ألتخطيط الاستراتيجي السليم يعتبر من الأولويات في سياسات الدول التي تبغي تحقيق الاستقرار السياسي والإقتصادي لها وتضمن لشعوبها مستقبلاً آمناً, فتختار الشخصيات العلمية الكفوءة للمناصب العليا في إدارة حلقات التخطيط, فيتم التنسيق لوضع الخطط الاستراتيجية السليمة لخلق التنمية الحقيقية في جميع قطاعات الدولة وتسخير كافة الإمكانيات لتنفيذ هذه الخطط بدقة ووفق التوقيتات الموضوعة لها.
هذا ماتحرص عليه الدول التي تعيش ظروفاً طبيعية مستقرة, أما تلك التي تعيش أوضاعاً غير طبيعية وغير مستقرة مثل الحروب والإضطرابات السياسية والكوارث الطبيعية وغيرها فأنها تكون أكثر حرصاً وتمسكاً بالتخطيط الاستراتيجي وأكثر حاجة لوضع الأسس السليمة له لتعويض الخسائر الكبيرة التي أصابت البلاد نتيجة هذه الظروف, والعراق من أكثر البلدان في العالم الذي عانى ومازال من مختلف أنواع التحديات والظروف الغير مستقرة مثل الحروب المدمرة والإضطرابات السياسية المستمرة منذ عقود طويلة إضافة للإنهيارات الكبيرة في أسعار النفط العالمي والتي ساهمت جميعها في ايصال البلد وإقتصاده الى مراحل متأخرة ومقلقة, وحربنا الطويلة ضد الإرهاب بكل مسمياته قد استنزفت الكثير من خيرات البلد وموارده, وهذا كله يتطلب من حكومتنا أن تستفيق من غفوتها وتسارع الى نفض الغبارعن أهم وزارة في البلد وهي وزارة التخطيط وتبدأ فوراً باتخاذ الإجراءات السريعة لتفعيل الدور المعطل لهذه الوزارة ومؤسساتها وجعلها تأخذ دورها الحقيقي في رسم سياسات البلد الإقتصادية وذلك برسم الخطط الاستراتيجية العلمية الشاملة للنهوض بالإقتصاد وبجميع مؤسسات الدولة في جميع القطاعات الرئيسية والإسراع بوضع الخطط التنموية بأنواعها (القصيرة والمتوسطة والطويلة) الأجل وتثبيت السقوف الزمنية لتنفيذها ووضع الأسس الصحيحة للتعشيق بين هذه الخطط للوصول الى تحقيق أهدافها الموضوعة في خلق تنمية مستدامة حقيقية واستثمار أمثل للموارد الطبيعية المتاحة في البلد والوصول الى حالة الخروج من نفق الإقتصاد الاحادي الذي يعتمد على ريع النفط بشكل رئيسي والعمل على إعادة الحياة لصناعتنا الوطنية الرائدة وانتشال القطاع الزراعي من وضعه البائس وتفعيل وتنشيط القطاع السياحي الذي لايقل أهمية عن قطاعي الصناعة والزراعة لما يمتلكه البلد من معالم سياحية أثرية كثيرة سواء كانت أثرية أو طبيعية أو دينية, والعمل على إعادة بناء القطاعات الأخرى بشكل سليم مثل الصحة والتعليم والنقل والقضاء والرياضة والشباب وغيرها.
هذا هو الحل الأمثل أمام حكومتنا إذا ما أرادت انتشال البلد والإقتصاد من الوضع المتردي الذي وصلا اليه والعمل على تعويض كل الخسارات التي أصابت البلد نتيجة التحديات والظروف غير المستقرة التي مرّ بها البلد, أما إذا ماتم إهمال هذا الحل والاستمرار في السياسات الخاطئة والحلول والإجراءات الترقيعية فان العراق يسر الى منزلق خطير ومستقبل مجهول محفوف بالمآسي.