8 أبريل، 2024 4:40 ص
Search
Close this search box.

إن الدين عند الله الإسلام

Facebook
Twitter
LinkedIn

ماذا تعني كلمة الإسلام ؟ يتبادر إلى الذهن فورا أن الإسلام هو الدين الخاتم الذي جاء من عند الله تعالى عندما نزل على رسول الله محمد صلى الله عايه و آله و سلم . و هذا القول صحيح لكنه ليس شاملا . فالشريعة التي جاء بها رسول الله محمد ص إسمها الشريعة الإسلامية . أما الإسلام فهو جميع شرائع الرسل و الأنبياء على الإطلاق . و بالتالي يحصل الخلط و الارتباك عند الكثير من المسلمين أنهم وحدهم المسلمون و بقية الأديان ليسوا كذلك و بالتالي مصيرهم في جهنم لأنهم لم يسلموا !

و لفهم كلمة ( إسلام ) يمكن الإستعانة بترجمتها الإنكليزية ( Submission ) و تعني تسليم الإنسان المطلق لله عز و جل . و بالتالي فإن دعوى مشايخ المسلمين الفارغة بأنهم وحدهم سيدخلون الجنة لا أساس لها أبدا . يقول الله عز وجل : و ربما يكون أحسن وصف لمن يسلم هو هذه الآية القصيرة التي تصف سيدنا إبراهيم ع و هو يقدم على ذبح وحيده إسماعيل ع : فَلَمَّا أسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ. الصافات/ 103 .

و هكذا توضح آيات الله الكثيرة أن الإسلام هو التسليم المطلق لله سبحانه و تعالى : وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . البقرة/ 112 . يقول الله عز وجل أن من أسلم وجهه لله وهو محسن من اليهود و النصارى فله أجره عند ربه و لا خوف عليهم و لا هم يحزنون .

و أبو أنبياء الله إبراهيم خليل الله عليه السلام يدعو الله بأن يكون مسلما قبل ولادة رسول الله محمد ص بآلاف السنين : رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ . 128) . و أيضا : وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا . النساء/125 . فكل من أسلم وجهه إلى الله فهو مسلم .

و الإشارة واضحة من سبحانه و تعالى عندما قال لإبراهيم ع : إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أسْلِمْ قَالَ أسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ . البقرة/131 . ولم يكتف إبراهيم ع بذلك بل وصى أبناءه بأن يكونوا مسلمين لله : وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. البقرة/ 132 . و حفيد إبراهيم ع يعقوب ع فعل الأمر نفسه و هو يوصي بنيه عندما حضره الموت : أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ . البقرة/133 .

و لا يقتصر الأمر على إبراهيم و أسحق و يعقوب عليهم السلام ، فهذا رسول الله عيسى ع الذي يتبع دينه الآن أغلب سكان الأرض يقول : فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ

أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ . آل عمران/52 . فأنصاره من الحواريين يشهدون بأنهم آمنوا بالله و بالتالي فهم مسلمون . و أيضا : وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ . المائدة/111

و تقودنا ههذه الأمثلة البسيطة إلى نقطة مهمة لطالما أربكت الكثير من المسلمين ؛ هل من المنطق القول أن الله هو الرحيم و أن رحمته وسعت كل شيء و أن واحدا في المائة من الرحمة التي خلقها الله موجود في الأرض عند الإنسان و الحيوان و 99 في المائة من تلك الرحمة عنده سبحانه و تعالى ثم نحكم على مئات المليارات من البشر بدخول النار لأنهم من غير المسلمين ! أين تلك الرحمة الواسعة إذن ؟ ثم لماذا خلق الله تلك الأعداد الهائلة من البشر ليسكنوا الأرض بضع عشرات من السنين ثم بعد ذلك يخلدهم في جهنم و بئس المصير ؟؟ إن هذا الكلام يناقض تماما تلك الرحمة العظيمة التي وسعت كل شيء ، و يناقض القرآن نفسه الذي يقول : إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ . الحج/17.

رسول الله إبراهيم ع هو الذي أطلق إسم المسلم على كل من آمن بالله سبحانه و تعالى : وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ. الحج/ 78 . و يصف سبحانه و تعالى بلسان ملائكته النبي لوط ع و أهله بالمسلمين و بقية قريته ليسو كذلك : فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. الذاريات/36

نعم إن الشريعة الإسلامية التي جاء بها الرسول الكريم محمد ص هي الشريعة الخاتمة و الكاملة بين الشرائع التي أنزلها تباعا على البشرية . و من عرف ههذه الشريعة و اعتقد بأنها من عند الله و فهمها على حقيقتها فيجب عليه في هذه الحالة أن يتحول إليها و يصبح مسلما على الشريعة المحمدية .

أما بقية الشرائع التي جاء بها رسل الله فهي الإسلام أيضا على الشريعة الحنيفية لرسول الله إبراهيم ع : مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. آل عمران/67

و موسى ع دينه هو الإسلام على الشريعة اليهودية : وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ. يونس/ 84 . و أيضا : وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ . يونس/90 . و عرف السحرة أن الدين الذي جاء به موسى ع هو الإسلام على الشريعة اليهودية فقالوا لفرعون الذي أراد عذابهم :

وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ. يونس/ 126 . بل حتى فرعون نفسه ، ذلك الطاغية الذي ادعى الربوبية اعترف بالإسلام على الشريعة اليهودية عندما أدركه الموت غرقا : وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ . يونس/90 . وقبل موسى ع بقرون عديدة دعى نبي الله يوسف ع ربه بأن يتوفاه مسلما : رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ . يوسف/101 .

و مرة أخرى نقول أن كل أنبياء و رسل الله ع كانوا مسلمين كما يشهد بذلك القرآن العظيم : إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ . المائدة/44 . فسبحانه و تعالى يصف الأنبياء الذين سبقوا سيدنا محمد ص بأنهم أسلموا لله .

و قبل إبراهيم و موسى و عيسى عليهم السلام ، قال نبي الله نوح ع بأنه مسلم : فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. يونس/ 72 . و سليمان ع يأمر قوم بلقيس بأن يسلموا و لم يأمرهم بأن يصبحوا يهودا : أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . النمل/31 . ثم قال لإصحابه : قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ. النمل/ 38 . و لما عرفت بلقيس الحق قالت : فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ . النمل/42 .

و حتى الجن الذين لا نعرف شيئا عنهم ، اللهم إلا أنهم موجودون من غير أن نتمكن من رؤيتهم يقولون بأنهم مسلمون و هناك غيرهم من الجن ليسوا كذلك بل هم من القاسطين : أَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا. الجن/ 14

آيات القرآن الكريم ملآى بالأمثلة التي توضح الفكرة التي جاءت في هذه المقالة القصيرة . و ربما للمتبحرين بالعلوم الدينية آراء أخرى في هذا الموضوع ، لكني أتعجب دائما لماذا يتبع أيا من غير المسلمين الآن الشريعة الإسلامية التي جاء بها الرسول الكريم محمد ص و هو يرى حال المسلمين الآن ؟ لم يكتف المسلمون بإدخال جميع من عاش على الكرة الأرضية من البشر في جهنم ، بل قالوا أن المسلمين أنفسهم يقسمون إلى بضعة و سبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة ناجية واحدة !! و بالتالي ستدعي كل فرقة هي الناجية و البقية يلتحقون باليهود و النصارى و الصابئة و البوذيين و المجوس و السيك و الهندوس الخ في جهنم .

لماذا لا يعطي المسلمون مثالا جيدا يقتدى به كي يتحول الآخرون إلى الدين الخاتم ؟ هل الذي تفعله القاعدة و داعش و جبهة النصرة و بوكو حرام و أنصار الشريعة و جند الإسلام و العديد من المنظمات و الحركات التي تلبس لباس الدين حافزا لكل إنسان سوي أن يتبع هذا الدين ؟

و ملاحظة مهمة يجب أن ننتبه لها و هي أن جميع الشرائع و الأديان من الله تعالى و على من يتبع تلك الشرائع و الأديان الالتزام بها ، و على هذا الأساس فإن الخمر و الزنى و السرقة و أكل مال اليتيم و الربا الخ لن تقبل بها أية شريعة و سيحاسب من يرتكبها حسب تلك الشريعة .

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب