23 ديسمبر، 2024 2:49 م

إهمال الأخلاق التربوية في المدارس والثانويات والمعاهد والكليات العراقية جريمة وطنية!

إهمال الأخلاق التربوية في المدارس والثانويات والمعاهد والكليات العراقية جريمة وطنية!

هناك طرق مختلفة تلجأ إليها التربية لتهذيب أخلاق الأجيال المتعلمة ، ولعلها ؛
أ- الطريقة التلقينية : حيث يعتمد الكبار في الجانب التلقيني على شرعية الإجبار أو الفرض على الصغار، ولكن ليس لديهم الحقوق الأخلاقية المطلقة . بمعنى؛ أن الصغار يحتاجون للكبار في مساعدتهم وإعانتهم على التعليم، ويحمونهم ، ليصبحوا أحرارا في كبرهم ، لذلك ؛ فللكبار سلطة على الصغار ، تتضمن استعمال القوة والإرغام والإجبار، ولهم الحق في ترويض تصرفاتهم لدرجة معينة.
ب- الطريقة الحدسية: هذه الطريقة تميل إلى التجربة المباشرة للإنسان ، والذي يتأثر بها ويتفاعل معها ، وتعتبر عكس الطريقة التلقينية ، باعتبار أنها أسلوب يجعل التلميذ محور التعليم ، وتراعي طبيعته.
ج- الطريقة الفعالة: وهي تعكس مفاهيم بناء الحرية وإرادة خلق الذات ، وتمكن الطالب من تحديد اتجاهاته وخياراته، وتعتبر هذه الطريقة اتجاه نحو التعلم الذاتي الذي يعتمد فيه الطالب على نفسه في حل المشكلات.
وما زالت الطرق التربوية في تدريس الأخلاق محل جدال اجتماعي في غالبية المجتمعات، وكثير من الكتب التي كتبت عن التربية الأخلاقية كانت غير موضوعية وتميل للعاطفية، وأغلبها ردود فعل لأوضاع مختلة، أو إفراط في التركيز على الموروثات الأخلاقية والتاريخية، فالواقع الأخلاقي في المجتمع يتلون باتجاهات المجتمع الدينية والاجتماعية والتاريخية ، وهي التي تؤثر في تباين التربية الأخلاقية، والاختلاف في درجة الردود الانفعالية من مجتمع لآخر.
وتستند التربية الأخلاقية على وحدتين أساسيتين متكاملتين ؛ لعلهما:
 أ- التربية العاطفية: وتنبع من سعي التربية الأخلاقية لتثبيت قيم متعددة في النفوس مثل التسامح والاحترام والمحبة والثقة.
ب-التربية الفكرية: فللتربية الفكرية أهمية بالغة وأساسية في التربية الأخلاقية ، ولكن هذا لا يعني أن تكديس المعرفة وتخزينها في العقول تحسن أخلاق الإنسان، إذ لا يعني بهذا؛ إنه كلما زادت المعرفة عند الإنسان ارتفعت أخلاقياته.
ويقول الدكتور عبد الخالق نتيج : إنَّ الخلق كل سلوك أو قول ارتضاه الدين و المجتمع , و الأخلاق أساس العلاقات المتميزة و المستمرة ؛ إذ أن الإنسان الخَلوق مطلب كل مُستنجد أو مُستبشر , و إني و من خلال ملاحظتي للمجتمع و المحيط الذي أعيش فيه لاحظت أن حُب الأخلاق والسُمو في المعاملات أصبح خارج أولويات شبابنا , و ذلك لطغيان المادية على الحياة , فأصبح شبابنا يبحث عن كل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا و اللباس و يظن بأنه بشراء هذه الأشياء سيصبح متحضرا , رغم أن التحضر يعني سموا في الأخلاق و تحديثا في وسائل المدنية , فالتحضر في أصله أخلاق و معاملات وليس مظاهر للمباهاة بين المتنافسين.
لدعم الأخلاق هناك عدة مستويات, تبدأ بالأسرة باعتبارها اللَبنة الأولى لشخصية الطفل , ثم المدرسة فالشارع و الإعلام ؛ فكل هذه المستويات تؤثر على قيمة الأخلاق لذا الشخص.
إن المربي سواء كان أبا أو أستاذا أو غير ذلك مؤتمن على من يربيه ؛ إذ لا ينحصر دور المربي في إيصال المعرفة و لكن يتجاوزه لإعطاء المتربي وسائل لمواجهة الحياة ,و من أهم هذه الوسائل الأخلاق .
و قد أظهرت نتيجة بحث في أمريكا أن 93%  في المائة من الذين  طردوا من عملهم كان بسبب أخلاقهم و معاملتهم و ليس بسبب كفاءاتهم المهنية ؛ فأنت عندما تربيه على حسن الخلق تجعل منه إنسانا محبا للخير يزن الأمور بالقيم و المبادئ بعيدا عن الأسباب المادية , و تسهل عليه الحياة و تفتح أمامه أبواب مستقبل مشرق .
و لعل أهم طرق التربية , التربية بالأخلاق ؛ لأنها تنطلق من أن الإنسان مفطور على الجماعة و العيش داخل المجتمع , فهو يتأثر و يؤثر على الآخرين , و هكذا إذا استطاع المربي أن يؤثر في الطفل بأخلاقه أصبح نموذجا يقتدي به في حياته و بذلك سهُل على المربي دفع الطفل نحو السمو المعرفي و الأخلاقي في الوقت ذاته , لأن الإنسان يتعلم بروحه و جسده بالإضافة لعقله , و التربية بالأخلاق تركز على المكونات الثلاث للإنسان :
 تأثيرٌ على روحه و تعاملٌ بأخلاق سامية و رفع لمستواه المعرفي .
إن المعلم بالنسبة للطفل قدوة , يتبعها و يعتبرها منهجا في الحياة , فما أحوجنا إلى المعلم القدوة الحسنة , إن الدال على الخير كفاعله , عندما يُزرع حسن الخلق في الطفل تُزرع بذرة سيستفيد منها المجتمع كَكل .
إنَّ خير المربين نبينا محمد صلى الله عليه وآله و سلم ؛ إذ جعل من التربية بالأخلاق منهجا يعيشه ، من خلال تعامله مع كل إنسان ، مسلماً كان أو كافرا , و وعن عائشة (رض) تصف خلق الرسول (ص): (( كان خلقه القرآن)) ـ رواه مسلم
وهو القائل  صلى الله عليه وآله و سلم : (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ))
وقد وصفه الله تعالى  ((وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)) 159 آل عمران
بينما يرى الدكتور أحمد علي كنعان ؛ ما يقوله الرسول محمد (ص): ((ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)). فالوالدان يغرسان في الطفل قيم الدين الذي يعتنقانه وقد حدد الرسول (ص) ثلاثة أديان معروفة في عهده هي المسيحية، واليهودية، والمجوسية. الدينان الأولان يعتبر الإسلام أنه جاء مكملاً لهما وخاتمة للأديان السماوية ومصححاً لكل ما يمكن أن يكون قد دخل فيهما من تحريف في الكتب المنزلة من السماء: التوراة والإنجيل. أما المجوسية فهي الديانة التي كانت سائدة في الإمبراطورية الفارسية والتي ترتكز على عبادة النار كرمز للقوة والنور.
والسجل ألقيمي في كل الأديان المذكورة متشابه وتحديداً في فكرة العدالة لكن الإسلام يختلف في موضوعية التوحيد المطلق لله وتساوي البشر أمامه مهما كانت أديانهم ومعتقداتهم وأنه يرزقهم جميعاً: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الحجرات/ 14.
(وكلاّ نمد هؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً) الإسراء/ 21.

ويرى الإسلام أن المرحلة المبكرة من الطفولة لا تسمح بفهم واستيعاب القيم، والواضح أن سن العاشرة هي ما يمكن أن نطلق عليه بدء مرحلة عملية المفاهيم، يقول الرسول (ص): ((علموا أولادكم الصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر)). وهذا يوحي أن هذه المرحلة هي بداية النضج العقلي الحقيقي علمياً وتحمل المسؤولية، وهذا ما أشار إليه العقلاء، حيث يبدأ الطفل باستيعاب المفهوم والنقد والتحليل في هذه المرحلة ما بين السابعة والعاشرة وسماها المرحلة الفعالة. وفي كل الأحوال فإن من الضروري للطفل ما قبل المدرسة في الإسلام أن يعطى الحرية ليعيش طفولته الحقيقية بعيداً عن أداء الطقوس وبعيداً عن المسؤولية الأخلاقية وأن تقتصر المرحلة في مجال النمو الأخلاقي على التلقين وشرح المثل العليا والتعزيز اللازم لبناء هذه المثل تمهيداً لفهمها فيما بعد والالتزام بها وبالتالي تحمل المسؤولية الأخلاقية تبعاً لقيم المجتمع وقوانينه وتقاليده المرتكزة على الايدولوجيا الإسلامية. ولكن كان لهذا الدين رأي حاسم في موضوع بناء الأسرة التي يمكن أن تؤسس وتضع الإطار الذي ينمو فيه الطفل ليصبح صالحاً وأخلاقياً ليتمكن من هزيمة نزعات الشر الموروثة فيه، ولهذا فقد أعطى الإسلام للوراثة من جهة المرأة (الأم) تحديداً دوراً حاسماً في تكوين القيم الأخلاقية لدى الطفل، وركز على ضرورة الزواج من المرأة الصالحة. واختيار المرأة الصالحة يعني طفلاً ينمو في بيئة تطبق القيم الأخلاقية وتعطيها للطفل بالمعنيين (الاقتداء والتلقين) واعترافاً بأهمية الأم في هذا المجال، قال الرسول (ص): ((تنكح المرأة لثلاث: لجمالها ومالها ودينها فاظفر بذات الدين))، وحذر (ع) من الزواج من المرأة الجميلة التي ترعرعت في أسرة فاسدة، فقال: ((إياكم وخضراء الدمن، قالوا: ومَن خضراء الدمن يا رسول الله؟ قال: المرأة الجميلة في المنبت السوء).
وتعد المرأة في الإسلام محورة الأسرة الحقيقي، فهي المربية الحقيقية للطفل وهي التي تمتلك دوراً بالغ الأهمية في منح القيم الأخلاقية له، ولهذا أوصى الإسلام بالأم كثيراً، يقول الله عز وجل: ))ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين، أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير)) لقمان/ 13.
والرسول يوصي بحسن صحابة الأم ثلاث مرات مما يعني أنها القاعدة الأساسية للتربية الخلقية في الأسرة وهي بالنتيجة أحق بالصحبة والاقتداء والتكريم، يقول الرسول (ص): (عندما سأله أحدهم مَن أحق الناس بحسن صحبتي يا رسول الله؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أبوك). وللأب في الإسلام أيضاً دوره الحاسم في الأسرة، فهو يكون المثل الأعلى للاقتداء والتقليد بالنسبة للذكر والأنثى على حد سواء، فهو الأقدر على فرض النظام في المنزل ومنع الانحرافات الخلقية، وهو الموجه الأخير للأطفال نحو المستقبل.
والأطفال في الأسرة الإسلامية بحاجة إلى أب دائماً أو بديل عن الأب، هذا الدور الذي لا تقدر عليه الأم أبداً وخصوصاً مع الذكور من الأولاد في المرحلة قبل المدرسية وبعدها. وبشكل عام فإن دور الأم لا يقل أهمية عن دور الأب في بناء الأسرة وتلقينها القيم الأخلاقية الرفيعة في المجتمع.
ولعل من المفيد في هذا الصدد أن نستعرض بعض النماذج من آراء المربين المسلمين في الطرائق الأفضل لتكوين القيم الأخلاقية في الطفولة المبكرة ولعل أهم ما يمكن عرضه هنا هو آراء ثلاثة من أشهرهم: أحمد بن تيمية، محمد الغزالي، عبد الرحمن بن خلدون، وقد عاش هؤلاء ما بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر الميلادي وهي الفترة التي تميزت بنمو الفكر الأصولي الإسلامي وانحسار حركة النهوض الفكري الفلسفي المتأثر بالفلسفة اليونانية.
ويمكن تلخيص آراء أحمد بن تيمية في التربية الخلقية للطفل بالعناصر التالية:
1 ـ الملاحظة الدقيقة للطفل من قبل الأسرة وتقديم العون والإرشاد النفسي الدائمين. وكذلك التعزيز في سبيل حل المشكلات الأخلاقية التي تواجهه داخل الأسرة وخارجها.
2 ـ تأصيل القيم الأخلاقية الإسلامية بحيث تستغرق كل أبعاد شخصيته مثل: قيم توحيد الله وعبادته والقيم المرتبطة برعاية الجسم وإشباع حاجاته والقيم المتعلقة بالعمران وعدم التخريب والسعي إلى كسب الرزق والقيم المتعلقة بالتفكير والتدبير والكرم والحلم والأمانة والمحبة والأمل والأخوة والمعاملة الطيبة والمسؤولية الاجتماعية وغيرها.
3 ـ غرس القيم الإسلامية الصحيحة في الطفل بوساطة الإرشاد اللفظي وتعليمه أن تكون حياة الرسول والصحابة والشهداء مثله الأعلى وأن يرفض كل ما دخل على الإسلام من شوائب فكرية ومذاهب أخرى.
4 ـ أن يكون التعليم الخلقي منسجماً مع خبرات الطفل وسلوكه ودوافعه البيولوجية لا معاكساً لها، وأن يكون تعديل هذه الدوافع بما ينسجم مع السلوك الاجتماعي الصحيح ووضع الغرائز العدوانية لدى الطفل في قنواتها الخيرة للسلوك الطيب.
5 ـ يعتقد ابن تيمية أن الطفل يولد صفحة بيضاء وعلى قدر نوعية المثيرات الخلقية التي يتلقاها من البيئة التي يعيش في وسطها على قدر اكتسابه لقيم أخلاقية أو اتجاهه نحو الشر وهذا ما يتعلق بالأسرة.
6 ـ إعطاء الطفل حرية مقيدة وتعويده على أن الحرية المطلقة ليست مفيدة.
7 ـ استخدام الثواب والعقاب مع التأكيد على أن الثواب (التعزيز الإيجابي أفضل من العقاب وأحياناً يؤدي إلى تثبيت السلوك أكثر منه إلى تعديله).
8 ـ القدوة الحسنة من قبل الأبوين مهمة جداً في مجال التربية الأخلاقية.
وأما أفكار الإمام محمد الغزالي في مجال التربية الخلقية للطفل فيمكن تلخيصها بما يلي:
1 ـ إن للأسرة أهمية كبيرة في نمو القيم الأخلاقية لدى الطفل، وعلى قدر نوعية الخبرات والمثيرات التي يمتصها من والديه ينشأ سليم النفس طاهر العقل.
2 ـ خلق الطفل قابلاً للشر والخير معاً ووالداه هما اللذان يمنحانه القيم الأخلاقية أو عكسهما.
3 ـ يجب حجب الطفل عن رفاق السوء وتعويده قيم الاعتدال والخشونة في الملبس والمأكل ومناهج الحياة.
4 ـ الأم وأخلاقها عامل مهم في تربية الطفل.
5 ـ التربية تعتمد على ضبط السلوك بالثواب والعقاب في سبيل أن ينشأ الطفل متوافقاً ومتكيفاً مع مجتمعه وقيمه.
يصر الغزالي على ضرورة تجاهل أخطاء الطفل الأولى ومعاقبته إذا عاود الخطأ مع ضرورة التوضيح والشرح بسبب الثواب أو العقاب في حال استخدامهما.
7 ـ المحافظة على شعور الطفل أمام الآخرين إذا أريد توبيخه أو معاقبته.
8 ـ يجب عدم الإكثار من توبيخ الطفل لأن ذلك يؤدي إلى تعويده على ذلك وعدم استجابته.
9 ـ يجب تعويد الطفل على أن يكون سلوكه علنياً واضحاً وأن يتطابق فكره مع سلوكه وأن يمارس دائماً العمل النافع للجماعة.
10 ـ يجب ذكر الله أمام الطفل دائماً وتشجيعه على الصدق والإخلاص وإرضاء الله.
11 ـ يجب غرس قيمة الكرم والغيرية في نفس الطفل وأن يتعود على الإعطاء لا الأخذ ويمكن استخدام مثال الكلب في سبيل منعه من الأخذ.
12 ـ غرس قيمة احتقار المال في نفس الطفل ويعد الغزالي ذلك من الأمور الهامة.
13 ـ تدريب الطفل باكراً جداً على الاتجاهات المتعلقة بالأدب الاجتماعي: النظافة، الترتيب، عدم البصق، عدم التثاؤب بحضور الآخرين، قلة الكلام، آداب الطعام.
14 ـ تعويد الطفل على عدم النوم في أثناء النهار، لأن ذلك يورث الكسل وكذلك ممارسة الرياضة واللعب الهادئ الجميل الذي يتناسب مع ميوله.
15 ـ تعويد الطفل الذكر على لبس الملابس البيضاء فهي أنسب للذكر من الملابس الملونة.
وأما المربي ابن خلدون فهو عبد الرحمن بن محمد والمشهور بابن خلدون ، ويعد مؤسس علم الاجتماع بعد تأليف كتابه المعروف (مقدمة ابن خلدون) وهو من أوائل مَن نادى بديمقراطية التعليم وتكافؤ الفرص في الحصول على العلم أمام الجميع وضرورة التركيز على التعليم المهني لمصلحة المجتمع وكذلك التعليم المستمر والنظامي ولهذا فهو يعدّ رائداً من رواد التربية الحديثة، وقد تحدث في مقدمته عن ضرورة استخدام وسائل الإيضاح والتدرج من البسيط إلى المركب ومراعاة الفروق الفردية والوسائل المتعددة للتدريس بحسب مقدرة كل تلميذ على الاستيعاب. وأما في مجال تربية الأطفال والقيم الخلقية فقد جاء ما يلي:
1 ـ يجب أخذ الطفل بالرفق واللين، فالشدة مضرة وتؤدي إلى عكس المطلوب.
2 ـ إن العقاب الصارم يؤدي بالطفل إلى التظاهر بغير ما هو عليه ويعوده على الكذب والخبث والمكر والخداع وغير ذلك من الأخلاق المتجهة نحو الشر والفساد.
3 ـ يجب مراقبة مقدرة الطفل على الاستيعاب من أجل توجيهه بشكل أفضل نحو الأخلاق الحميدة. وعلى الوالدين ألا يحملا طفلهما أكثر مما يحتمل من التوجيهات الخلقية فإن ذلك لا يفيده.
4 ـ يجب الاعتماد في تدريب الطفل على القيم الخلقية بأن يكون المربون قدوة للطفل مع إتاحة الفرص له لاختبار ما تعلمه وضرورة ضرب الأمثلة المحسوسة له حتى يتمكن من الاستيعاب فإنه لا يفهم المجردات مطلقاً.
والحالة هذه ؛
رحم الله أحمد شوقي إذ قال :
وإنما الأُممُ الأخلاقُ ما بقيت    فإنْ همُ ذهبتْ أخلاقهم ذهبوا

رياض أطفالنا ؛ لا هم لها أكثر من كسب أكبر عدد من الأطفال لأجل كسب أكبر الأجور
مدارسنا الابتدائية ؛ لا هم لها سوى إكمال المنهج المدرسي ، وإجراء الإمتحانات.
ثانوياتنا العراقية ؛ لا هم لها سوى قيام بعض المدرسين إلى مؤلفين ملازم يبيعونها في المكتبات مقابل دخل مضاف على دخل رواتبهم ، وفتح دورات تقوية يدرّسون فيها الطلاب بطريقة أفضل من الطريقة التي يدرّسونهم بها في المدارس الحكومية .
معاهدنا ؛ تحوّلت إلى تخريج طلاب دون استيعاب.
كلياتنا ؛ تحوّلت إلى متاجر ومولات جامعية (نهارية مسائية) تتنافس لأجل الأرباح لا لأجل الإنجاح، بحيث أصبح (بكالوريوس الكلية) لا قيمة له في العراق !!!
ثم؛ ما الفائدة من شهادة جامعية دون تربية أخلاقية ؟!!!
ما جدوى تخرّج طبيب يتاجر بالأعضاء البشرية ؟!!!
ما الفائدة من مهندس إلكترون واتصالات يصنع جهاز تفجير المفخخات عن بعد ؟!!!
ماذا يؤمل من كيمياوي يحضّر الـ c4 خدمة للعمليات الإرهابية ؟!!!
تحوّلت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى وزارة للتعليم العالي والبحث العلمي فقط ، بعدما انفصلت عن اسمها العريق ( وزارة التربية والتعليم العالي ) !!!
لماذا لا تعمم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي منهجاً شاملاً على جميع الكليات والأقسام يعنى بالأخلاق الفاضلة ،على غرار منهج ( الثقافة القومية والاشتراكية) الذي كان أيام الديكتاتورية  المقبورة لعنها الله، وليكن منهج ( الأخلاق الوطنية والإنسانية ) !!!
أليس الطلبة أبناؤنا وأبناؤكم .. أخواننا وإخوانكم .. بناتنا وبناتكم .. أخواتنا وأخواتكم أيها المسؤولون عن التعليم العالي والبحث العلمي في العراق الديمقراطي الجديد ؟!!!
أما في وزارة التربية ؛
فقد تحوّل بعض المعلمين والمدرّسين ؛
من :
(( قم للمعلم وفه التبجيلا  كاد المعلم أن يكون رسولا ))
 إلى :
(( قم للمعلم وأنظر التنكيلا   كاد المعلم أن يكون جهولا ))

مَنْ مِنْ المشرفين التربويين أجرى مسحاً أخلاقياً على معاناة التلاميذ والطلبة من سلوكيات بعض المعلمين والمدرسين السيئين في المدارس والثانويات العراقية ؟!!!
مَنْ مِنْ المشرفين التربويين كان همه غير إكمال المنهج الدراسي وطريقة إيصال المعلومة إلى الطلاب والتلاميذ حسب ؟!!!
وهل تحرص وزارة التربية ومديرياتها العامة في العراق على إيلاء موضوعة التربية الأخلاقية للتلاميذ والطلبة والمعلمين والمدرّسين القدر الكافي الذي يضاهي قدر الاهتمام بإكمال المنهج الدراسي ؟!!!
أليست هي وزارة (((التربية))) ؛ الوزارة المسؤولة عن الرعاية الأخلاقية للطلبة والتلاميذ ، وطلبتنا وتلاميذنا يقضون جل وقتهم بين أروقتها العاصفة بالإهانات والتجاوزات على أبنائنا المغلوب على أمرهم .. هم وأولياء أمورهم …
الأب لا يجد من يحترمه من أكثر المدرسين والمعلمين !!!؟
الأم لا تجد من يحترمها من أكثر المدرسين والمعلمين !!!؟
أي وزارة تربية هذه أخي ، لا تحترم أولياء أمور التلاميذ الطلبة ؟!!!
إذا كان أولياء أمور التلاميذ والطلبة لا يُحترمون ، فكيف يأمنون على أبائهم ؟!!!
أين التربية ؟!!!
إنّها وزارة ((التعلم المدرسي)) ، لا وزارة ((التربية)) !
التربية في وزارة التربية العراقية = صفر !!!
المعلمون والمدرّسون التربويون استمدوا أخلاقهم من أسرهم ، ولا يوجد في وزارة التربية ما يحظ المعلمين والمدّرسين على الأخلاق التربوية ، المعلم أو المدرّس مطالب بمنهج ومطالب بامتحانات ومطالب بتقديم درجات فقط !!!
إنَّ كافة التوجيهات والتعاميم الوزارية شكلية .. غير مطبقة على أرض الواقع ، ومثاليات لا يحاسب عليها المعلم أو المدرّس ، وهنالك تأخير وتعاطف واضح بين اللجان التحقيقية والمعلمين والمدرّسين المسيئين للطلبة والتلاميذ ولأولياء أمورهم !!!
بعض المعلمين والمدرّسين لا يتحلون بالأسلوب التربوي اللائق !
بعض المعلمين والمدرّسين لا يتصفون بالأخلاق !
إدارات المدارس لا تحاسبهم .. قوانين انضباط موظفي الدولة معطلة تماماً في المدارس والثانويات العراقية .. المدراء ومعاونوهم يخافون من المعلمين والمدرّسين !!!
ألفاظ عجيبة غريبة تأتينا ـ نحن أولياء أمور التلاميذ والطلبة ـ من المدارس والثانويات العراقية ، يتلفظ بها معلمون ومدرّسون ((لا يُلبس عليها ثوب)) !!!
عندما يقضي الطالب أو التلميذ جل وقته اليومي في المدرسة بين معلمات ومدرّسات ـ هن أمهات له خلال هذه الفترة ـ  .. بين معلمين ومدرّسين ـ هم آباء له خلال هذه الفترة ـ
الأمهات والآباء هؤلاء ؛ إذا كانوا بمستوى الأخلاق التربوية لوالدي طالب أو تلميذ منحدر من عائلة تشابههم لا ضير من ذلك ، الكارثة العظمى ؛ عندما يكونون آباء وأمهات لطلبة وتلاميذ غيرهم !!!؟
تداعيات ومؤاخذات كثيرة وكثيرة جداً على فساد تربوي مستشري في المؤسسة التربوية العراقية ، لدرجة أن أحد أولياء أمور الطلبة في أحدى الثانويات العراقية راجع إحدى المدارس متظلماً بسبب محاربة أحد المدرسين لولده ، فتلقى رداً من مدرّس ـ أمام مدير المدرسة وأمام المرشد التربوي، بألفاظ والله نخجل نذكرها ونأنف ، وقد وصفنا وشخّصنا حالات إلى معالي وزير التربية وإلى مدير عام تربية بغداد الكرخ الثالثة،وكنا نتوقع أن تحدث ثورة تربوية عاجلة لدى كليهما، لكن؛
رحم الله الشاعر عمر أبو ريشه :
رُبَّ ومعتصماه انطلقتْ  ملءَ أفواه الصبايا اليتّمِ
لامست آذانـــنا ، لكنها ؛ لـم تلاقِ نخوة المعتصمِ