إنقاذ الشعب من حكامه، بالرغم من أننا نؤمن بأن الشعب هو من يقرر مصيره بيده ،وهو حق مشروع له ولكن دون تدخل عسكري خارجي يدمر البلاد ويقتل العباد ،كما حصل في العراق وليبيا،. أما فيما يخص إيران فالوضع مختلف جدا، بالرغم من أن الأهداف واحدة بالنسبة لأمريكا ، فإيران على وشك أن تنتج قنبلة نووية تهدد الأمن العالمي، ولها أطماع توسعية وأفكار طائفية عنصرية تريد فرضها على المنطقة، تحت يافطة ( الهلال الشيعي ) الموالي لها، تحت حكم ( ولي الفقيه )، لذلك نعتقد أن الضغط عليها وإيقاف برنامجها النووي، مهمة دولية مطلوبة وملحة في هذا الظرف المرتبك ،اضافة إلى أن نظام الملالي ، أصبح خطرا على المنطقة برمتها لكثرة تدخلاته في شؤون الدول المحيطة به، من خلال فيلق القدس الإيراني والحرس الثوري وميليشياته المسلحة الطائفية ،( البحرين والعراق واليمن ولبنان وسوريا ) ، وهذا لم يعد سرا للعالم كله، فأخذ يصدر أزماته الداخلية ( الثورة المخملية التي حاصرته وقمعها مثالا )، وقضية سكان معسكر اشرف التي اختلقها بتواطؤ حكومي عراقي، حيث قام الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس بالهجوم على المعسكر ،وقتل المئات من أفراده ،والآن يحضر عملية عسكرية للهجوم على المعسكر وقتل أبنائه ،لخلق أزمة دولية خارجية ،ويعمل مع الحكومة العراقية على ترحيل سكان اشرف إلى أماكن أخرى من العالم ،وهنا يجب أن تتدخل الأمم المتحدة وأمريكا بالعمل على حماية سكان اشرف، وعدم ترحيلهم ،بتنفيذ أمر حكومة المالكي بغلق المعسكر نهاية هذا العام، وتمديد الفترة لكي تتمكن الأمم المتحدة بحل قضيتهم ،دون إراقة دماء الاشرفيين العزل .. هذا التخبط السياسي الإيراني والنزعة العدوانية، تجعل من مهمة أمريكا ومجلس الأمن والاتحاد الأوربي مشروعة، بل وعاجلة وهذا لن يتم باعتقادي،دون تحقيق سيناريو أمريكا والناتو بقص أجنحتها ( سوريا وحزب الله ) ،اللذان يشكلان خطرا على إسرائيل في الدرجة الأولى إذا ما توجهت غالى إيران بضربة استباقية أولا .. هذا هو السيناريو الأمريكي- الأوربي الآن المراد تحقيقه على الأرض بعد الانتهاء من عملياتها الإجرامية في ليبيا……..