يبدو ان لا وزارة الكهرباء ولا أمانة بغداد ولا إسالة مائها يشعرون بحجم الكارثة التي يعيشها العراقيون جراء الانقطاعات الطويلة في التيار الكهربائي وماء الإسالة ، التي أضنت سكان بغداد وحولت حياتهم في هذا الصيف اللاهب، الى جحيم لايطاق!!
وكم تمنى العراقيون لو ان الكهرباء والماء تنقطع عن مكاتب وعوائل الرئاسات الثلاث وموظفيها الكبار لعشر ساعات في اليوم أو أكثر ، وربما لايتجاوز معدل التجهيز الحالي لاحياء بغداد عن ثماني ساعات كل اربع وعشرين ساعة علهم يصدرون بيانا يؤكدون فيه ان انقطاع الكهرباء والماء عن معظم احياء بغداد وبخاصة مناطق الدورة واحياء الميكانيك والطعمة وآسيا والشرطة والاثوريين وبقية احياء العاصمة في شرقيها وفي غربيها قد بلغت حدودا لايمكن لبشر ان يتحملها ، حتى تدرك وزارة الكهرباء واسالة الماء ان ماتتركه من آثار خطيرة على الحياة يهدد بنية الانسان العراقي ويعرضه لمهالك كثيرة ابسطها عدم الاحساس بآدمية البشر، وان هذا البلد لايرعى حقوق بشر ولا يحترم مبدأ ولا كرامة شعب ، وان القائمين على الكهرباء والماء لايحسون بمدى معاناة الناس وسخطهم على قادة الدولة وعلى وزارة الكهرباء نفسها وكذلك على امانة بغداد التي لاتعير اذنا صاغية لكل مناشدات الملايين بأن تجد لهم حلولا معقولة لتلك الازمة الخانقة التي استمرت لاكثر من عقد من السنين!!ويبدو ايضا ان الكوارث الأمنية وبخاصة التفجيرات الدامية التي يتعرض لها سكان بغداد يجد فيها القائمون على الكهرباء انها قد تكون عامل تخفيف لاحتقان العراقيين وغضبهم على الساعات الطويلة التي تتعدى الاربع والخمس ساعات بعد كل نصف ساعة من الطاقة التي يتم تزويد الاحياء بها بشكل متقطع حتى انهم وجدوا في تلك التفجيرات عامل ابعاد للازمة عنهم بما يشبه المثل القائل : مصائب قوم عند قوم فوائد..أي ان جماعة الكهرباء والماء وجدوا في تلك المآسي مايخفف عنهم ساعات الغضب، بعد ان تأجج غضب العراقيين العام الماضي على شكل ثورة شعبية اطلق عليها في حينها (انتفاضة الكهرباء) ويبدو انهم في مواجهة ثورة غضب مماثلة هذا العام ، والا اذا بقيت الكهرباء والماء على هذه الشاكلة فأقرأ على العراق السلام!!
المشكلة ان لا رئيس الوزراء ولا رئيس مجلس النواب ولا رئيس الجمهورية ولا قادة الكتل السياسية ولا نواب الشعب قد قال أحد منهم لوزارة الكهرباء واسالة الماء انكم قد اوصلتم صبر الناس الى حالة ميئوسة منها ، ولا تبدو في الافق اية بوادر لحالة تحسن، إن لم تتدهور ساعات التجهيز يوما بعد آخر، بالرغم من اعلانات الوزارة عن زيادات (وهمية) في الكهرباء ، لم يحصد منها مواطنو بغداد سوى خيبات الأمل!!
وبعد الكهرباء دخلت ازمة الماء لتشكل احدى اهم المآسي التي يعاني منها سكان بغداد وبخاصة مناطق الميكانيك واسيا في الدورة التي تعد من المناطق المنكوبة بالكهرباء والماء وتدني الخدمات، ولم يكن ماء الاسالة في سنوات سابقة بمثل هذا الغياب الطويل الذي يستمر في ساعات النهار لاكثر من عشر ساعات!!
هذا العام يعد الأسواء في تجهيز احياء بغداد بالكهرباء والماء على حد سواء ..هذه هي ملاحظات ملايين العراقيين الصابرين على بلاوي الزمن الاغبر ، الذي أرقهم كثيرا وحول اعصابهم الى حطام من النكبات والمصائب والآهات ، لكثرة ما يعانيه العراقيون مما ينزل على رؤوسهم من غضب السموات والارض ومن بلاوي وويلات تعددت اصنافها والوانها ومآسيها ..!!وتأتي انقطاعات الكهرباء والماء الطويلة ، كالصاعقة على رؤوسهم لتزيد الطين بلة كما يقال، ويعيش العراقيون ساعات مرارة الضياع والاحتراق بنار الصيف المحرقة، دون ان يجدوا ضميرا يهتز او أحدا يشعر بمسؤولية الملايين التي اكتوت بحارة الصيف الرهيب، وغياب الكهرباء والماء عنهم لساعات طوال!!
المطلوب من رئاسة الوزراء ان تضع حدا لكل هذا الاهمال وعدم الشعور بالمسؤولية ..ويكفي العراقيين ماتحملوه من مصائب ومحن وآلام طوال عقود.. انتبهوا ياسيادة رئيس الوزراء ..ويا رئيس مجلس النواب ..والمطلوب فعلا تفادي الكارثة قبل ان تقع الفأس في الرأس، وتأتي ثورات الغضب الشعبي لتقتلع عروشكم الخاوية..أما رئيس الجمهورية فالرجل لاتعنيه هموم العراقيين لا من قريب أو بعيد ، لأنه قد وفر الله له ما يكفيه أن يعيش لسنوات في بحبوحة من العيش الرغيد!!
وعليكم ان تتيقنوا بأن صبر العراقيين على ظلمكم له حدود..وعسى ان تجد مناشدات ملايين العراقيين عن ازمات الكهرباء والماء وانعدام الخدمات آذنانا صاغية..بالرغم من فقدان الأمل بوجود توجه من هذا النوع يهدف الى تقديم الخدمة للعراقيين ولو في أبسط أشكالها..!!
والماء والكهرباء ورغيف الخبز واحدة من الحدود الدنيا للحياة التي ينبغي توفيرها، قبل ان تنفجر رؤوس العراقيين غضبا على من ارتكب بحقهم كل هذه الموبقات ، وتركهم عرضة لتقلبات الحياة ومرارة الزمن الأغبر الذي سلطكم على رؤوسهم واوصلتموهم الى تلك الحالة التي تلعنكم الاقدار عليها في الدنيا والاخرة!!