التظاهرات التي يراهن عليها البعض أنها قادرة على التغيير كما يراهن آخرين على الزمن ليقضي عليها وتضمحل ولكنا قد لا نختلف على أنها تعبير عن ضمير الأمة ورغبتها في التغيير ورفض الفساد والفشل فالدولة منذ عام 2003م ولغاية هذا اليوم لم تستطيع أن تنجز شيء يكافيء الميزانيات المليارية التي أنفقت عدا عن النتائج الكارثية التي وصل اليها العراق على الصعيد الأمني والإقتصادي ومن الإنصاف أن يصنف العراق من الدول الفاشلة مع الأسف ؛ والكل يعترف بوجود خللاً لابد من إصلاحه ؟! وإن طريقة المشاركة (المحاصصة) الحزبية فشلت وأتت بوزراء (غالبيتهم) ليس لهم أيةعلاقة بمناصبهم بل إن غالبيتهم لا يتقنون فن الإدارة ولا يعرفون الصلاحيات والقوانين التي يديرون بها وزاراتهم ومؤسساتهم ودوائرهم ومن هنا كان سبب فشل الدولة وياتي الفساد كعامل ثاني للفشل !! وإن تلك النتائج هي المحصلة الطبيعية لدولة المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية وإن همَ الأحزاب لم يكن نجاح الحكومة بل همهم هو حجم التمثيل الذي يحصلون عليه (وهموم أخرى ليس لها علاقة بنجاح الدولة) فكانت تلك النتائج الكارثية وما الكهرباء إلا نموذج واحد لهذا الفشل لسياسة إدارة الدولة قبل إن يكون فشلاً للوزراء وإدارات الدولة العامة .
والكل اليوم يطلب من رئيس الوزراء تغيير سياسة الدولة حتى وهو يطالب بتوفير الخدمات أو إقصاء الوزراء أو نبذ الطائفية السياسية وهذا في جوهره تغير منهجية الدولة من (دولة المحاصصة الطائفية والعرقية) إلى ( دولة المواطنة المدنية) وذلك ليس قرار (فردي) بمقدور الدكتور العباديء فعله بل هو ناتج عملية سياسية تم بنائها على هذا الأساس يمثل (حزب الدعوة الإسلامي) الذي ينتمي إليه الدكتور العبادي أحد أركانها الأساسية و المكونة في (غالبيتها) من أحزاب طائفية وعرقية ؛ وتغيير ذلك ليس قراراً وزارياً ولا برلمانياً ولا رئاسياً بل هو قراراً جماهيرياً قبل كل شيء يستدعي توفير (البدائل) الجماهيرية التي تؤمن بدولة المواطنة المدنية ومن ثم تفرض توجهها من خلال تأثيرها على الشارع العراقي وبالوسائل الديمقراطية والسلمية المتاحة . وهذا لا يعني أن رئيس الوزراء لا يستطيع أن ينجح في بناء (دولة) ترضي المواطن وتعبر به هذه المرحلة يكون همها (الإصلاحي) الأول توفير الخدمات و القضاء على الفساد ومحاربة الطائفية والإرتفاع بأداء أجهزة الدولة ولقد بدء في خطوات تعتبر تحدي لنظام المحاصصة الطائفية (الغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وبعض الوزراء) ولم يكن يحصل له ذلك من دون التفويض الجماهيري له والغطاء الديني ولكنه لازال أسير الدولة الفاشلة التي يتحمل وزرها وإن كان يستحيل عليه الآن تغيير سياسة الدولة وفلسفتها فبإمكانه إن يلجاء إلى الحل الوسط للخروج من عنق الزجاجة ومن هذا المأزق الذي يتهدد فيه حرية وحقوق الإنسان العراقي والذي لا أحد يعرف ما نتائجه على أمن البلاد و وحدتها ؛
ويمكن لرئيس الوزراء أن يواصل ثورته على الفساد وسراق المال العام لتحقيق مطاليب الشعب الشرعية والقانونية وإجتثاث الفساد والجهل الذي يسوس الدولة عن طريق إعلانه إستقالة هذه الوزارة وتشكيله (وزارة تكنوقراط) غير حزبية متمتعاً بالتفويض والغطاء الجماهيري الذي أعطي له تتكون هذه الوزاة من وزراء مختصين ولهم الخبرة والكفاءة والمعرفة العلمية في إدارة وزاراتهم وهم غير معنين باي إنتماء ديني أو عرقي أو طائفي ويتحملون مسؤوليتهم الكاملة أمام الشعب وأمام رئيس الوزراء ويضعون خطة زمنية واضحة لإدارة وزاراتهم تعرض على مجلس النواب يكونون مسؤولين على تنفيذها حرفياً يديرون الدولة وفق القانون بنظام مؤسساتي متطور وملتزم ولا يتمتعون بأي غطاء حزبي يمكن أن يحميهم من المسائلة سواء من قبل البرلمان أوقبل رئيس الوزراء الذي يتحمل المسؤولية الأولى عن وزرائه أمام البرلمان وأمام الشعب العراقي والذي يخفق في تحقيق الجدول الزمني لخطة الإصلاح منهم يقال من وزارته فوراً ويستبدل بمن هو أقدر منه ؛ وينسحب ذلك على كل إدارات الدولة العليا التي يقودها الوزراء الذين يمنحون الصلاحيات الكافية لإدارة وزاراتهم ومن ثم الشركات والدوائر المرتبطة بها ويتمتعون بحماية الدولة القانونية والإعتبارية ويمنع التدخل في عملهم إلا من قبل رئيس الوزراء حصراً بصفته المسؤول الأول عن عملهم أمام الشعب وامام البرلمان وأمام رئيس الجمهورية. وزارة من السهولة محاسبتها بل مقاضاتها إن أخطأت وتكريمها إن أصابت وتعديلها إن مالت أو قصرت أو إنحرفت لا سامح الله فلا غطاء لها غير مهنيتها.
وطبعاً لابد أن يرافق ذلك إصلاحات على مستوى القضاء وحقوق الإنسان والأجهزة الآمنية وحرية الاعلام وأن يكون هناك مسعى من الدولة لتعزيز روح المواطنة ومحاربة التعصب الديني والطائفي والقومي واطلاق مشروع مصالحة حقيقي بين كل طوائف واعراق الشعب العراقي لتجاوز أخطاء الماضي وعقده وإن يكون ذلك جزء من برنامج الحكومة
نعم جربنا الوزراء الحزبيين ووزارة المحاصصة وزارة المشاركة فماذا كانت النتائج الفشل والفساد وحماية المفسدين ومن يتمسك بهذا النظام ويرفض الوزارة المهنية النزيهة فإنه بالتاكيد يتمسك بمصالحه الخاصة ومآرب حزبه ويتمسك بالفشل والفساد.
العراق اليوم بامس الحاجة الى الخبرات والكفاءات وهو يغص بالعبقريات العلمية والمهنية وهي اما مهمشة او مهجرة او مرعوبة علينا اعادة تجميعها واستغلالها وإطلاقها في بناء العراق المتسامح القوي الجديد المتماسك القادر على دحر الإرهاب وصناعة الحب والخيروالسلام .