18 ديسمبر، 2024 8:37 م

إنها الحربُ العالمية ُ الثالثة …وها هي طبول الحرب تقرع

إنها الحربُ العالمية ُ الثالثة …وها هي طبول الحرب تقرع

إن الله حَبَى العراق بأنْعُمٍ كثيرة لا تُعّد ولا تُحصى ومِنحٍ آلت للأسف إلى مِحَن ومنها جيوسياسية العراق حتى قيل (أن مَنْ يحكم العراق فقد حكم العالم بأسره) فضلاً عن الخزين الهائل من الرِّكاز بما فيها الغاز واليورانيوم والزئبق والبترول الذي سيكون صاحب الحظ الأوفر من الخزين الاحتياطي العالمي ناهيك عن الرافدين العظيمين دجلة والفرات وتنوع المناخ والتضاريس وإختلاف التربة التي تسهم في تحقيق إكتفاءٍ ذاتي من المحاصيل الزراعية والفائض يُصدّر ، حتى قيل إن الناس سألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وأصحابه وأزواجه وذرياته وأتباعه وسلم) : أنه إذا نفد خير الجزيرة فإلى أين نذهب؟ قال: إلى اليمن، قالوا: وإذا نفد خير اليمن؟ قال إلى بلاد الشام، قالوا وإذا نفد خير الشام؟ قال: إلى العراق، قالوا: وإذا نفد خير العراق؟ قال: إن في العراق خيرا لا ينفد إلى يوم الدين ، وكنا قد عرجنا في مقالٍ سابق لنا بعنوان بين الإمام عليٍّ والحسين … العراق لماذا … وإلى أين ؟؟؟ أشرنا فيه إلى إنحسار الفرات عن جبلٍ من ذهب يكون مدعاة للإحتراب والإقتتال ، بقي علينا تسليط الضوء على الأطماع التي تتجاذب العراق و تعصف به  وموقف دول الخليج العربي إزائها  مع بيان السبب الرئيس لإحتلال العراق من قبل أميركا 2003 م   وسنسلط الضوء عليها بإيجاز كالآتي :
أولاً : حُلم إسرائيل .
لا نُذيعُ سِراً إن قُلنا أن لإسرائيل حلمها في إقامة دولة عبرية تمتد من النيل في مصر إلى الفرات في العراق أي أن حدود حلم دولة إسرائيل الكبرى يبتلع كُل أرض العراق وصولاً إلى البصرة ولو إستعرضنا الأمر على الخريطة الجغرافية نجد أن دول الخليج العربي ما من مشكلةٍ لديها في الأمر فهي بمنأى عن الخطر المحدق لذلك وكما يقول المثل العراقي ( الشهر الذي ليس لك خُبزةٌ فيه لا تحسبه ولا تعد أيامه ) لذا فموقف دول الخليج هو كالمتفرج المتابع للأحداث فالأمرُ لا يعنيها لا من قريبٍ أو بعيد وليذهب العراق إلى حيث ….
ثانياً : الحُلم العُثماني .
لقد حكمت الإمبراطورية العثمانية زهاء 500 عام وهيمنت على المنطقة حتى العام 1918م ولعلنا نُدرك إفتقار تركيا وتدني إقتصادها اليوم أحيا حلمها القديم الجديد بإعادة ضم العراق إليها خاصة وأنها تنظر إلى الموصل بإعتباره ولاية أو محافظةٍ تركية وكركوك مدينة النفط لها إرتباطها القومي بالأتراك حيث تُمثل تُركيا العُمق القومي لتركمان العراق سواءاً في الموصل أو كركوك وتركمان ديالى وصلاح الدين وقد لعبت تركيا دوراً بارزاً في الحياة السياسية في العراق من خلال تبنيها ورعايتها للجبهة التركمانية ولكن تأثر التركمان وتخندقهم واصطفافهم المذهبي وإنقسامهم وتشظيهم إلى سُنّةٍ وشيعة كانت له تداعيات على ثقلهم في المعادلة السياسية والإجتماعية و…حتى أضحوا كالهشيم تذروه الرياح ، عمدت تركيا إلى إستخدام السدود وتقنين كميات المياه الوافدة إلى العراق كورقة ضغط ومحاولة ليكون الماء مقابل النفط ، ونقولها أمانة لو إمتلكت تركيا حقول نفط الموصل أو كركوك لأصبحت تركيا من أغنى وأثرى بلدان العالم ولعاش الأتراك في رفاهيةٍ لا يعلمها إلاّ الله ، ما يعنينا أن الحلم التركي لا تتأثر به دول الخليج لا من قريب أو بعيد فأكتفت بموقف المتفرج كمن يقف على التل ويراقب الأحداث إلى أين ستؤول .
ثالثاً : الحُلم الفارسي .  
تعرض العراق طيلة تأريخه إلى تتابُع إحتلالاتٍ فارسيةٍ متعاقبةٍ تَتْرَى  إمتد قِسم منها أكثر من 600 سنة ولو إستعرضنا حُلم إيران على الخريطة لوجدنا أنه يكتسحُ بل ويبتلع كُل دول الخليج العربي ، الأمر الذي كان ولمّا يَزل كابوساً يؤرِق تلك الدول ويجعلها بين فكي الرحى كونها على مقربةٍ من مكمن الخطر لذلك نجد أن كُل دول الخليج تُسارع في دعم الجماعات المُسلحة بما فيها المُتطرفة التي تتقاطع أيدلوجياً وعقائدياً مع إيران كما دعمت العراق في حربْ السنين الثمانية كي تربئ بنفسها عن الخطر الداهم ، إذن لا مشكلة مع إسرائيل ، لا مشكلة مع تركيا ، المعضلة مع إيران الأمر الذي سيُحَتّم عليها التحالف مع أيّ طرفٍ حتى وإن كان ذلك الطرف إسرائيل ، ما يهم ديمومة وجودها واستمرار كينونتها كدولٍ مستقل بمنأى عن الخطر المتربص بها .
رابعاً : حُلم دولة كردستان الكبرى .
قد أفردنا له مقال سابق بعنوان (حُلمُ  دولة كُردستان الكُبرى … سباحة ٌ في الدماء وسيرٌ على الأشلاء) لمن أراد الرجوع إليه .
خامساً : الأسباب الحقيقية لإحتلال العراق .
جاء إحتلال العراق في 9 نيسان(إبريل)2003 م تحت ذريعة إنهاء نظام الحُكم الديكتاتوري وإستبداله بالنظام الديموقراطي ، وتدمير أسلحة الدمار الشامل وهذه أكذوبة العصر الكُبرى وقسماً : أنهم يكذبون ، ويعلمون أنهم يكذبون ، ويعلمون أننا نعلُم بأنهم يكذبون كما سيتجلى الأمر لاحقاً ، وبالعودة إلى إحتلال أفغانستان في العام 2000 م قال الجنرال الأميركي ويسلي كلارك : (من كان يظُن أننا خرجنا لأفغانستان إنتقاماً لإحداث 11 سبتمبر فليُصحح خَطَأهُ ، نحنُ خرجنا لقضيةٍ إسمها الإسلام لا نُريدُ أن يبقى الإسلامُ مشروعاً حُراً يُقَررُ فيه المُسلِمون ما هو الإسلام ، نحنُ من نُقرر لهم ما هو الإسلام ) وهذا جزء من الواقع ولكن للأمر بقية كما سيأتي على لسان مستشار الأمن الأميركي ووزير خارجية الولايات المُتحدة في عهد ريتشارد نيكسون ألا وهو (العجوز هنري كيسنجر ثعلب السياسية الأميركية بل والعقل المخطط وكما يسميه البعض مُخ السياسة الأميركية) ومعلوم أن كيسنجر يهودي قليل الكلام إلاّ أنه أدلى بتصَرّيحٍ لصحيفة ديلي سكيب اليومية المحلية والتي تصدر في نيويورك بمفاجأةٍ من العيارِ الثقيل التصريح الذي يزيل الغبش والرؤية الضبابية للأحداث المتلاحقة ويضع النقاط على الحروف ويُجيب عن الكثير الكثير من التساؤلات حيث قال ما نصُه : إن ما يجري في الشرق الأوسط وفي العالم كله حالياً إنما هو تمهيدٌ للحرب العالمية الثالثة والتي سيكون طرفاها روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى حربٌ يصفها كيسنجر ستكون شديدةُ القسوة ويجبُ أن تنتصر فيها الولايات المتحدة الأمريكية حيثُ باتت موسكو وبكين تتمتعان بهيبةٍ كبيرة يجب زوالها ومعهما إيران التي يُعتبر سقوطها هدفاً لإسرائيل على حدِ زعمه ، أما إدراك الإتحاد الأوربي لحقيقة المواجهة العسكرية المحتومة دفع إلى المُسارعة في التوحد في كيانٍ واحدٍ قويٍ ومتماسك ، وكشف إن الدوائر السياسية والإستراتيجية ولضمان تحقيق هذا الهدف طلبت من عسكريّيّها إحتلال سبع دول في الشرق الأوسط لإستغلال مواردها الطبيعية كالنفط والغاز ، فالسيطرة على البترول هو الطريق إلى السيطرة على الدول ، أما السيطرة على الغذاء فهو السبيل للسيطرة على الشعوب ، وواقعُ الحال أن العسكريين حققوا بعض من هذا الهدف وبقي حجرٌ واحد علينا إسقاطه من أجل إحداث التوازن وهو الحَجَرُ المتمثل بإيران ، ولأن الدبّ الروسي والتنين الصيني لن يقفَ موقف المتفرج ونحنُ نُمهدُ الطريقَ لقوتنا خصوصاً بعد أن تشنَّ إسرائيل حرباً شديدة بكُلِ ما أوتيت مِن قوة لتقتل أكبر ما يمكن من العرب ، فإن المهمة ستُصبح مُلقاة على عاتقِ جنودنا وأقصد هنا الأميركيين والغربيين لدخولِ حربٍ عالمية ضد روسيا والصين ، ومن بُركان الحرب سيتم بناء قوةٌ عُظمى وحيدة صُلْبة منتصرة هي الحكومة  العالمية تُسيطر وتحكم العالم ولا تنسون أن الولايات المتحدة الأميركية  تمتلك ترسانة من الأسلحة لا يعرف عنها الآخرون شيئاً وسنعرضها أمام العالم في الوقت المناسب …..
ولو أسقطنا كلام العجوز هنري كيسنجر على واقع الشرق الأوسط اليوم نجد أن الصومال وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان يعصف بها الخراب ولا يختلف حالها عما كان عليه إبان الإحتلال فضلاً عن الوضع المتأرجح لكل من مصر والجزائر وتونس ……..إذن هي الحربُ العالمية ُ الثالثة وها هي طبول الحرب تُقرع .
اللهم إحفظ بلاد العرب والمسلمين
اللهم إجعل ديارنا  ديارُ أمنٍ وأمان
اللهم إحفظ العراق وأهل العراق.