18 نوفمبر، 2024 2:44 ص
Search
Close this search box.

إنقلاب المالكي على شركائه

إنقلاب المالكي على شركائه

يمكن القول إن العملية السياسية في العراق وصلت إلى طريق مسدود، بل هي تحتضر وتلفظ أنفاسها الأخيرة في ظل صراع تسقيطي لرموز هذه العملية، حول المناصب والتوازن في الحكومة، وتفرد الحزب الحاكم في قراراته، وانعدام الثقة بشكل مطلق فيما بينهم، وقد جاءت قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، واتهامه بالإرهاب لتفتح باب الانهيار وتأجيج الشارع العراقي بين مؤيد ورافض لهذا الإتهام تمهيدا لحصول( ما لا يحمد عقباه)، وهي الحرب الطائفية الأهلية التي أطلت برأسها في أحداث ديالى ونزول الميليشيات الطائفية المدعومة إيرانيا إلى الشوارع ،وحرق دار محافظ ديالى وتعطيل مجلس المحافظة ،والتي كانت بتواطؤ ودعم وإسناد الجيش هناك، فانفتحت شهية الحكومة لفتح ملفات الإرهاب بحق شخصيات مشاركة في الحكومة منها إقالة صالح المطلك نائب رئيس الوزراء، والتلويح بفتح ملفات رافع العيساوي وأسامة النجيفي وأخرين، وقد أثارت قضية الهاشمي حفيظة التحالف الكردستاني بعد وصول الهاشمي إلى أربيل واجتماعه مع مسعود البارزاني الذي أعلن مباشرة (ان الهاشمي بضيافة مسعود ولا يمكن التقرب منه في كردستان) ،وهكذا تبعه الرئيس جلال الطالباني واعتبره (ضيفا عليه) في حين خرجت مظاهرات طائفية في بعض المحافظات تطالب بإعدام الهاشمي فورا ،دون محاكمة ودون ان يقول القضاء كلمته، وتبين بعدها ان القضاء لم يكن موفقا في إصدار التهمة وأمر إلقاء القبض على الهاشمي ،حيث ظهر أن قاضيا واحد اجتهد، وربما بدفع من جهات عليا بإصدار مذكرة القبض، وظهر رئيس الوزراء بمؤتمره الصحفي ليهدد ويتوعد وزراء القائمة العراقية بالإقالة إذا لم يلتحقوا بوزاراتهم خلال عشرة أيام ،خلافا للدستور وبغياب نظام مجلس الوزراء، الذي لا يجيز له إقالة الوزراء لأنها من صلاحيات مجلس النواب، وأطلق أعضاء من دولة القانون بالونات إعلامية حول الذهاب إلى حكومة الأغلبية، وإنهم غير مكترثين لخروج العراقية من البرلمان والحكومة ،إلا إن الواقع عكس هذا التمني تماما، لأنهم يدركون حجم الكارثة التي ستحل بالحكومة، إذا خرجت العراقية منها، خاصة بعد زعل الرئيس جلال طالباني واعتكافه في السليمانية ،وتبليغه خضير الخزاعي بأنه لن يعود إلى بغداد طالما المالكي رئيسا للحكومة، وهكذا فعل مسعود برزاني عندما رفض الذهاب إلى بغداد لمناقشة قضية الهاشمي بعد رفض المالكي الذهاب إلى اربيل أو السليمانية لنفس الغرض وحل أزمة الهاشمي بالحوار كما تريد إدارة أوباما، والتي من المقرر أن توفد بايدن إلى بغداد لتعبر عن قلقها وخوفها من تدهور الأوضاع في العراق، بسبب هذا الجو الملتهب بين الأطراف في العملية السياسية التي توشك على الانهيار بأية لحظة.
إذن هو إنقلاب يقوده رئيس الحكومة ضد شركائه في العملية السياسية بطريقة التسقيط السياسي الكيدي ضد الخصوم للتفرد بالحكم، وإيصال البلاد إلى الحرب الأهلية الطائفية، لكي يفسح المجال للميليشيات الطائفية التي أدخلها إلى العملية السياسية (عصائب أهل الحق وحزب الله العراقي) وكذلك إيران وحرسها الثوري، وفيلق القدس وغيره لملء الفراغ الأمني بعد انتهاء تواجد قوات الغزو الأمريكي نهاية هذا الشهر، في وقت يشهد الوضع الأمني انفجارا في عموم محافظات العراق، وتوترا شعبيا وصل حد المطالبات بانشاء أقاليم إدارية للتخلص من الإقصاء والتهميش والاعتقالات والتفجيرات والتمايز الطائفي الحكومي وفقدان التوازن الوظيفي في الحكومة والوزارات والجيش والأجهزة الأمنية، هذا هو سيناريو انقلاب المالكي على شركائه في العملية السياسية، بالرغم من رفض كتل في التحالف الوطني لهذا السيناريو الذي سيجر البلاد إلى قاع الخراب والدمار والحرب الأهلية (والله يستر) ويحفظ أهل العراق.

أحدث المقالات