يخطئ من يظن ويعتقد أن الحرب العدوانية الدموية التي تشنها حكومة الاحتلال الإسرائيلية على قطاع غزة ، والتي توفر لها واشنطن غطاءً سياسياً بحجة الدفاع عن النفس،ويستباح فيها الدم الفلسطيني ، وتقترف المجازر والجرائم ضد الإنسانية ، هي حرب على حركة “حماس” للقضاء عليها ، وإنما هي حرب شاملة على شعبنا بأكمله ، على وحدته ، على نضاله ، على مستقبله ، وعلى كل فصائل وقوى المقاومة ، وليس على فصيل بعينه . ومحاولة تصويرها وكأنها ضد “حماس” يقصد من ورائه تدمير غزة وذبح أهلها وشعبها المقاوم ، وتقزيم القضية ، وتحريف مسار النضال الفلسطيني ، والإجهاز على المقاومة وتقويض أركانها وأسسها ، وتصفية وقبر القضية الفلسطينية ، ونسف الوحدة الوطنية الفلسطينية .
وفي الحقيقة إن أكثر ما يخيف في المشهد الفلسطيني الراهن ، أكثر من هذه الحرب ، هو تصريحات ومواقف السلطة الوطنية الفلسطينية في رام اللـه ورئيسها محمود عباس ، وكأن غزة في المريخ أو في بلاد أخرى لا تعنيهم . فتصريحات محمود عباس (أبو مازن) بعد بدء الحملة العسكرية الاحتلالية على غزة هاشم ، وتكرار تمسكه بالمفاوضات السياسية بمرجعياتها السابقة ، وعلى رأسها “نبذ” العنف والمقاومة ، ومحاولاته الضغط على المقاومة الوطنية للقبول بشروط حكومة الاحتلال التي تتضمنها المبادرة المصرية ، والتي تساوي بين الضحية والجلاد ، فضلاً عن تصريحات قيادات السلطة الوطنية الفلسطينية ، تمثل انزلاقاً سياسياً ووطنياً واضحاً ، ويضعهما في منعطف سياسي خطير ، ويثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه السلطة باتت عاجزة ومشلولة ومسلوبة الإرادة وغير قادرة على تحمل المسؤولية التاريخية تجاه شعبنا ، وما يواجهه من مؤامرات وتحديات خطيرة وصعبة تستهدف وحدته وحركة تحرره الوطني وقضيته الوطنية ، وفشلها في إدارة الملف الفلسطيني بكل تفرعاته وتشعباته ، وإصرارها على الرهانات الخاسرة . فيكفي شعبنا عشرون عاماً من المفاوضات العبثية العقيمة ، التي لم تفض إلى أي نتيجة سوى المزيد من المعتقلين والأسرى، وابتلاع مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية لتوسيع رقعة الاستيطان ، وخلق وقائع جديدة على الأرض تكريساً للاحتلال ومنعاً لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة .
المرحلة الآن تتطلب فلسطينياً ، في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا في قطاع غزة الصامد ، نبذ الأوهام السياسية ، وتعزيز صمود هذا الشعب ومقاومته الباسلة ، وتبني إستراتيجية فلسطينية جديدة تجمع بين خيار المقاومة الشعبية وبين العمل السياسي والدبلوماسي ، وتوحيد الخطاب السياسي الفلسطيني ، وتمتين وحدة وتلاحم وتماسك الصف الوطني الفلسطيني ، وتوحيد الموقف الفلسطيني في مواجهة هذه الحرب القذرة الغاشمة والغطرسة الإسرائيلية ، التي تلقى الدعم والتأييد والانحياز التام من قبل الإدارة الأمريكية ، التي تتحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية إزاء ما يجري ويحدث من اجتياح واسع وسفك دماء واقتراف جرائم دموية بحق شعبنا في غزة الصمود ، كونها الراعي الرسمي للإرهاب والعدوان الصهيوني .