23 ديسمبر، 2024 5:04 ص

إياد علاوي ودولتهِ المدنية ..!!

إياد علاوي ودولتهِ المدنية ..!!

قدمنا اليه كوفد صحفي عام 2004 لتهنئته كأول رئيس لحكومة العراق الجديد بعد التغيير.. وبابتسامته الرقيقة رد علينا قائلا: أشكركم.. لقد جئت لأشارككم تحمل أعباء المسؤولية ..!!
فقلنا له .. لسنا سياسيين قال: اولستم السلطة الرابعة؟
بلى.. السلطة الرابعة.. وهذا يعني ان الرجل يعرف بوصلة الحقيقة ويعرف كيف يمسك العصا من مركز ثقلها ويعرف كي يضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، وهذا يعني الكثير.
ومرت الأيام وتوالت الشهور وتابعنا إياد علاوي خطوة بخطوة، ومن رحلة الى رحلة، فكانت  فترة مسؤوليته كرئيس للوزراء مرحلة مهمة في إعادة بناء هيكلة الدولة العراقية من جديد وبناء مؤسساتها التي أنهكتها الحروب وبخاصة بعد الغزو الأمريكي ، ليرى العراق بارقة الأمل عبر النهوض به ليواكب السَير في مصاف الدول المدنية المتحررة والمتحضرة ، ولنرى لونا اخر من الوان الإبداع في العمل السياسي والثقافي والتنموي من خلال القيادة الوطنية الصحيحة للدكتور إياد علاوي الذي تصدى لهذه المسؤولية الكبيرة والخطيرة وقتذاك .
عدنا ادراجنا، فتصفحنا ما غاب عن الجماهير من محطات عمله الانساني والنضالي.. فهو الذي شمر عن ساعد الجد والكدح والعطاء رغم حالته المادية الميسورة ومكانه عائلته المرموقة.. فبعد أن كافح ليصبح طبيبا في خدمة الوطن يقارع الأمراض .. ومن ثم تصديه لمحاربة أعداء المجتمع – الفقر والجهل والمرض..فقد آلى على نفسه ان يحارب ثلث اعداء المجتمع، وتشهد على ذلك مسيرته الطبية الرائعة.

غير ان الرجل لم يتوقف ها هنا.. بل وجد في نفسه طاقات لم يدخر جهدا في توظيفها لمحاربة الثلث الثاني من اعداء المجتمع، أعداء الوطن، فواصل مشواره السياسي برؤية متحررة جريئة تؤمن بالعدالة الاجتماعية وضرورة التوزيع العادل لثروات الوطن ومبدأ الحقوق والواجبات.
وحين استحال عليه النضال من اجل الوطن في الداخل، مزق شرنقة الاستعباد وحمل مصباح- ديوجين- ليبحث عن النهار في عز النهار.!!.

اجل.. فقد غادر العراق ليواصل نضاله الدؤوب.. بهمة كالجبال وروحا شفافة وفكرا نيراً يجوب السماوات الطباق.. وعزةً وإصراراً منقطع النظير.

أذن فقد تصدى اياد علاوي (الدكتور) للمرض.. واياد علاوي (المناضل) للفقر.. فكلل الله مساعيه بالنجاح.. فعاد هذه المرة ليقارع العدو الثالث للمجتمع الا وهو الجهل والطائفية … ويالهما  من عدو بغيض!!.

عَدوّان  تفشيا في جسد المجتمع الى الحد الذي اجج الصراعات الطائفية والعرقية.. الدينية والقومية… العشائرية والبيروقراطية..وجاء معهما، اعداء من خارج البلاد ليقتتلوا على ترابه ويقتلوا أبناءه!!.

فأمتطى اياد علاوي صهوة العمل الوطني المثابر وانطلق يبشر من جديد ليواصل نشر رسالته في محاربة اعداء الوطن، وحين تمعن النظر في فكره السياسي ومشروعه الوطني تجد رغم تعقيدات المرحلة مشروعاً سهلاً بإمتياز وأسس أولى لبنات الدولة المدنية في العراق  .
وأعاد هيكلة مؤسسات الدولة وفق هذا المفهوم  وهذه هي شخصية الدكتور اياد علاوي!! فبرنامجه الوطني والسياسي  واضح وخالي من التعقيد، انه يسعى لبناء وطن على اساس ان يحكم ابناء الشعب انفسهم بطريقة عادلة دون تفرقة او تمييز.. انه يريد العراق للعراقيين… عرباً واكراداً وتركمانا.. شيعةً وسنة.. واقليات متأخية اخرى.. يحبون من يحب العراق.. ويبغضون من يبغضه… وهذه هي سياستة الخارجية ببساطة..!!

وسعى علاوي منذ توليه مقاليد الحكم كأول رئيس وزراء للعراق مابعد التغيير الى بناء عراق قوي ورصين  يلتزم ابناؤه بالدستور النابع من ارادتهم الحرة.. وينطلقون لبناء وطنهم كلٌ حسب اختصاصه وخصوصيته!!.

فكان رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي.. يؤمن بالخصوصية، يؤمن بالطاقات المبدعة.. المتميزة بعطائها السياسي والثقافي والاجتماعي والعلمي.. يؤمن بالادارة العصرية ونشر التكنلوجيا وثقافة العولمة الاقتصادية الجادة العادلة.يؤمن أن الشباب عماد الوطن وروحه..
وقد يصعب على المرء احيانا ان يسبر اعماق هذا الرجل… فهو عميق بصدقهِ وصراحتهِ..عميق بفلسفتهِ لنهضة وطنهِ واعادتهِ الى مصاف الدول المتحضرة المتطورة.. له نظرة ثاقبة في بناء الصناعة الوطنية.. وازدهار التجارة الدولية.. والارتقاء بالتعليم الجامعي… ولديه افكار خلاقة في تربية الجيل العراقي الجديد المؤمن بوطنه والملتزم بأخلاق مجتمعه العربي البناءة.
فكانت فترة حكمه رغم قصر زمانها قد شهدت بناء دولة العراق المدنية ، ولكن مع شديد الأسف لم يسمح أعداء العراق بإستمرار ذلك البناء الذي كان يتطلع اليه شعب العراق بشغف .
ليجثم بعد ذلك الطائفيون والمتسيلمون والسّراق والفاسدين لمقاليد الحكم ليشتتوا العراق ويزرعوا الفتنة بين أطيافه وليغرقوا البلاد والعباد في صراعات وإقتتال مزق جسده الواحد ، وفتح ابواب الوطن مشرعة أمام الإرهاب الأعمى الذي عمل بدوره على تمزيق الجسد الممزق والمتهالك نتيجة تسلط وتسيد هؤلاء وفترات حكمهم التي عصفت بالعراق تأريخاً وحاضراً.!!
بعد أن جاءوا عبر صناديق مدسوسة وإنتخابات مزورة ،ومع هذا ضرب علاوي مثلاً عضيماً في إرساء الدولة المدنية عبر تسليمه السلطة الى الذين جاءوا من بعده بشكل حضاري وسلس لانه مؤمن بالعمل الديمقراطي الصحيح والرصين.
وبعد أن عبث العابثون بإسس البناء في دولة علاوي المدنية وتحويلها لمراكز إنتفاع شخصي وحزبي ، هذا الأمر الذي دعا شعب العراق الى الوصول لمرحلة طفوح الكيل لتخرج الجماهير بالملايين منددةً بهذا الإستهتار بمصيرها من قبل السلطات الفاسدة التي تعاقبت على سرقة قوت الناس وأرواحهم .
وكان صوت المرجعية الدينية الرشيدة  مؤيداً لصوت الشعب المظلوم بالمطالبة بالدولة المدنية التي قاد سفينتها الدكتور إياد علاوي والذي كان ولايزال يدعوا الى ترسيخها عبر المشروع الوطني العراقي الكبير ، الذي تصدى من خلاله عبر السنوات العشر الماضية لمشاريع التنفير والتمزيق الطائفي .
اليوم يتفق الجميع بمن فيهم المجتمع الدولي والعربي ودول الجوار والعراقيين بكل أطيافهم والوانهم بإن الدكتور إياد علاوي هو من يستطيع العودة بهذا المشروع وقيادة الدولة المدنية العراقية الى بر الأمان بعدما حلًّ بالعراق ماحل .

ان المواطن العراقي رأى بعد مخاضات عسيرة ان ورقة التوت قد سقطت!! سقطت عن ادعياء الوطنية والمثالية.. وان الوجوه الكالحة الخارجية الداخلية بدأت ترحل بشكل او بآخر !! دولة علاوي المدنية ترى  ان العراق يمتلك قدرات اقتصادية وحضارية ويستطيع ان يشارك بشكل فاعل في بناء المجتمع الانساني وفق مبدأ ان العالم كله قرية صغيرة ولابد لهذه القرية ان تعيش بسلام!! دون ظلم او تسلط او استبداد.

هذه الدولة لاتعمل وفق  برنامج تسيّس الدين ، بل إنها تعمل وفق مبدأ ، ان الدين المعاملة وان الدين النصيحة وان افضل المواطنين في تلك الدولة هو من يخدم عائلته الصغيرة ،ثم يوظف هذه العائلة لخدمة الوطن والانسانية.
سنوات طوال مرت على لقائنا الأول به وجوه كثيرة تغيرت وأخرى سقطت ..!! ونهج الدكتور علاوي باق ..لأن هذا النهج يمثل المستقبل الزاهر للعراق ..بالأمس استقبلنا الرجل وكأننا أمام هذا القائد الذي التقيناه قبل أكثر من عشر سنين ..برنامجه الوطني ثابت رغم كل مايلاقيه من اعداء النجاح من دسائس ..!!

دولة علاوي ترى انه ، لا يصح الا الصحيح .