يبدو أنه لايزال هنالك من يعتقد بإمکانية إعادة تأهيل نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و حل المسائل و القضايا العالقة معه باسلوب الحوار و التفاوض، وعلى الرغم من أن هناك أکثر من دليل و مؤشر مهم على خلاف هذا الزعم الواهي، لکن النظام و عن طريق أبواق و وسائل إعلام و کتاب مأجورين يحاول التأکيد على أن روحاني و حکومته سوف يبذلون کل جهدهم من أجل حل المشاکل التي يعاني منها النظام و على مختلف الاصعدة.
النظام الايراني الذي بني في الاساس على الکذب و الدجل و القمع و تصفية و إقصاء الاخر، حاول دائما إستغلال کل الاساليب و الطرق المختلفة في سبيل ترسيخ حکمه الاستبدادي، وسلك نهجا خاصا إعتمد على اللف و الدوران و الضبابية المفرطة کي يحقق أهدافه و غاياته المنشودة، وان مسرحية الاعتدال و الاصلاح التي بدأ بعرضها منذ أيام إنتخاب الراحل رفسنجاني کرئيس للجمهورية و رکز عليها في عهد خاتمي، لکنه و خلال فترة روحاني”حيث ساءت أوضاع النظام کثيرا” صار يطبل و يزمر لها بکل قوته و بشکل غير معهود، إلا أن الشئ الذي يجب هنا ملاحظته و اخذه بنظر الاعتبار هو أن الشعب الايراني بصورة خاصة و العالم أجمع بصورة عامة، لم يقبض شيئا من مزاعم و دعاوي الاصلاح و الاعتدال في ظل هذا النظام سوى الکلام و الوعود و التنظير، ولهذا فإن الذين ينتظرون خيرا و إصلاحا من هذا النظام انما يعيشون وهما و يلهثون خلف سراب و اوهام ليس إلا، لکن الذي يجب الانتباه إليه جيدا هو إن النظام يمر بفترة حرجة و أوضاع صعبة جدا داخيا و إقليميا و دوليا ولذلك يحاول من خلال اللعبة التي يقوم بها روحاني الخروج بالنظام من هذا المأزق و المطب الخطير.
النظام الايراني الذي يعلم الشعب الايراني قبل العالم کله، أنه نظام لايمکن أبدا أن يسمح بأي متنفس او مجال للتحرك بالاتجاهات الاخرى، يتوجس ريبة من أي تحرك مضاد مهما مکان لونه او شکله او مضمونه، يواجه في هذه المرحلة الحساسة جملة خيارات تسير معظمها بإتجاهات في غير صالحه، خصوصا وان المعارضة الايرانية الفعالة و المؤثرة و المتمثلة بالمجلس الوطني للمقاومة الايرانية و طليعتها منظمة مجاهدي خلق، صارت تلعب دورا کبيرا على صعيد الساحة الايرانية و باتت تفرض خياراتها و منطلقاتها و هذا مايثير هلعا و رعبا في داخل اوساط النظام و يدفعها لأخذ الاستعدادات و الاحتياطات غير المسبوقة من أجل درء الخطر الکبير القادم من هذه المنظمة التي سبق لها وان أسقطت عرش الطاووس، إذ أن منظمة مجاهدي خلق و بعد أن أعلنت في بدايات سيطرة التيار الديني المتشدد على مقاليد الامور في إيران، رفضها لمشروع نظام ولاية الفقيه و لم تقبل به على الرغم من کل العروض المغرية التي قدمت لها، ولما رفضت المنظمة الاغراءات المشبوهة فإن النظام لجأ الى لغة الترهيب و القوة، لکن فات النظام أن هذه المنظمة سبق لها وان جابهت نظام الشاه و لم تنصاع او تستسلم لکل الضغوط و الممارسات الارهابية التي مارسها الشاه ضدها، ولذا فإن المنظمة أصرت على موقفها الحدي الرافض لذلك المشروع الفکري ـ السياسي الذي الممهد لدکتاتورية جديدة تحت ظل الافکار الدينية المسيسة.
ماقد قام و يقوم به روحاني وکذلك الدعايات و المزاعم المبثوثة حوله، تهدف کلها وفي خطها العام الى التقليل من قوة دور و تواجد منظمة مجاهدي خلق في ساحة المواجهات، وان هذه المنظمة التي أکدت مرارا و تکرارا من أنه ليس هناك من حل إلا بإسقاط النظام فقط، حيث أن بقائه و استمراره يعني إستمرار حبل الکذب و الدجل و الکذب و التحايل، وان على المجتمع الدولي أن يعلم جيدا بأن روحاني ليس إلا دمية أخرى من دمى النظام يتم إستخدامه لدفع الاخطار و التهديدات القائمة إلا أن العمر الافتراضي لهذا النظام المخادع قد إنتهى و ليس هنالك أمامه سوى خيارين وهما: ترك الساحة بهدوء و اعلان فشلهم و الانسحاب من اللعبة السياسية، أو المواجهة الى النهاية و التي لن تکون لصالحه أبدا، ومن هنا، فإنه ليس هناك من حل عملي و واقعي إلا بإسقاط النظام و إحلال الحکومة الديمقراطية الحرة في مکانه، وهو قطعا بالحل الذي يرضي الجميع وهو في نفس الوقت الحل الافضل و الاجدر لأکثر من مشکلة ليس في إيران فقط فحسب وانما في المنطقة و العالم أيضا.