لو تدبرنا ما جرى ويجري في العراق لأدركنا أن سياسة ُ العمل على الأضداد تُمارس وبشكل مُمنهج على أهل العراق بشكل خاص وعلى العالمين العربي والإسلامي على وجه العموم ، إعتـُمِدت هذه السياسة من قبل أطراف إقليمة وعالمية ولا يخفى الأمر أن هذا النهج هو توجه شعوبي منذ غابر الأزمان استوحى المستعمرون منه سياسة فرق تسُد .
بُغية الوقوف على أطراف الهدم الإقليمية والدولية التي تبنت تدمير عُرى النسيج الإجتماعي العراقي لابد من إستعراض لمحاتٍ تأريخية للإطلاع ولو على النُزر اليسير بحقيقة المتربصين بالعراق وأهل العراق شر المنون وتسليط الضوء على الرابط أو الخيط الناظم لكُل أؤلئك المتصيدين في المياه العكرة .
إنها الفوبيا ، الثأر ، الغلُ والحقد ، عُقدة الشعور بالنقص تجاه العروبة والإسلام وهذا قاسمٌ مشترك للمعسكر اليهودي الصليبي الفارسي يُضاف إليهم قوى الإلحاد … فلو عُدنا وقلبنا صفحات التأريخ واستعرضنا السبي البابلي الأول الذي اقتيد فيه 3000 يهودي والسبي البابلي الثاني الذي تم اقتياد 40000 يهودي مشياً على الأقدام مُكبلين من القدس إلى بابل على يد نبو خذ نصر (بوختنصر) الذي انطلقت جحافله من العراق … وفي عهد الرسالة المُحمدية حيث حكم رسول الله (صلى الله عليه وآله وأصحابه وأزواجه وذرياته وسلم) وبمشورة سيد الأنصار سعد بن معاذ (رضي الله عنه) الذي نطق بحُكم الله في بني قُريضة وهو قتل الرجال وسبي الذراري وغنيمة الأموال ومن ثم قول الحبيب المصطفى محمد : لا يجتمع دينان في جزيرة العرب فأجلى الرسول يهود خيبر بعد غدرهم وأجلى عُمر بن الخطاب (رضي الله عنه ) يهود نجران وفدك من جزيرة العرب بعد أن أوفاهم حقهم …..
وإذا ما استعرضنا التوراة التي أوردت في تفاسير حزقيال ، دانيال ، أشعياء : ستكون هناك قوتان متضاربتان على مراكز السيادة على العالم دول غرب أوربا والآشوري (العراقي) وأوردوا في التفسير عن مهمته : هو يد الله التي ستضرب بواسطة الآشوري وسيكون هو عدو إسرائيل آخر الزمان وسيرسله الله على أمة منافقة هي شعبه … وذكروا في تفسيرهم عن شعب القائد الآشوري : شعبه قوي لم يكن له نظير من الأزل ، ولا يكون بعده ، قدامه نار تأكل ، وخلفه لهيب يحرق ، وأمامه جنة ُ عدن (الشهادة) يجرون كالأبطال ، رجالُ حرب ، يمشون كل واحدٍ في طريقه ولا يغيرون سبلهم ، ولا يزاحم بعضهم بعضا ، وبين الأسلحة يقعون ولا ينكسرون …إنه هو الذي سيستخدمه الرب في القضاء على الشعب اليهودي ، وسيحقل الآشوري نصف إسرائيل في أول أيامه ، وسيستخدم العصا على إسرائيل ، وسيضرب قاضيها بقضيب على خده …..
ما ذكرناه آنفاً يُوحي بأن اليهود لن ينسوا إجلائهم من جزيرة العرب ، ولن ينسوا السبي البابلي ، ولن ينسوا تهجيرهم من العراق في منتصف القرن العشرين ، يكلل ما سبق القول أن بداية نهايتهم ستكون من العراق …؟؟؟
إذن هو ثأر متتابع مشحون بالغل مطرز بالفوبيا والخوف من القادم ….
أما المعسكر الصليبي فعسانا لم ننسى مقولة الرئيس الأميركي بوش الإبن إبان إحتلاله للعراق : سنجعلها حرباً صليبية …؟؟؟ ولا ننسى مقولة (مُخ) السياسة الأميركية وزير الخارجية هنري كيسنجر عندما سُئل عن الحرب العراقية الإيرانية قال : إن المصلحة الأمريكية تكمن فيما يتكبده العراق وإيران من خسائر …؟؟؟
لاننسى أن نعرج على ما قاله الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان في وصفه بأن المسيح يأخذ بيده : إنني أعود الى نبوءاتكم القديمة في التوارة ، حيث تُخبرني الإشارات بأن المعركة بين الخير والشر (يقصد الإسلام) مقبلة …؟؟؟
يقول لورانس براون : كان قادتنا يخوفوننا بشعوبٍ مختلفة ، كانوا يخوفوننا باليهود واليابان والخطر البلشفي لكنه تبين لنا أن اليهود هم أصدقاء والبلاشفة الشيوعيون حلفاء أما اليابانيون فإن هناك دولاً ديمقراطية كثيرة تتكفل بمقاومتهم ، لكننا وجدنا الخطر الحقيقي علينا موجوداً في الإسلام ….
يُضاف اليه إنحسار ملك القياصرة بعد الفتوحات الإسلامية التي شهدها عصر صدر الرسالة المُحمدية الخالدة بعد أن أوشكوا أن يفتحوا الدنيا بأسرها
إذن هو الحقد والغل والبغضاء والحسد للعرب الذين شرفهم الله بحمل مشعل الهداية للبشرية ورفع لواء التوحيد وراية الإسلام لكُل الأمم حيث ُوصفهم الله تعالى في مُحكم التنزيل : (كُنتم خير أمةٍ أخرجت للناس …) فهو حقد مركب على العروبة والاسلام بسبب الرسالة المحمدية والحقد على لغة القرآن ولغة أهل الجنة اللغة العربية والحقد على الحرف العربي في الكتابة فالعرب المسلمون هم أمة إقرء …
مما لايخفى على الجميع أن الكثير من اللغات المعروفة كالتركية ، الفارسية ، الأردوية (الهندية ، الباكستانية ، الأفغانية….) والكردية تشكل الكلمات العربية ما يربوعلى 30% من لغتها ولو رُفعت هذه المفردات أي العربية من هاتيك اللغات لأصبح التحاور فيما بينهم صعبا ً ما لم يكن شبه مستحيلاً إضافة ً إلى استخدام الحرف العربي في الكتابة وخير شاهد على ذلك الفرس ، الكرد ، الأردو …. ناهيك عن الأتراك الذين استبدلوا الحرف العربي بالأحرف اللاتينية بعد الحرب العالمية كرد فعلٍ على موقف العرب ضدهم الأمر الذي ولد َ عُقدة الشعور بالنقص عند البعض المتزمت والمتعصب من تلك الأمم لقوميته على حساب الإسلام والعروبة ومما زاد الطين بلة من وجهة نظر أؤلئك تسبُب العرب المسلمين حَمَلة نبراس النبوة والرسالة المحمدية الخالدة الذين كانوا يُطلقون عليهم (أجلافُ الصحراء) تسببوا في ضياع مُلك الأكاسرة وذَهاب إمبراطوريتهم في الوقت الذي كانوا ينظرون الى العرب نظرة التابع ، وإن التابع لا يحِق له أن يرفع رأسه بوجه سيده …؟؟؟
ناهيك عن حرب السنين الثمانية التي دارت رُحاها بين العراق وإيران في ثمانينات القرن العشرين ، هل ستنسى إيران ثأرها …؟؟؟
يقيناً لن نجد مسلماً من كُل الأمم غير العربية يُضمر الشحناء إزاء العرب المسلمون ما لم يكن في عقيدته دغش وفي إسلامه ريب وتعصبه لمذهب ما لغايات لم تُعد تخفى على الكثير .
إنطلاقاً وعملاً بالقاعدة التي تقول عدو عدوي صديقي أجتمع خصوم الإسلام والعروبة للنيل من العراق وأهله بأساليبٍ شتى ووسائل عدة بحجة الإنتصار لفئة ظُلمت والإقتصاص من فئة ظالمة ودعوات للتكفير والثأر مُحاولين تكبيل المُجتمع العراقي بثلاثة أغلال هي: أغلالٌ فكرية تجعل الإنسان يُعطل عقله عن التفكير مثل طرحُ فكرة أن السُنة أعداءٌ للشيعة وأن المسلمين أعداء لكُل الأديان وأن العرب أعداء للكرد والشبك والتركمان…وأغلالٌ نفسية تعمل على الجذب حيث الأضواء الساطعة بطروحات تنمي جانب الفجور وتاتي بآلهة تُنتجها الفطرة الفاسدة ، والمولى سبحانه وتعالى يقول : (ونفسٍ وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ، قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها) والترويج الى تقديس أسماء لا يجوز الخروج عن تلك الدائرة بإعتبار المُغرد خارج هذا السرب كالراد على الله ولعل الدرر المتناثرة من ثنايا كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) تشفع لنا حيث يقول : لا تعرف الحق بالرجال ولكن إعرف الحق تعرف أصحابه…وأغلالٍ إجتماعية تفرض نفسها بعد أن تتمكن الأغلال الفكرية والنفسية من المجتمع بدعاوى التكفير واستحلال القتل والدماء و…
هنا يجب أن نُركز على أمرٍ هام أن المغالين في أمرٍ ما والمتعصبين لمسألةٍ معينة غالباً ما نجدهم دُخلاء لغايات غالباً ما تكونُ كارثية في محاولةٍ لخلط الأوراق وذر الرماد في العيون مثال ذلك تعصب ساركوزي للقضية الفرنسية أكثر من الفرنسيين أنفسهم علماً أنه يهودي هنغاري ، ستالين لم يكن روسياً بل جورجي ، خروشوف أوكراني ، أما على صعيد التطرف المذهبي والتعصب الديني فالمشهد العراقي خيرُ شاهد ودليل…ما يعنينا أن دعاوى الإنتصار لفئةٍ أو مذهب ما أو دينٍ أو قومية ما على حساب البقية أمرٌ يستوجبُ علينا أن نفتش عن الدوافع والجذور لا أن نُقيد العقل والتفكير كما أسلفنا بأغلالٍ فكرية لتتجلى لنا الحقائق بلا غبش ولا زيف .
ولو تدبرنا التأريخ بإنصاف لوجدنا أن العرب المسلمين كانوا حملة رسالة ولم يستمر الحكم لهم الا بضع مئات من السنين ليحمل الراية من بعدهم الأتراك مع تقهقر الدولة العباسية ثم الأكراد في زمن صلاح الدين الأيوبي و…فما كانت الأمة الإسلامية حُكراً على العرب .
من الأمور البديهية أن الناس تجتمع بالخوف والفزع وأيام المحن ولعل محنة إحتلال العراق من أقسى المحن يفترض بها أن توحد كُل أهل العرق إلا أن لـُئم أعداء العراق وأهله عمدوا الى جعل أهل العراق يتقوقعون كلُ الى فئته وطائفته وقوميته بعد أن كبلوا العقول بأغلال فكرية نجحوا في غرسها وجنو ثمار هذا الزرع بحاراً من الدماء من أن السُنة هم أعداءُ الشيعة وأن الشيعة هم أعداءُ السُنة ، العرب أعداء الأكراد ، والتركمان ، الشبك أعداء العرب ، المسلمون أعداء الميسحيون ، الصابئة ، الإيزيدية ليخلطوا كل الأوراق بشكل يجعلُ الحليم فيه حيران وللأسف قد افلحوا أو يكادون بعد أن إستجاب شُذاذُ الآفاق لتلك الأباطيل وتبنوها وأصبحوا أبواقاً تنعق بها وتستحلُ الدماء والأعراض والديار …
إذن فالخطرُ داهم والخطبُ جلل يستوجبُ منا أن نستذكر حرب الأوس والخزرج التي امتدت مئات السنين وأطراف الصراع تنادي بالثأر الثأر فهذا يُنادي يالثارات الأوس وذاك يُنادي يا لثارات الخزرج والسر في ديمومة هذا الإقتتال أن هناك من كان يغذيه ويُذكي الحقد في النفوس إذ عمد اليهود الى دعم طرفي النزاع ليستمر بحر الدم حتى أرسل الله محمداً المصطفى برسالته الخالدة التي كانت سبباً في وأد الفتنة وصفاء النفوس وطهارة القلوب التي ران عليها الحقد .
لذا فالموقفُ يحتم علينا أن نتحلى بالجرأة ونقول أن من يدفع للمتطرفين من الشيعة لقتل السنة هو ذاته من يدفع للمتطرفين من السُنة لقتل الشيعة بل الأدهى من هذا أن الممول والداعم هو ذاته من اشترى الذمم لبعض ضعاف النفوس ليقتلوا ويفجروا بين أهليهم وطوائفهم إذن هي ذاتُ اليد التي تضرب هنا تضرب هناك وتقتل هنا لتقتل هناك وتفجر هنا لتفجر هناك وتهجر هنا لتهجر هناك ، فإن كان محمد (روحي له الفدا) قد إنتقل الى الرفيق الأعلى فإن دين محمدٍ موجود ورسالته سامية ٌ خالدة حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، أما آن لنا نحنُ أهل العراق أن نلـُم شعنا ونرأب صدعنا ونوحد كلمتنا فإن فرقتنا المذاهبُ والأعراق يكفي أن يجمعنا الإسلامُ والعراق …
أنها لا تعمى العيون ولكن تعمى القلوب التي في الصدور …
اللهم وحد أهل العراق وإجعل النار برداً وسلاماً …
اللهم إحفظ العراق وأهل العراق …
[email protected]