خمسٌ وعشرونَ عاماً مرَّت على أنتفاضتنا الشعبية ضد الظلم الصدامي البعثي ، كانت شعبية بكل ماتعني الكلمة ،، ثورة احرار لم نرفع راية حزبية أو مناطقية ،،، ثرنّا وأسقطنا دوائر الامن ومقرات الحزب ووقفنا عند باب المرجعية واضعين أرواحنا على أكفنا ننتظر رمزاً يقودنا بأمان الى الى الضفة الأُخرى ،،، لقد خُذلنا حينها في أول أختبار من أحزابنا الوطنية ( المجاهدة )التي لم تكن حرة!!!!! بعد ان رَهَنت قرارها بيد الاخرين ،،، كنا ننتظر قدوم أحدهم ليقود الثائرين الحالمين بحكم ينصف الجنوب ،، مُردّدين بحسجة عراقية عميقة أهزوجتنا الأزلية ( أنريد السيد يحكُم والماوْ علينَه ) ،،،العراقيون كعادتهم كانوا ينتظرون القادم من وراء الحدود ليأخذ بأيديهم نحو النصر ،،ً هكذا فعلو في ثورة العشرين وهكذا أعادوها بعد سقوط الطاغية ،،،وهكذا أنتظرناهم بعد نجاح الانتفاضة ،،، بالرغم من أن الانتظار كان قاسيا وطويلا ونحن تحت وابل الصواريخ وقصف الطائرات الصدامية التي كانت تُحلق تحت حماية الجيش الامريكي ،، ومع ذلك حافظنا على النصر بمعنويات عالية وقاتلنا بروح أستشهادية ظنّاً منّا أن أرادة المجاهدين لاتُقهر خصوصا ونحن نمتلك معارضة وطنية مسلحة قادرة على ديمومة النصر؟؟؟؟ أسبوعان داميان ونحن ننتظر وصول أهل الغيرة الذين كانو يحرضونا على الثورة ،، كنا نسمع ولسنواتٍ طوال تحضيراتهم للعودة…. تدريباتهم وأهازيجهم…. ، ولكنهم عندما أنتفضنا خذلونا ،،، أو بدقةٍ أكثر خُذلنا معاً ،،، بينما في كردستان ،، كان المشهد مغايراً تماما مثلما هو الآن ،،، نزلت القيادات الكردية خلال ساعات لتَلتَحِق بجماهيرها وتساهم بشكل حقيقي في تحرير المدن الكردية من قبضة الصداميين ،،، قاتلوا وحرّروا وصمدوا في جبهة واحدة قيادةً وشعباً ،، وحتى عندما تآمرت الأمم عليهم لم يرضخوا ولم يقبلوا بنتائج الحروب التي عادة ماتدفها الشعوب ، تركوا مدنهم وصعدوا الى جبال كردستان ليحرجوا الأمم المنتصرة التي لم تضع في خططها العسكرية كرامة الشعوب وحريتها ،، الشعارات الامريكية والغربية سقطت أيضا حينها حولونا من ثوار منتفضين الى متمردين شيعة ،،،، ، لم نَكُن حينها نعرف أن دكتاتور العراق وقسوته الدموية ماهو الا صبّي في أجهزة المخابرات الغربية التي لاتعرف الرحمة ،، لذلك ما أن انتفضنا حتى عاد الاعداء الى حلفهم الطائفي النَتٌـن ،، امريكا مع السعودية مع صدام واسرائيل في جبهة واحدة ضد الشعب العراقي الأعزل ،،،،وبالرغم من قسوة المواجهة وأنعدام التوازن وحجم التضحيات الكبيرة الا أننا انسحبنا من المعركة على أمل العودة من جديد ،،، ولم يستطع المنفى السعودي أن ينال من ثورتنا ،،، فتشكلت رفحاء بالوان الابداع العراقي مسرحيون وموسيقيون وتشكيليون… معسكر للضباط وفي قبالته معسكر كاظم الريسان رمز العشائر الثائرة … اكثر من ٢٥٠ شهادة عُليا في المعسكر ،،،مسيحيون وصابئة وكرد وأيزيديين سنة وشيعة ،،، لم تُسجل حالة طائفية واحدة تسيء الى هويتنا الوطنية ،، بالرغم من آلامنا و قتلانا و مدننا المُخربة ومقدساتنا التي دُنسَّت الا ان قلوبنا كانت بيضاء مفتوحة وأيدينا مشرعة للشركاء ولم نُحمِّل أحد مسؤولية ماحصل ،، كنا نصر على أضافة ( صدامي ) لكل طرف أجرم في حقنا ،، الجيش الصدامي والامن الصدامي ،، والغزو الصدامي والبعث الصدامي ،، لم نكن نعرف حينها ان ظافر العاني ورفاقه سيغيرون الزيتوني ويلبسون بدلاتهم الانيقة المُعدَّة بعناية لاكمال مهمتهم الدموية…… لم نكن نعلم حينها ان مُناضلي حزب الدعوة سيتحولون الى مقاولين يتاجرون بدمائنا ويسرقون لقمة الفقراء ،،، لم نضع في حساباتنا أن حزب السيَّد تحوَّل الى عشيرةٍ واقطاعية أستولت على نصف بغداد لتعيش خلف الاسوار الصدامية ذاتها بعيداً عن أنين الثكالى من أمهاتنا ممن يَبحثْنَ عن رفاة الابناء بين أكثر من ٢٥٠ مقبرة جماعية ويسكُنَّ في عشوائياتٍ على أطراف المدن ،،، لم نعلم ان مقابر أخوتنا الثائرين تحولت مزاابل مَنسيَّة للكلاب السائبة … لم نعلم أن ثمة توافق سياسي في العهد الجديد بين الرفاق والاحزاب الشيعية المجاهدة يتم بموجبها أجتثاث أبناء الشعبانية من المشهد السياسي ،،،خمس وعشرون عاما مرت لم تتغير بوصلتنا قط ،،، لم نهادن الظلمة ولم نعترف بالبعثيين ،، لن نسامح من تآمر علينا ،،أبناء الشعبانية هم وحدهم من لم تتلوث أيديهم في هذه المرحلة التي أحرقت الجميع ،،، مازلنا كما كٰنّا ،،،لانملك الا العزة والكرامة والكبرياء ،،،سنورثها الى أبنائنا القادمين لانها سرّ العراق وهوية بق