• شعوب الربيع العربي تفضل العودة لإمتهان الطغاة على شذاذ الآفاق
• تفاهمت امريكا مع ايران ولوحت لليمن بجزرة بافلوف
• للكبار حكمتهم اما الصبيان فيلهون على شاطئ الخليج
قال رفاعة رافع الطهطاوي، عام 1882، عن زيارته للغرب: “وجدت اسلاما ولم اجد مسلمين” وفعلت أمريكا، ما قاله؛ فنجحت بتحقيق الدولة العالمية، الممسكة بنا، من لحانا وخصانا وعقولنا وجيوبنا.. انها الوردة والشوك، على حد سواء.
أفادت أمريكا من حكمة الامام علي.. عليه السلام: “حدثوا الناس على قدر عقولهم” وفعلا تتعامل الولايات المتحدة، مع قضاياها العالقة، كل على قدر منطقه واستيعابه.. كل لحية ولها مقص، ففي الوقت الذي تحظر البنية الاجتماعية.. عندهم.. التحية بالقبل، بين الرجال، قبل بول بريمر يد الامام علي السيستاني.. دام ظله؛ انسياقا مع تقاليد المجتمع العراقي.
إنثيالات.. من الماضي والحاضر، تداعت في مخيلتي، وأنا اشهد اقتحام تنظيم القاعدة، وزارة الدفاع اليمنية، اثناء تواجد وزير الدفاع اليمني في امريكا، لتوقيع معاهدة امنية.
إسلوب واضح للضغط على اليمن، بغية الرضا بكل الفقرات التي ستضعها البنتاغون، شاكرة مشكورة؛ ما دام تنظيم القاعدة، طوع امرها منذ أسسته للضغط على روسيا؛ كي تخرج من افغانستان خلال الثمانينيات، وظل وفيا لمهمته، يتجدد له دور في كل مرحلة من تاريخ العالم، المقبوض عنقه في كف امريكا.
مع ايران، طبقت الآية القرآنية الكريمة: “وإن جنحوا للسلم فأجنح له” مستفيدة من الرؤيا التأملية التي يتمتع بها الرئيس حسن روحاني؛ لأن ايران الآن.. الشرق، اقوى تأثيرا من أمريكا، التي تهرأت قواها في “ورطة” العراق.
إنها تطبق افكارنا علينا، تعيد بضاعتنا الينا، مستثمرة تشتت القرار، ليس بين دول المنطقة ذات المصالح المرتبطة، في الوقت الذي تعجز خلاله، عن تشكيل كونتانات تخدمها، أنما بين الكتل السياسية في الدولة الواحدة، كما نراه واضحا في العراق ومصر واليمن وتونس وسواها من ضحايا ربيعٍ، إندس فيه النفعيون؛ فحولوه خريفا، جر وبالا على شعوب تنشد حريتها، فندمت على ما نشدت، وعضت على النواجذ: “العبودية والامتهان لأعراضنا واقتصادنا أرحم!”.
بهذا المستوى من وعثاء الكارثة، تتهاوى الشعوب، فتدفعها امريكا الى مزيد من التهاوي؛ كي تبيع عليها خطافات “جناكيل” لإنتشالها من قعر الهاوية، حين وجدت شعوب الربيع العربي.. وقبلها العراق، نهب مخالب شذاذ الآفاق.
اصحاب القرار الامريكي ارتضوا أول تساهل قدمته ايران؛ لإدراكهم انها اشد استحكاما من تطلعات طائفية لحلفاء سذج، يناصبون الفرس عداءً يعبرون عنه غرائزيا وليس دبلوماسيا.
لذا تصرفت امريكا ازاء ايران، بما يمليه عليها ذكاؤها التاريخي، ولم تعنَ ببضع عقليات ترهن الواقع العملي بأحقاد طائفية لا جدوى منها.. مناوشات مضحكة، تتحكم بمواقف تلك الدول، جعلت الولايات المتحدة، تتصرف مع ايران بما يمليه منطق ميزان القوى، بعد ما حدث في العراق، من انعطافات غير قياسية، لا تخضع لجدول حسابات، ولم تقدم حتى تبريرا لحلفائها المستفزين من بوادر التفاهم مع ايران.
بالمقابل، لاعبت اليمن بمبدأ الفعل منتظرة ردة فعلها؛ لأن العقليات البسيطة المسطحة، لا تفهم التتابع المنهجي، انما بحاجة لجزرة بافلوف وعصاه.
لحظة توقيع معاهدة امنية بين اليمن وامريكا يهجم تنظيم القاعدة بضراوة على وزارة الدفاع، المنتظر منها حماية البلد، فتعجز عن حماية المستشفى المجاور لها، ويستشهد اربعمائة طبيب وممرض اجانب ومحليين.. اناثا وذكورا، يكسرون باب القلب، ويكسرون قلم وزير الدفاع اليمني إذا رفض التوقيع، وهو متواجد في امريكا لهذا الغرض، لحظة وقوعه!
إنها تومئ ترفعا عن الحديث مباشرة مع الجهلة، انما تستخدم مبدأ الفعل وردّته، وتحاور الاذكياء بالمنطق! تلك هي امريكا، ونحن بشفاعتها يوم القيامة النووية التي وأدتها بالتفاهم مع ايران، ضاربة باعتراضات اسرائيل والسعودية وقطر، عرض حائط مصالح شعبها التي تضعها أولى الأولويات، وكل شيء تالٍ…
مالت أمريكا قليلا، تحدث اسرائيل.. شزرا، من جانب وجهها “بروفيل” عبر تطمينات غير مؤكدة، قدمها وزير خارجية الولايات المتحدة، عرضا، اثناء الكلام، وليس في مركزه.
أما الباقون، فطمأنتهم أيران التي عادت راعية لشؤون الشرق، من خلال خطاب لوزير خارجيتها قال فيه: “سنتعاون مع امريكا على تحقيق الاستقرار في المنطقة”.
انها حكمة الكبار، اما الصبيان، فليلعبوا على شاطئ الخليج.