18 ديسمبر، 2024 9:56 م

إن كان لكم دين وفروا الأمان للشعب

إن كان لكم دين وفروا الأمان للشعب

العالم يتقدم بسرعة مما يجعلنا ننذهل بين فترة واخرى ونحن صامتين جاثمين امام هذه القفزات العلمية من اكتشاف تطورات مكرسة لخدمة الأنسانية في كافة النواحي ولم تقتصر لجانب محدد , اما الشعوب فهي تلامس ذلك التقدم والرفاهية وتتعايش مع المدنية الحديثة متناسية فترات مظلمة مرة عليها كابدت فيها حياة الحرمان والألم وخصوصا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية فبدأ العالم يسلك أقصر الطرق واقلها تكاليف للوصول الى ذروة التقدم وتسارعت التكنلوجيا بخط بياني مرتفع جدا لايمكن ان يتوقف للحظات عند محطة ما , لهذا اظهرت لنا عمق ذلك الارتقاء في الحضارة وعلى كافة الميادين استفادت منها كل شعوب العالم بما فيها الدول الفقيرة وان لم تكن بمستوى الطموح فقد نال منها بعضا من الخير , وكانت الانطلاقة بعد حالة التشرذم والانهيار في جميع البنى التحتية لبلدان أصبحت اليوم اشعاع صناعي وفكري وحياة تسودها الرفاهية وبالاخص الدولة التي فقدت مكانتها وسادها الخراب والأنهيار في الحروب العالمية الاولى والثانية ,امثال المانيا وايطاليا واليابان والنمسا ولاستثني حتى الدولة التركية , اما نحن في بلدنا العراق فالمجتمع يتألم حين يمر على ذاكرته الماضي الجميل البسيط الممتلئ بالفقر المدقع ولكنه لم يؤثر على اخلاقيات وعقائد الناس لذلك حفظوا جزء من التراث القديم والماضي الجميل ويتمنون إن يعيد الله عليهم تلك الحياة على الرغم من شدة فقرها وعوزها فيعتبرون راحة البال والنوم العميق كما يقال صفي النية ونام بالثنية هي اجمل من الشهد عندهم , اما اليوم في بلدي العراق لا أشم نسيم الصباح القادم من ادراج السماء ولا امعن النظر الى الشمس في رابعة النهار بنقاوة البصر كل ما اسمع وأرى هو اشلاء محطمة يتدفق منها ودق يعلو الى السماء وحريق نشب في سوق وانفجار عبوة على عمال كانوا في طابور يستنظرون ارزاقهم وعجوز تفقد ابنائها واخ يتشاجر مع شقيقه من اجل ارض بور وسرادق نصبت ليتقاضى فيها المذنب والضحية , ولايختلف الامر ان هنالك من يصول ويجول ويتربع على عرش الفساد ومن يبدد الثروات , الكلام يطول والوصف يتسع , الى متى نضل ندفع ضريبة السعادة ونحن تعساء ونحلم بالأمان واحلامنا هجرت مع الأمال ونسمع أنين المظلومين وثكالى نساء قد اهلك الدهر حناجرهم وباضت عيونهم من العويل , على الرغم من ان بلدي فيه الكثير من الخيرات وكل مقومات الاقتصاد من ثروات طبيعية لكن لا اجد من اثق به ان يعزز فينا الأمان ويوّمن لنا مستقبل فيه أبسط العيش كباقي سائر الشعوب , حين تسمع المسؤول وبعض من رجال الدين المزيفين والسياسيين وهم يدافعون عن البلد ويتراشقون التهم فيما بينهم تهرب منك الحقيقية ويراودك الشكوك لانك اينما تحل تسمع كلمة فساد وسارقين ولاتعرف من هو السارق الحقيقي ومن هو الذي اوصل البلد الى هذا الانحدار , ومن المعيب ان نسمع ان هنالك وعود قاطعه تستنظر الشعب من خير ورفاه وسوف يلبون كل احتياجات الشعب وستنهض حركة عمرانية وسنوفر الخدمات حتى سأمنا من هذا الكلام وحين يتعرض البلد الى خطر يلجؤون الى ابسط الناس واستنفارهم للدفاع عن ارض الوطن وحثم على الشهادة وفي هذا الخصوص يستحضرني احدى مقالات مؤسس علم الاجتماع في العراق الدكتور علي الوردي الذي اغتاظ عليه رجال الدين واتهموه بالكفر والزندقة وهو الخطر الاول في العراق قبل خمسين عاما لأنه وصف المجتمع ورجال السياسة بدقة ووضع الأبهام على النزيف كما قال,,( المؤمن الذي يموت في سبيل دينه فهو يتوقع أن يلقي بعد الموت مايعوضه خير تعويض , فهو بموته يفقد المنفعة القليلة العاجلة من أجل منفعة كثيرة آجله لكن الملاحظ إن الشهداء في الدين قليلون نسبيا ذلك لأن أكثر الناس غير مصدقين بالأخرة تصديقا حقيقياً من اعماق نفوسهم, ولو كانوا مصدقين بها حقا لتهافتوا على الموت أكثر من تهافتهم على مناصب الدنيا ومغرياتها( لا اجد خير في هذه الحكومة وهي تبنى مشروعها واهدافها على المحاصصة المقيتة ولاتستطيع ان تقيل عامل تابع الى احدى الاحزاب او التيارات السياسية الا بتوافق ومقايضة لهذا اصبح البلد في شرنقة معقدة ولايمكن النفاذ منها الا بمعجزة ربانية ,والمعاجز في هذا العصر اصبحت قليلة ونادرة لان الناس ضعف الايمان في قلوبهم وحبهم الى الدنانير جعلوا يقتلون كل شيئاً جميل , قبل استشهاد الامام علي عليه السلام قال الى الحسنين عليهما السلام (لا تتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجيب لكم ), هكذا اليوم يسود مجتمعنا الفساد فلا نلوم السلطة ورجالها العيب في زماننا ,رحمه الله الشافعي قال نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا .