5 نوفمبر، 2024 6:42 ص
Search
Close this search box.

إيران؛ صعود دولة،أفول ثورة !!

إيران؛ صعود دولة،أفول ثورة !!

إيران، تعني ارض الآريين تواجدت فيها الأقوام (الهندو- آرية) قبل 2000 سنة حيث كانت جزئها الجنوبي تسمى ببلاد فارس من قبل العرب او بيرشيا من قبل الأوربيين ولكن بعد ضم اجزاء من الاقوام واراضي والشعوب الأخرى تم تغيير اسمها سنة 1935 الى ايران .
اكثر الاراضي والاقاليم والمدن التي تتشكل منها ايران اليوم هي حصيلة الحروب والهدنات والاتفاقيات بين الدولتين العثمانية والصفوية واللتان كانت تتشكلان من القبائل التركية الصوفية من اتراك الغز (اوغوز) ولكن لتحول الشاه اسماعيل الصفوي الاردبيلي  قبل حوالي 5 قرون الى  المذهب الشيعي الاثنا عشري و السلطان العثماني سليم للمذهب الحنفي في فترة متقاربة ادت الى صدامات وحروب طويلة امتدت حوالي 300 عام وكانت قسما من رحى الحروب تدور في ارض العراق الحالية.
بدات رحلة بناء الدولة الحديثة في ايران في نهاية العهد  القاجاري في بداية القرن العشرين  (والقاجار اسرة تركية توارث حكم ايران لمدة 235 سنة ) من اصلاحات دستورية وتقييد صلاحيات الشاه  وفي سنة 1925 خلع رئيس الوزراء حينها رضا بهلوي الشاه احمد ميرزا القاجاري ونصب نفسه شاها لايران وبدأ الشاه الجديد تحذوا حذوا مصطفى كمال اتاتورك في تركيا  رحلة التغريب الاجباري والمقنن للشعوب الايرانية حيث اجبر الناس على ارتداء الزي الاوربي وتشجيع السفور وبناء المدارس والجامعات وبناء الجيش وكانت بداية تفريس ايران حيث تم اتخاذ الفارسية بدل التركية في دواوين الدولة والمراسلات الخارجية  وفي المكاتبات واكمل ابنه محمد بهلوي  مسار ابيه في بناء دولة علمانية وفرض القومية الفارسية كهوية لايران واستلهام التاريخ الايراني  قبل الاسلام واحياء الاسماء والكلمات الفارسية القديمة وتسمية المدن بها وعلى المواليد الجدد والسعي لتقليص التاثيرات الدينية الاسلامية على اعتبارها تمثل العرب رغم ان في ايران عشرات اللغات واللهجات والثقافات المختلفة.
تدخل رجال الدين في السياسة!!
مع اطلالة عقد الخمسينات من القرن العشرين، بدأت المخاوف والقلق الغربي من انتشار الشيوعية في ايران وأفغانستان تبرز في الافاق حيث ان سيطرة الاتحاد السوفيتي على هاتين الدولتين تعني الاقتراب من ابار النفط في الخليج وبالتالي السيطرة على شريان الحياة في اوربا وامريكا لذلك كانت في الولايات المتحدة الأمريكية مقولات وتنظيرات وكتب تتحدث حول اهمية نشر التشدد الديني الاسلامي بين الشعوب المطلة و القريبة من ابار النفط في الخليج للحيلولة دون انتشار الشيوعية وحماية الدول التي تدعم التزمت الديني مثل السعودية وعقد اتفاقيات دفاعية مع تلك الدول وفي نفس الفترة كانت هناك حركات مسلحة اسلامية ضد الشاه. كانت قد برزت دور لرجالات الدين في ايران في السابق  منها موقف المرجع الديني ميرزا محمد حسن الشيرازي الذي حرم التبغ في عهد الشاه ناصرالدين القاجاري لاعطاء الاخير سنة 1891 امتياز التبغ الايراني للشركات الانكليزية حتى ألغيت الاتفاقية .كما ان اية الله الكاشاني دعم رئيس الوزراء الدكتور مصدق عام 1951 ومن ثم سحب الثقة منه ومن بعدها برزت دور لرجالات الدين الاخرين مثل بروجردي وخميني وغيرهم ثم ان تاثيرات اخوان المسلمين والازهر كانت  كبيرة على الشارع الايراني من خلال اللقاءات  والعلاقات مع رجال الدين  الايرانيين حيث نلاحظ ان اية علي الخامنئي ترجم كتابين للسيد قطب سنة 1966  وكان زعيم منظمة فدائيان اسلام السيد نواب صفوي قد زار بعض البلدان العربية وخطب في اواخر سنة 1954 خطابا حماسيا في جامعة القاهرة حول فلسطين حث الشباب على تحريرها وكان الزعيم الديني الايراني اية البروجردي يبعث طلاب الدراسات الدينية الى الازهر في القاهرة وكان لهم علاقات وطيدة من  اجل الوحدة الاسلامية والتبادل الثقافي الديني.
ومن العوامل التي ادت الى تقارب ايران ومصر كدولة وبالتالي موسساتهما الدينية في عهد محمد رضا بهلوي هو زواج الاخير من شقيقة الملك فاروق.
كل ذلك كانت بمثابة بذور لتحول القوة والسلطة من العلمانيين والطبقة الحاكمة والشاه في ايران الى رجال الدين الذين برزوا بعد  نجاح الثورة كطبقة اجتماعية معينة وسلطة  في المجتمع الايراني لها نفوذها وسطوتها.
كان عهد محمد رضا شاه عهدا ذهبيا لطبقة معينة من الشعب الايراني وكان للجيش ولاعوانه  امتيازات كبيرة وكان اهتمام الشاه بمراكز المدن المهمة فقط دون الحواشي والمدن والقرى البعيدة.وفي اواخر ايامه انقسمت العاصمة طهران الى قسمين الشمالي حيث الطبيعة الساحرة والاشجار الباسقة والقصور الفخمة والبيوت التي مساحتها بحدود الالف متر مربع ودور السينما والمسرح والمتنزهات العامة  وفي حين تزايدت الاحياء العشوائية للفقراء والدور الصغيرة والازقة المتهرئة في جنوب المدينة.
وفي نهاية السبعينات كانت ايران الشاه تعاني من مصاعب اقتصادية وتدني مستوى المعيشي لكثير من ابناء ايران وانتشار الامية بشكل واسع وخاصة المناطق البعيدة والحدودية وفي نفس الوقت  قطعت اشواط مهمة في الصناعات الخفيفة كتجميع السيارات وصناعة المكيفات والمواد المنزلية وفي الزراعة والتسليح وانتاج النفط وحتى في المشاريع الذرية حيث كانت لايران عدة مختبرات ذرية منذ الخمسينات.
كانت في آواخر عهد  محمد رضا شاه عدة افكار وآراء وعقائد سياسية تتصارع وتتأرجح  في الساحة الإيرانية ، فكر النخبة الحاكمة والتي تستند على فرض القومية  والتاريخ والثقافة  الفارسية وتاسيس دولة علمانية تتعاون مع الغرب وإسرائيل  وفكر وطني  اخر تدعوا الى استقلال ايران من النفوذ الغربي وتمثلت اوجها في طرد الشركات الانكليزية في عهد رئيس الوزراء الدكتور محمد مصدق في اوائل الخمسينات وكذلك اليساريون والشيوعيون والليبراليون وفكر آخر تمثلت في انقياد عوام الناس والإقطاعيون من اصحاب الاراض والتجار لرجالات الدين الشيعة التقليديين بالاضافة الى وجود تيارات فكرية مختلفة مثل طبقة المثقفين وعلى راسهم الدكتور علي شريعتي والذي توفي في المنفى في زمن الشاه ولا زالت افكاره تلقى رواجا في ايران وخارجها وهوصاحب المقولة الشهيرة ( الاسلام الصحيح هو الاسلام  بدون رجال الدين).
صعود نجم آية الله  الخميني
بدأت مرحلة جديدة من الحياة السياسية لاية الخميني عندما توفي المرجع الديني اية الله البروجردي رجل الدين الاول في إيران سنة 1962 وسنحت الفرصة لبروز آخرين على الساحة الدينية والسياسية، و في سنة 1964 وقّعت ايران مع الولايات المتحدة الامريكية اتفاقية (كابيتالاسيون)  تعتبر بموجبها المواطنون الامريكان المقيمون في ايران في حصانة قانونية من العقوبات  والتي بموجبها لا تحق للحكومة الايرانية محاسبة التبعية الامريكية والمخالفين للقوانين الايرانية او الذين ارتكبوا جرائم بل يتم  مقاضاتهم في الولايات المتحدة، كانت ذلك فرصة لمهاجمة السيد روح الله مصطفى الخميني رجل الدين السياسي الصاعد الشاه وامريكا واسرائيل وتهييج الناس ضد الشاه والحكومة. وعلى اثرها تم ابعاد آية الله الخميني الى تركيا حيث مكث فيها حوالي العام وحط به الرحال قبل عودته الى طهران في فرنسا لاربعة اشهر بعد ان قضى حوالي 13 عام في مدينة النجف العراقية.
خلال الاعوام 1964 الى عام 1979 استطاع اية الخميني  رويدا رويدا جلب انتباه العالم والشارع الايراني كمعارض للشاه ونظامه وخاصة بعد انتشار الراديو والاشرطة المسجلة وغيرها من ادوات الاعلام بعد اواسط السبعينات من القرن العشرين في ايران. وانظم المعارضين الآخرين من يساريين وشيوعيين وليبراليين إسلاميين كمهدي بازركان والدكتور بني صدر وزعامات دينية مهمة مثل اية الله العظمى محمد كاظم شريعتمداري والمنتظري  الى تاييد الخميني والدخول تحت عباءته!!.
انفجار الثورة وانتصارها!
وصلت الهيجان الجماهيري  والحماس الثوري والاضطرابات في المدن الايرانية الى اوجها في عام 1977  واستمرت الى شباط 1979 حيث الاضطرابات في الجامعات الإيرانية  التي تتقاسم النفوذ فيها اليساريين والشيوعيين والسائرين على فكر الدكتور علي شريعتي وتعطلت المصانع والشركات والدوائر بفعل فتاوي اية الله الخميني الرجل الأول في المعارضة ، وتحريضه المجاميع الشبابية على الثورة والاضطرابات ضد الشاه، فاضطر الشاه الى تعيين شاهبور بختيار رئيسا للوزراء وهو المعارض الوطني لتهدئة الأوضاع واستيعاب نقمة المعارضة والوعد باجراء انتخابات وعلى اثر ذلك تم إبعاد الشاه من إيران فاستغل اية الخميني الفرصة ورجع الى طهران يوم 11 شباط من عام 1979 فغير المعادلات السياسية في ايران والمنطقة.
استُقبِل روح الله مصطفوي (وهذا هو اسمه الرسمي حسب الوثائق الإيرانية)  في مطار طهران بلقب جديد هو؛ الامام الخميني، من قبل حشود جماهيرية كبيرة وشخصيات معارضة للشاه وحتى من التنظيم العالمي لاخوان المسلمين.كانت خطاب الإمام الخميني مفاجئة بالنسبة للبعض حيث اعتبر حكومة شاهبور بختيار غير شرعية وعين المعارض الإسلامي الليبرالي المهندس مهدي بازركان خلفا له وبعد مصادمات في شوارع طهران العاصمة استطاعت أنصار الإمام الخميني والقوى المنضوية تحت رايته الانتصار على قوى التي تدافع عن حكومة بختيار، فأعلن عن انتصار ثورة الشعب الإيراني  وبداية عهد جديد من حياة  الإيرانيين، اكثر استقلالا عن الغرب  أمريكا ولكن اكبر واكثر مشكلة عن سابقاته من  التي كانت تعاني منها الإيرانيون!!!.
ولاية الفقيه وتفتت القوى السياسية في ايران.
ولاية الفقية نظرية سياسية قديمة للحكم وليس الخميني اول من ابتكرها، كما يظن البعض. فقضية الحكم ومن ينبغي ان يحكم  كانت ولازالت في كثير من الامم الشغل الشاغل، فكان الفيلسوف اليوناني افلاطون نادى بحكم الفلاسفة والحكماء للشعوب!!.
ولاية الفقية نظرية حكم نادى بها جمع من علماء الدين السنة قديما ولكن باسم خليفة المسلمين يقترب من  مواصفات ولاية الفقية الخمينية، وكان احد فقهاء الشيعة وهوالشيخ احمد النزاقي المتوفي سنة 1829 ميلادية قد نادى بها ايضا.
وولاية الفقيه ليست فكرة متفقة عليها في الفقة الشيعي التقليدي، فقد كان مراجع الدين الشيعة ينأوون انفسهم عن الحكم وان الرأي الشائع هو ان الامام المعصوم له الحق فقط من اقامة دولة اسلامية ، وحتى ان الشهيد محمد باقر الصدر كان يُأمن  بالشورى في حكم الدولة الإسلامية في البداية ثم كتب اطروحته الحكومة الاسلامية كتوفيق بين ولاية الفقية والشورى.ويُعرّف اية الله الخميني ولاية الفقيه؛ بانها استمرار لمنهج الانبياء. وان ولي الفقيه هو خليفة الرسول من بعده وله صلاحيات الرسول نفسها ولكنه لا يستطيع التشريع. لذا تتعامل وسائل الاعلام الايرانية الرسمية مع قائد الثورة كشخص مقدس.
اقتصرت مقابلات وتصريحات اية الله الخميني مع الاعلاميين قبل نجاح الثورة بالهجوم على الشاه واتهامه بالفساد وانقياده لامريكا واسرائيل ونشر التغرب بين ابناء الشعب الايراني ، ووعوده بان يكون الماء والكهرباء والنقل مجانية للفقراء ،فهو لم يقل يوما انه ينوي حكم ايران بعد اسقاط الشاه في مئات المقابلات التي اجراها في اقامته القصيرة في ضواحي باريس وحتى انه لم يطرحه في البداية في كتابة الدستور الايراني الجديد ولكن عندما فاز الموالين لاية الله الخميني في مجلس الخبراء تم اضافة نص في الدستور على ان ولاية الفقية اصل من اصول الحكم في ايران. فكانت بداية الانشقاقات بين الثوريين انفسهم حيث اعترض القوى اليسارية والليبرالية وبعض مراجع الدين على هذا النص ومنهم المرجع الديني الكبير اية الله العظمى السيد محمد كاظم شريعتمداري والذي كان يريد اقامة دولة مدنية علمانية  تحترم الاسلام، وتحول مجاهدي الشعب وهي كانت اهم مجموعة معارضة للشاه الى معارضين مسلحين لنظام اية الله الخيميني ووصفهم النظام بالمنافقين.
الثورة أولا !!
عاشت ايران حالة ثورية حيث المظاهرات اليومية واعدام بقايا النظام السابق من الضباط الجيش وكبار منتسبى مديرية المعلومات والامن الوطني(سافاك) حيث بلغ عدد المعدومين اكثر من 200 ضابط ومسوول في عهد الشاه وتم توكيل رجل الدين صادق خلخالي للقيام بتصفية اجهزة الدولة الامنية والعسكرية بشكل ثوري.
تم تفتيت الجيش والاجهزة الامنية ولم تبقى غير الشرطة المحلية ، وتم غلق الجامعات لعامين على التوالي لكون الجامعات وكرا لليساريين حسب راي النظام الجديد. لم تبقى من السياحة والاصطياف شيئا في ايران وتراجع الاقتصاد والرياضة وأماكن الترفيه واهملت المتنزهات والحدائق بشكل كبير وبعد فرض الحجاب الاسلامي على النساء الايرانيات ظهرت مشكلة اخرى وهي مراقبة السلطات لزي النساء وبروز بعض الصدامات وخاصة في المدن الكبيرة والتي كانت فيها التغريب اكثر تاثيرا من المدن الصغيرة والقرى حيث تعيش الناس في جو محافظ.
امريكا وايران
كانت ايران الشاه من اكبر حلفاء امريكا في الشرق الاوسط حيث كان تسليح الجيش الايراني تعتمد بالدرجة الاولى على الولايات المتحدة الامريكية وعندما اندلعت الثورة ووصلت الى ذروتها في نهايات السبعينات كانت السياسة الامريكية غير واضحة وصريحة تجاه الثورة فهي من جهة (اي امريكا) كانت تدعم الشاه  وفي نفس الوقت كانت تتفاوض  مع المعارضين الليبراليين مثل مهدي بازركان ويشترط له من سيكون وزير الدفاع بعد رحيل الشاه !!كما ان امريكا كانت تعاني من جروح حرب الفيتنام وانهيار سمعتها في العالم جراء خسارتها وضربها للمدنيين وحرقها للقرى والغابات في تلك الحرب  فلذلك لم تستطيع فعل الكثير للشاه سوى تقديم بعض النصائح والدعم المعنوي وكان من اكبر المويدين للشاه داخل الادارة الامريكية مستشار الرئيس جيمي كارتر للامن القومي برجنسكي (اليهودي من اصل بولوني المهاجر الى امريكا) وفي نفس الوقت كان هناك اخرين لهم نظرة مغايرة حول التعامل مع ايران وخاصة بعد انتصار الثورة مثل وزير الخارجية سايروس فانس حيث استقال من منصبه  اعتراضا لاستخدام امريكا القوة في محاولة تهريب الرهائن الأمريكان المحتجزين في السفارة الامريكية في طهران.
وبقيت العلاقات الايرانية – الامريكية سيئة رغم محاولات الرئيس رفسنجاني وبعدها محمد الخاتمي  والذي توج بادرة العلاقات بكلمة موجهة الى الشعب الامريكي عبر قناة سي ان ان الامريكية بالمديح والثناء على الشعب الامريكي لفتح صفحة جديدة من العلاقات المتكافئة، الا ان العلاقات الامريكية التي تتحكم بها مصالح وامن اسرائيل لم تتحسن مع ايران بل اصبحت اكثر تعقيدا لدعم ايران منظومة دول وحركات المعارضة والمواجهة لاسرائيل والملف النووي الايراني.
الحرب العراقية – الايرانية
كانت من شعارات الثورة في ايران تصدير الثورة الى خارج حدود ايران وخاصة الى الدول العربية وكان الكثير من العرب قد تاثروا بالثورة الاسلامية في ايران وخاصة الحركات الاسلامية ، بل واعتبر الكثيرون الثورة بمثابة نموذج يحتذى بها.
اصبح صدام حسين الشخص الاول في العراق يوم 16 تموز سنة 1979 اي بعد انتصار الثورة في ايران بعدة اشهر ، والرئيس الشاب وصل الى السلطة بولائم الدم على طول تاريخ حياته فهو قتل احد الشيوعيين التكارتة في ريعان شبابه وتم اخلاء سبيله من السجن لعدم توفر الادلة الكافية بعد ان قضى في السجن عدة اشهر ووليمته الثانية المعروفة هي محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم وهروبه الى سوريا ومن ثم استقر في  القاهرة حيث اثار اهتمام المخابرات الامريكية هناك وبدأ عهدا جديدا من حياته بالتعاون مع الامريكان، حيث ابلغ جمال عبد الناصر بعض العراقيين ان لصدام مستقبلا مهما في العراق!!.
كان لصدام عدة مبررات لشن الحرب ، كان يحس بتأنيب الضمير لعقده اتفاقية الجزائر مع ايران الشاه(حسب مقابلة تلفزيونية مع  تايه عبد الكريم بعد سقوط النظام) حيث فقد العراق نصف شط العرب ومرتفعات مهمة وابار نفط مقابل مدينة العمارة ، بالاضافة الى انه كان يريد ان ينجز منجز تاريخي مهم ليخلد اسمه في التاريخ لان صدام طرح نفسه زعيما للامة العربية ، كما ان انبهار بعض علماء الشيعة بالتجربة الخمينية في إيران وتأييدها مثل السيد محمد باقر الصدر، كان كافيا بنظر صدام لشن الحرب.
 ولعبت بعض الخطوط السياسية في ايران دورا مهما في تاجيج المشاكل بين الدولتين مثل مهدي الهاشمي (الذي اعدم بعدها بموافقة اية الله الخميني) والذي كان يشرف على اذاعة طهران العربية ويشن الهجمات الإعلامية على صدام وأتباعه.
كانت لتدهر الوضع الأمني في إيران وانشغالها بالثورة وتفتت الجيش وعدم وجود المركزية في الحكم  من عوامل التي ساعدت على سيل لعاب صدام لشن الحرب.
انزعجت امريكا من ايران الثورة والخميني كثيرا بسبب احتلال الطلبة السفارة الأمريكية في طهران، لذلك ارسلت الولايات المتحدة الامريكية وفدا الى الاردن بالاجتماع مع ملك المملكة الاردنية الهاشمية حسين بن طلال لحث صدام على الحرب مع ايران ووعدوه بالدعم وخاصة الدعم ألمخابراتي والمعلوماتي، وبالفعل عندما احتلت ايران مدينة الفاو العراقية سنة 1986 اعترف طارق عزيز بوجود تعاون مخابراتي بينهما حيث ذكر في معرض تبريره عدم قدرة العراق صد الهجوم الايراني ؛ ان المعلومات التي اعطيت لنا من طرف الولايات المتحدة الامريكية حول الهجوم الايراني على الفاو كانت غير دقيقة عن اماكن تحشد القوات الايرانية  لذلك استطاع الايرانيون احتلالها.وبالفعل كان التحشد الايراني الكبير في الجهة المقابلة لمدينة العمارة وليست الفاو للتمويه على الاقمار الصناعية الامريكية التي التقطت الصور واعطيت للعراق.
خميني والمراهنة على مصير صدام
بعد ان سيطرت القوات العراقية بعد شن الحرب الشاملة في ايلول من سنة 1980على ايران، على بعض الأجزاء الشرقية من إيران مثل محمرة وقصر شيرين وعلى الطرف الشرقي من شط العرب اعلن صدام وقف اطلاق النار بعد 5 ايام من نشوبها ، تقليدا لإسرائيل التي كانت تعملها مع العرب حيث كانت تستولي في كل حرب على جزء من ارض فلسطين او سوريا او مصر او لبنان فتتوقف الحرب بعد عدة ايام من  الحرب بدعم من الولايات المتحدة، ولكن ايران لم تبالي بخطة صدام فبدأت بجمع المتطوعين من أرجاء ايران لاستعادة الاراضي التي استولى عليها العراق.
بعد مرور عامين من الحرب استطاعت ايران من ارجاع كافة الاراضي التي استولى عليها العراق ولكن اية الله الخميني أصر على الاستمرار بالحرب حتى اسقاط صدام حسين وكانت مراهنة خاسرة للدعم الغير المحدود لبعض الحكومات الخليجية  والغربية والولايات المتحدة  لصدام وحتى الاتحاد السوفيتي.
كان النتيجة النهائية التي تصبوا اليها الداعمين للعراق هي تضعيف الطرفين وانهاكهما والموازنة بينهم في القوة لكي لا تكون في النتيجة النهائية للحرب  غالب اومغلوب .

انتهت الحرب بخسارة كبيرة للطرفين  من الارواح والممتلكات والاموال وكانت عبرة ودرسا  مهمة للشعبين وللمسوولين في البلدين، ولكن العبرة لمن اعتبر!!.
كانت المراهنة على اقصاء صدام من الحكم من اكبر الاخطاء والمجازفات التي ارتكبها القيادة الايرانية من اية الله خميني والمحيطين به. و يبدوا ان الايرانيين لم يكن لهم بما يكفي من معلومات وخبرة حول النظام في بغداد وقابليته لاخضاع الشعب له.
كما ان كادر الثورة الجديد لم يكن له خبرة في المجال الحربي والقانون الدولي اوالمركزية في ادارة الدولة  فقد صرح في بداية الحرب قائد حرس الثورة  محسن رضائي عن احتلال بغداد خلال اسبوع !!!.
انتهت الحرب كما خطط لها الغرب حيث لا غالب ولا مغلوب، ودولتان منهكتان اقتصاديا ونفسيا ولكن العراق خرج منها متخم بالاسلحة حيث ما يقارب من 1000 طائرة حربية وهليكوبتر واكثر من 5000 دبابة ، وصواريخ بعيدة المدى  ومليون جندي مع مليون اخر من ميليشيا البعث (الجيش الشعبي) .
ايران تلملم نفسها وتبني دولة!!
بعد انتهاء الحرب مباشرة استدرك القيادات الايرانية مطالب الشعب بالرفاه والاستقرار والامن فتم تغير دستور جمهورية ايران الاسلامية  وجعل الحكم اكثر مركزية ومرونه من سابقته حيث كان هناك في الدستور عدة مناصب ،قائد الثورة ورئيس الجمهورية ورئيس الوزراء فتم الغاء منصب رئيس الوزراء وحصر الاجهزة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية.
بعد الحرب تم انتخاب هاشمي رفسنجاني لدورتين كل منها 4 سنوات  كرئيس للجمهورية فبدأت رحلة بناء الدولة في العهد الجمهوري الاسلامي  وبداية صعود الدولة.
بدأ رفسنجاني رئاسته بالاهتمام بطهران العاصمة حيث بدأ بمشروع مترو طهران وبمسح الشعارات الثورية من جدران البيوتات والمحال التجارية وبتعمير الحدائق والمتنزهات واستهزأ لممنوعية جهاز الفيديو وأدوات الموسيقى كما قام التلفزيون الإيراني ببث مسلسلات دراما اجتماعية غالبا ما كان الخط المحافظ يشن حملات اعلامية على عمل الحكومة ويعتبرها خروجا عن الاسلام،وكان اية الله الخميني قد افتى  بحلية لعب الشطرنج  كرياضة ذهنية وحلل قضايا ومسائل كانت محرمة سابقا في المذهب الجعفري.
احيا الدولة في عهد الرفسنجاني مجلس اللغة الفارسية مهمتها  تنقية اللغة الفارسية من الكلمات الاجنبية ومنها العربية والتي كانت موجودة في عهد الشاه وتم اعادة الاسماء الفارسية القديمة الى الفرق الرياضية التي تغيرت اسمها الى اسماء ثورية وبثت يوميا برنامج لغوي سميت (لنعيد الفارسية) في التلفزيون الايراني.
وتقرر عدم استعمال الاسماء ( العربية – الاسلامية) في التلفزيون الايراني بل استعمال  الاسماء الفارسية عوضا عنها  في المسلسلات المشهورة مثل  خشايار ،بهروز،بهنام ،غلام برويز،جمشيد جهانكير خداداد….. .
كما ان القانون الذي اصدره البرلمان الايراني لمنع استعمال الاجهزة اللاقطة للقنوات الفضائية الاجنبية ، تبرر احد فقراتها المنع بان  القنوات الفضائية الاجنبية  سوف تأثر على انتشار اللغة الفارسية في إيران.
وايران من الدول القلائل  في العالم تخصص في ميزانيتها السنوية فقرة لنشر لغتها الرسمية  وراء حدودها .
فرغم ان المواطنين من اصول فارسية في ايران لا تتجاوز نسبتهم %25 في اكثر التقديرات من نفوس ايران الا ان الناطقين بها وصلت الى حدود %60 من الشعب الايراني بفعل سياسات التفريس التي بدأت من عهد رضا شاه وابنه محمد رضا شاه واستمرت على قدم وساق في عهد الجمهورية الاسلامية فرغم ان الاصول الاذرية(التركية) تشكل اكثر من %70 من سكان طهران(حسب الاحصاء الايراني) الا ان الجيل الجديد لا يعرف التركية ولا توجد تلفزيون او راديو او صحف ناطقة بالتركية. ولعبت المذهب الشيعي والطقوس الحسينية في الحرم  في اندماج الاتراك الاذريين الذين يشكلون اغلبية ايران  مع الفرس بشكل كبير حيث ان كبار قيادات الدولة لا زالت من الاذريين مثل مرشد الثورة علي الخامنئي والمعارض الرئيسي للحكومة مير حسين موسوي.
وليست للاقوام والطوائف الدينية الاخرى في ايران مطالب قوية للانفصال او الحكم الذاتي او التعلم بلغة الام لان المواطنة في ايران لها اهميتها الخاصة رغم وجود بعض القيود.فمثلا اكراد ايران اقل مطالبة بالانفصال والحكم الذاتي من اقرانهم في الدول المجاورة لايران واكثر اندماجا مع الدولة والمجتمع الايراني، لعدة اسباب منها ان الدولة الايرانية قد مت جميع الخدمات الى القرى والمدن الكردية في شمال غربي ايران منها الغاز الذي مد من منطقة خوزستان الجنوبية الى اقصى ايران على بعد 2000 كيلومتر(ونشير هنا الى العراق الذي يحترق غازه منذ 70 عاما على بعد عدة مئات من الامتار من البيوت السكنية  للمواطنين دون ان نستفيد منها) كما ان الاكراد احرار في عبادتهم على المذهب السني ولهم مساجد باسماء الخلفاء والتشابه الثقافي بين الفرس والاكراد السورانيين القاطنين في ايران كاعياد النوروز.حتى ان جلال الطالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني العراقي صرح بعد زيارته الى الولايات المتحدة في التسعينات من القرن الماضي  بانه ابلغ الامريكان بان مدينة سنندج والتعامل الايراني مع الاكراد هو النموذج الجيد في المنطقة.
كما ان للاقليات الدينية من الارمن والعبرانيين(اليهود) والاشوريين مقاعد في البرلمان الايراني ولهم مدارس ودور عبادة خاصة بهم.
ومن المفارقات ان اكثر من 20 الف يهودي ايراني مهاجر الى اسرائيل عادوا الى ايران في فترة رئاسة محمد الخاتمي لشعورهم بالامان والحريات في تلك المرحلة التي اعلن فيها الدولة ان ايران لكل الايرانيين مهما كان دينهم وعقيدتهم.
كما قامت الحكومة الايرانية بفتح مراكز محو الامية وتشجيع مشاركة المراة في شوون الحياة من السياقة والانظمام للشرطة والرياضة والتمثيل والمشاركة في الحكومة والبرلمان كوزير ونائب. ومن الفارقات التي قامت بها الحكومة الايرانية بعد الحرب مع العراق هي نشر وعي وثقافة  تحديد النسل في المجتمع الايراني وبشكل صريح وعلني وتاسيس معمل للواقيات الجنسية (كندوم) تابعة لوزارة الصحة الايرانية وفتح دورات  في المستشفيات والجامعات للمتزوجين الجدد حول اساليب تحديد النسل، وعدم اعطاء حصة الطفل الرابع في المواد التموينية المدعومة من الدولة! للسيطرة على الانجاب.
ووصلت نسبة المرأة في البرلمان الايراني الى نسب متقدمة بحيث فاقت نسبتها قبل عدة سنوات نسبة المراة في البرلمان البريطاني!. ووصلت نسبة الشهادات العليا في البرلمان الايراني الى مستويات كبيرة بحيث وصلت حاملي  شهادة الدكتوراه الى ما يقارب 40 نائبا. ووصلت نسبة المتعلمين للقراءة والكتابة الى اكثر من %83 بينما كانت بحدود %20 قبل الثورة بفعل نجاح برنامج محو الامية في القرى وبواسطة آلاف المتطوعين والمتطوعات  من طلاب الدراسة الثانوية.
كان المذهب الشيعي الامامي من اكثر المذاهب تزمتا قبل قيادته لدولة ولكنها اصبحت اكثر انفتاحا وديناميكية  بعد تسلم رجال الدين الشيعة  في ايران لضرورات المرحلة فاثرت على تطور وانفتاح المذهب الشيعي كثيرا بعدما اصبح مذهبا تقوم بقيادة دولة تغزوا الفضاء وتخصب اليورانيوم وتبث  الموسيقى البوب من التلفزيون الايراني ، والتي حسبت على انها بدعة في نظر مخالفيهم.
وفي بداية التسعينات دخلت الى ايران اجهزة الكومبيوتر وانتشرت بشكل سريع فتم استخدام الكومبيوتر في جميع دوائر الدولة والمستشفيات وتم ترقيم وعنونة جميع البيوت واجراء احصاء سكاني دقيق لجميع السكان.
وتم مد سكك الحديد وفتح طرق جديدة والاهتمام بالتشجير حيث تم زراعة حوالي 5 مليون شجرة في سنة واحدة في ايران .
وبرزت افلام السينمائية الايرانية كواحدة من  المنافسين العالميين في المحافل الافلام الدولية وحصلت على جوائز مهمة
وبتسنم محمودي نجاة رئاسة الدولة اهتم بالصناعات الفضائية وبالطاقة الذرية  وبتخصيب اليورانيوم وانتاج الاسلحة وافتتاح احياء ومناطق صناعية في كل مدينة ايرانية، ودخلت ايران كدولة اقليمية مهمة ولاعب كبير في الشرق الاوسط توثر في موازين القوة في بعض الدول العربية وكاكبر منافس وخطر على امن اسرائيل وبالتالي امن الغرب وامريكا وحلفاءها في المنطقة.
تحديات التي واجهت إيران الدولة
ومع ذلك هناك تحديات واجهت ايران حيث  لم تتمكن من زيادة صادراتها النفطية وبقيت تكريرها للنفط الخام في مستويات منخفضة ولم تستطيع  التخلص من اعتماد اقتصادها على النفط رغم المزايدات وشعارات الاكتفاء الذاتي  حيث لا زالت تعتمد نصف ميزانيتها على واردات النفط  ولا زال المواطن الايراني يعيش في دوامة هبوط سعر الريال الايراني مقابل الدولار الامريكي ولم تستطع ايران تطوير السياحة سوى السياحة الدينية والتي لم تتجاوز وارداتها مليار دولار سنويا في أفضل الأوقات مع وجود مناخ وتضاريس ومناطق مختلفة في إيران تأهلها أن تكون من الدول السياحية المهمة في العالم لان القيود الدينية والأسلوب ألمخابراتي في التعامل مع السائح احيانا والقوانين العقيمة كلها حددت من تزايد السياح. أرادت إيران تقليد مدينة دبي الواقعة في الطرف الاخر من ساحلها لكنها فشلت فشلا ذريعا، فالقوانين الايرانية التي لا تسمح بامتلاك الاراضي الا لحاملي الجنسية الايرانية وصعوبة الاقامة والسفر اليها وعدم وجود اسطول جوي حسب المواصفات الدولية بسبب الحصار الغربي بالاضافة الى كونها في صراع وتنافس مع القوى الغربية وهواجس الحرب معهم.
وازدادت المشاكل الاجتماعية حيث بلغت نسبة الطلاق اكثر من سابقاته عدة مرات.
أفول الثورة
الشعارات الثورية الاسلامية  لقادة الثورة الجدد لا قت صدى في بعض الاحزاب والمجاميع الاسلامية في البلدان الاسلامية لبعض الوقت ولكنها اصطدمت لعوائق كثيرة وفشلت الكثير منها لعدة اسباب فمثلا الشيعي الكويتي ربما تضامن عاطفيا  مع الثورة الاسلامية في ايران ولكنه وجد ان الاسلام والحياة والرفاه  التي يريده ليس كما آلت اليها الاوضاع في ايران والمواطن العراقي او غيره ربما يريد الاسلام وقيمه ولكنه لا يريد ان يفرض احدهم الحجاب على زوجته او بنته بالقوة والاجبار ولا يريد تحديد البرامج التلفزيونية من قبل الدولة او منع الاغاني  ثم ان الشعارات الاسلامية للقادة في ايران اصطدمت مع القوانين الوطنية الوضعية في ايران فحسب العراقيين العائدين من ايران؛ ان ايران رفضت قبول العراقيين في جامعاتها الا بندر وحالة خاصة ولطبقة معينة ورفضت فتح مدارس عربية للجالية المقيمة هناك الا مدارس غير رسمية تدار بعطايا المحسنين، بل وصلت الحالة الى الهروب الجماعي للعراقيين من ايران في فترة حكم محمد الخاتمي الى استراليا عبر البحر وغرق المئات منهم.وادرك العراقي المهاجر والهارب من نظام صدام حسين ان امتيازات وحقوق المواطن الايراني المسيحي او العبراني ليست لها مقارنة مع مواطن عراقي مهاجر اليها حيث ليس لهذا العراقي في ايران اي حق في شراء الاملاك الغير المنقولة والتعيين في دوائر الدولة او العمل في موسساتها او فتح محل تجاري باسمه او السفر والمجيئ الى ايران ثانية او الحصول على جواز سفر او اي رعاية اجتماعية.
استغلت ايران تعاطف الافراد والمجموعات معهم باستخدامهم كآلة مثل ما استغلت شباب المهاجرين والمسفرين الى ايران في حربه ضد العراق بينما فتت في نفس الوقت( حزب الدعوة الاسلامية) لعدم ايمانه بولاية الفقيه.
وكان نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني الحالي قال سنة 1983  ان ايران تستخدم اللبنانيين كالكلاب المسعورة ضد الاخرين. ان تعاون ودعم ايران للبنانيين والحكومة السورية والحماس سوف تنتهي بمجرد الاتفاق مع القوى الغربية، فالاسلام والثورة مجرد وسائل للوصول الى الهدف النهائي كدولة قوية لها سطوتها في المنطقة والعالم.
فايران لا تهمها موت مئات الآلاف من الشعوب الاخرى من اجل درء الخطر عن دولتها وحدودها، ففي أحلك الظروف التي مرت بها العراق من حصار ومشاكل لم تقدم اية مساعدة انسانية للشعب العراقي.
ساعدت ايران دولة ارمنستان في حربها مع جمهورية اذربيجان (التي استقلت من الاتحاد السوفيتي) في حربها من اجل استعادة منطقة  قره باغ التي احتلتها أرمينيا (رغم ان الارمن هم مسيح ارثدوكس والاذريين مسلمين على المذهب الجعفري)، فالمصالح قبل المبادئ!!.
ان ايران استفادت من الحرب العراقية الايرانية على عكس العراق، واستفاد الايرانيون من الوثائق التي تم العثور عليها في السفارة الامريكية في طهران بعد اقتحامها وعرفوا ما يقلق الامريكان وكيفية تفكيرهم ومغزاهم واهتماماتهم في ايران، واستفاد الايرانيون من الغزو الامريكي للعراق ودعموا المجموعات التي تحارب الامريكان وعرفوا نقاط ضعف الجندي الامريكي ومكامن قوتهم.
فبمجرد الاتفاق الامريكي الايراني حول ملف العراقي خلال المفاوضات التي جرت في بغداد انتهت دعم الايرانيين للمجموعات التي كانت تحارب القوات الامريكية.
فايران توازن القضايا فهي الان ترعى مجموعة من عائلة بن لادن في ايران وتحتضن مجاميع من القاعدة ليساوم بهم شيئا ما امام غرمائه.
وبذلك اتضحت ان الشعارات الثورية غير عملية في توحيد مصالح الشعوب فمصلحة الشعب العراقي هي ليست بالضرورة مصلحة الشعب الايراني، لذلك أفَلَت(غابت) الثورة في ايران تدريجيا ولم تبقى منها سوى شعارات للاستهلاك المحلي وبرزت ايران كدولة لها مطامحها العسكرية والعلمية وتريد احياء ثراثها وثقافتها القديمة وبرزت كلاعب إقليمي مهم.
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات