استنادا للتقارير الرسمية ، فقد بلغت قيمة العائدات المالية من تصدير النفط 11,436 مليار دولار لشهر مايس الماضي ، وهذا الرقم لا يستهان به لأنه يعني الأعلى لإيرادات تصدير نفط البلاد منذ 50 عام أي منذ عام 1972 ، ومن الناحية النظرية فان هذه العائدات قابلة للزيادة لان الطاقة الإنتاجية للنفط الخام حاليا تبلغ 4.8 ملايين برميل يوميا ، ويجري العمل على زيادتها إلى 6 ملايين برميل قبل عام 2027 وإلى 8 ملايين برميل بنهاية عام 2027 بالتعاون مع الشركات الأجنبية بحسب تصريحات وزير النفط العراقي ، وعند الافتراض بان معدلات أسعار النفط ستبقى على حالها او تتغير قليلا فان الإيرادات الشهرية ستكون بضعف مما هي عليه ابتداءا من بداية عام 2028 أي بحدود 300 مليار دولار سنويا ، وهذه الافتراضات لا يمكن التعويل عليها لان النفط سلعة تخضع لآليات العرض والطلب وهذين العاملين ليسا بمأمن عن الاحتمالات الخطيرة ، فالإنتاج ليس مؤكدا في كل الأحوال لان يتأثر بعوامل وظروف ويتطابق الحال مع الطلب كونه يخضع لمختلف التقلبات ، وما حصل أثناء جائحة كورونا خير مثال نظرا لما أحدثه من تغيير في حركة الاقتصاد عالميا مما جعل العرض يخضع لاتفاقات اوبك + في تحديد سقوف للإنتاج لا يمكن تجاوزها كيفما نشاء .
وحسب تقرير أمريكي فأن العراق قد يكون واحدا من أكبر الخاسرين من تدفق النفط الروسي الرخيص إلى آسيا ، ونقلت معلومات عن متعاملين مفادها إن عمليات الشراء الفورية لخام البصرة المتوسط أو الثقيل بحالة توقف في دورة التداول الآسيوية الحالية ، فالهند والصين من المشترين الرئيسيين للنفط العراقي إلا أنهما عززتا مشترياتهما من النفط الروسي بسعر مخفض بعد غزو أوكرانيا ، ولان خام البصرة المتوسط والثقيل هما النوعان الرئيسيان اللذان يصدرهما العراق إلى الأسواق الدولية ، لذا فإن أي خفض في الأحجام أو الأسعار سيكون بمثابة ضربة لثاني أكبر منتج في منظمة أوبك ، وهذا سيضطرنا لعرض الشحنات بخصم على أسعار البيع الرسمية لجذب المشترين ، فالصين زادت وارداتها من النفط الروسي بشكل كبير مما ساعد موسكو على تعويض الأسواق الغربية التي حرمت منها بسبب العقوبات المفروضة عليها ، وفي الشهر الماضي ارتفعت واردات الصين من النفط الروسي بنسبة 55% إذ بلغت مشترياتها 8,42 ملايين طن وهذه الكمية أعلى بكثير من الشحنات الروسية التي تسلّمتها الصين قبل عام والتي كانت (5,44 ملايين طن) ، والقصد من هذا العرض هو التذكير بان إيرادات العراق من النفط لا يمكن إبقائها مصدرا أساسيا لتمويل البلاد ، فرغم الإغراءات في أقيامها وأرقامها إلا إنها ليست آمنة و تخضع لمتغيرات وظروف والأجدر التوجه لتنويع مصادر الدخل ففيه الكثرة والخير والأمان .