لاول مرة تصادفني هكذا حالة، في ان اقف عاجزا عن كيفية ايجاد الرد اللازم المنطقي لتصريحات دولة الرئيس المالكي، وعجزي لم يكن نابعا من عدم القدرة على الرد، بمقدار ما وجدت نفسي في بحر هائج من الخربطة والفبركة والتدليس والكذب والافتراء، فعلى اي من تلك الخرابيط سارد؟.
فمثل هكذا لقاء امتزج بالتصنع وفقدان اللب والعصبية والتشويش، وكل شيء غير منطقي وغير موضوعي، كيف يمكن التعاطي معه؟، وكيف يمكن الرد عليه؟.
لقاء كان جلّ همه ومبتغاه الاول والاخير هو ان ينسى الناس موضوع هروب السجناء وينشغلوا بشيء اسمه التيار الصدري.
ولكون دولة الرئيس ومستشاريه يعلمون جيدا ان الجهة الوحيدة في العراق التي يمكن لاي فرد ان يصعد نجمه من خلالها هي الجهة الصدرية دون غيرها، لذا وجد في انتقاده الغير متزن والبعيد عن اللياقة والعرف السياسي للصدرين هذه المادة الدسمة التي استطاع فعلا من خلالها ان يجذب راي الشارع نحوها جاعلا اياهم يتناسون وعلى عجل من الامر موضوع الهروب الكبير لكبار قادة تنظيم القاعدة.
ولست هنا منزعجا من تصريحاته، او متشائما، بل انا في قمة السعادة من جهة، ومتفائل جدا من جهة اخرى، فسبب السعادة انه توضح لدي وبالدليل القاطع اننا نتعامل مع شخصية قبلية ليس لها في السياسة ولا العرف والدبلوماسية شيء يذكر، فيكون بذلك كل ما كتبته حوله كان في صميم الواقع، ولن اندم عليه طرفة عين ابدا، لا لكوني صدري وادافع عن الخط الذي انتمي اليه، بمقدار كوني مواطن عراقي يشخص مواضع الخلل وينتقدها ويثني على مواضع القوة ويؤيدها، وهذا حال اي مواطن يشعر بواجبه الشرعي والانتمائي تجاه هذا البلد المظلوم.
اما التفاؤل فانه ياتي في سياق الفشل الذريع المتكرر الذي يصدر منه، والذي ادى بالنتيجة الى فقدان الجمهور المتوالي المؤيد له، وهذا يعطينا الحق في ان نخبر الناس وباعلى اصواتنا اننا ناجحون، وهم الفاشلون، ودليلنا هو التخبط والضياع وفقدان العقل وتشويه الحقائق التي صدرت من اعلى هرم السلطة في الحكومة العراقية، وهذا الفشل ستتوضح نتائجه في المستقبل القريب لا البعيد، حين يحين موعد الانتخابات النيابية والتي ستعلن نتائجها فقدان الحزب الحاكم لدفة الحكم.
وقبل الختام، علي ان اشكر الاستاذ الكاتب حامد المالكي الذي كان احد ضيوف رئيس الوزراء في تصريحاته الاخيرة، والذي فضح نوايا رئيس الحكومة، حين طل علينا من على شاشة الحرة الفضائية يوم امس مخبرا الناس ان حديثه في اللقاء مع دولة الرئيس قد استقطع عمدا، وان احدى عباراته اضيفت في نهاية اللقاء لتدليس الحقائق على الشعب العراقي، فكان القشة التي كسرت ظهر التدليس لدولة الرئيس، واصبح مصداقا للاية الكريمة (وشهد شاهد من اهلها).