23 ديسمبر، 2024 2:40 ص

إنّما للصبر حدود

إنّما للصبر حدود

الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه البلاد سببه السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة وسوء ادارة الملف الإقتصادي وغياب التخطيط العلمي السليم وعدم الاعتماد على الكفاءات الإقتصادية الرصينة في رسم سياسات البلد الإقتصادية والاستمرار في الاعتماد على النفط بتمويل الموازنة وإهمال القطاعات الأخرى, وأنا هنا لاأريد مناقشة أسباب تردي اقتصادنا والوضع البائس الذي آل اليه لأنها معروفة لأبسط مواطن ولايختلف عليها إثنان, ولكن ماأريد مناقشته هنا هو الاجراءات التي شرعت الحكومة ووزاراتها ومؤسساتها باتخاذها لمعالجة العجز الكبير في الموازنة العامة والبحث عن موارد جديدة لسد نفقاتها , والمتتبع لهذه الإجراءات يجدها غير عادلة ويجب إعادة النظر بها لأن معظمها تصب في محصلة واحدة وهي الطرق على رأس المواطن المسكين واستحصال المبالغ بأية وسيلة من جيبه الخاوي, وهو المنهك بجميع أنواع القهر والمعاناة اليومية وقلة القدرة الشرائية وانعدام فرص العمل وركود الحالة الاقتصادية والتي جعلته عاجزاً بمورده المادي البسيط سواء كان راتباً شهرياً أو مورداً يومياً من عملٍ خاص عن تلبية الاحتياجات الضرورية له ولعائلته, فهل من العدل والانسانية أن تشرع وزارات الدولة ومؤسساتها المختلفة على فرض أنواع من الرسوم الجديدة المرتفعة على مختلف أنواع الخدمات الأساسية المجانية التي كفلها له الدستور وبكيفية واجتهادات شخصية منها بدون الاستناد على قانون أو تشريع يسمح لها بذلك؟ والغريب ان جميع المؤسسات بدأت بالتسابق بإعداد اللوائح والقرارات التي تفرض تلك الرسوم المجحفة ليتسنى لها سحب أكبر قدر ممكن من الأموال من جيب المواطن وكأنها قد أخذت الضوء الأخضر من الحكومة بذلك وبذريعة واحدة هي محاولة سد النفقات لها وتقليل العجز في الموازنة, والأمثلة على هذه الإجراءات كثيرة وتشمل معظم مؤسسات الدولة ولعل أكثر ما أساء استياء المواطنين هي التسعيرة المستهجنة التي فرضتها وزارة الصحة وبمباركة الحكومة على الخدمات الصحية المجانية في المستشفيات والمستوصفات الحكومية والتي ستجعل المواطن الفقير عاجزاً عن الدخول لها لتلقي العلاج من أي مرض بسبب عدم تمكنه من تسديد هذه الأجور المرتفعة, وهنا نتوجه بالسؤال لحكومتنا الرشيدة ووزيرة الصحة التي انتخبها نفس المواطن الذي رفعت سيف وزارتها على رقبته أين سيذهب المواطن الفقير المعدم اذا ماتعرض لحادث أو مرض أو أي عارض صحي في حالة عجزه عن الدفع؟وهل سيكون مصيره الموت لأنه لايملك ثمن الدواء في بلد عائم على النفط وخيرات كثيرة قد أضاعها سياسيوه بسوء تصرفهم؟ وهل هناك تسمية أخرى غير القتل العمد في حالة وفاة أحد المواطنين من جراء هذا الحادث؟ وهل سيكون هناك متهم في هذه الجريمة غير الحكومة ووزارة الصحة؟ ومن الذي سيأخذ بحق المواطن منهم؟
أقول لحكومتنا ماهكذا تورد الإبل ياولاة أمرنا, ولايجوز معالجة الخطأ بخطأ أكبر منه وليس من العدل أن يدفع المواطن أخطاء حكومات متعاقبة وفساد مستشري في جميع مفاصل الدولة وليس من
المنطق أن نسد عجز الموازنة من جيوب المواطنين الخاوية, بل هناك إجراءات اقتصادية ومالية كثيرة يمكن أن تعتمدها الحكومة في هذا الصدد ومنها على سبيل المثال لاالحصر فرض الضرائب على السلع والبضائع والخدمات الكمالية واستثناء الضرورية منها والتي تمس حياة ومعيشة المواطن البسيط , وعلى الحكومة والوزارات أن تضع في حسبانها أن قوت المواطن الأساسي خط أحمر وعليها أن لاتتخطاه ونذكرهم بقول كوكب الشرق الراحلة أم كلثوم (إنما للصبر حدود).