يضع العراق نفسه دائماً في دائرة الإحتمالات، والحسابات الضيقة التي لا تأتي بالفرص إلاّ نادراً، او ضربة حظ في تكرار الفشل، وأمل بإنتقام الدماء والتضحيات، وحصاد محصلة الفعل وردوده، ونتيجة حافر البئر لأخيه، ولم يتعامل السياسيون بواقعية الهدف المشترك، وترك من يفسد مشوار الفريق بأخطاءه المتعمدة، والكارثة إنحياز بعض من فريقنا الى الخصم، لخلافات شخصية وحزبية، ولولا ذلك لما وقعنا بالحسابات المعقدة، ولو أن للعرب سياسة واضحة، لما تمنى الشعب العراقي سقوط هذه الدولة او تلك، وبالنتيجة هي نار بمحيطنا أن لم تحرقنا، سيمسنا لهيبها وشرارها.
إحتملاتنا دائماً بعد فقداننا الفرصة الأولى، ثم نتمنى فوز طرف غيرنا لتصل الفرصة لنا، في كرة القدم والسياسة والأقتصاد والدبلوماسية.
الخلاف السعودي القطري، سيدخل العراق في دائرة الحسابات، ومنهم من يعتقد الربح وآخر الخسارة، وسينقسم قادة سنة العراق بين مؤيد لقطر او السعودية، والشيعة سيؤيد اغلبهم قطر لخروجها من دائرة السعودية والجمع العربي المبغض للنظام العراقي، وقليل منهم لا يتمنى توسع المشكلة، والمنطقة لا تتحمل الأزمات، وكل سيلعب على إضعاف بعض، وإنشغال بشأن خارجي أكثر من الجبهة الداخلية الممزقة.
سيكون للتحول القطري وتبديل الخطاب أثر إيجابي، وستتراجع قوى عن طبيعة خطاباتها الخارجة عن نطاق الدولة العراقية، بينما ستسعى السعودية الى الحذر في التعامل مع من تدعمهم، وتحاول إظهار نفسها بالحريص على الطائفة او وحدة العراق، وهذا ما يخلق نوع من الجدل حول مصداقية اياهما تجاه العراق، وسيكشفما عند الآخر من إرتباط، مع تلك المنظمات التي ساعدت بتمنية الإرهاب في العراق والعالم.
إن التراشق الخليجي، سيشغل هذه الدول بشأنها الداخلي أكثر من العراق، وقطر تخشى الحصار وفقدان المصالح والاستثمارات، وربما توقعها حزم خليجي جديد، بينما السعودية لا تستبعد نشوب حرب، وهي غارقة في اليمن، وهذا يجرها الى تفجر الوضع الداخلي، وإنقسام داخل العائلة المالكة، وفرصة للخلايا الإرهابية، والمجتمع السعودي المشبع بالعنف والقنابل الموقوتة، وبالتالي التقسيم ودويلات صغيرة مساوية لقطر، وفي العراق إنقسام السنة بين السعودية وقطر وإضعاف جبهتهم السياسية، والشيعة من يؤيد السعودية كرهاً بقطر وأيران او العكس بالعكس، وبعض لا يتمنى الأزمات، وأما الكورد فيجدون فرصة مناسبة للتمدد في الإراضي العربية؛ حيث يضعف الجانب الإقليمي بالدفاع عن السنة، واسرائيل فرحة لخطوات تقرير المصير.
كل الإحتمالات واردة، وما في الإعلام يختلف، عن واقع يفرض على الدولتين الدفع الأكثر لأمريكا والتطبيع مع اسرائيل.
الإحتملات ليست من مصلحة العراق، الذي يأمل بإستقرار المنطقة الإقليمية، التي تتغير تبعاً لمصالح دولها، ومن تدعمه اليوم تعاديه غداً، والأهم التخلص من داعش وجرائمها الوحشية، ووضع إستراتيجيات مستقبلية من التجربة، والجلوس مع شركاء الوطن على طاولة حواره، لأن الإحتمالات القادمة تفرض على تلك الدول المتصارعة، الظهور بصفة حسن النوايا ومحاربة الإرهاب، وثقب الذاكرة العراقية لتسريب ما علق من افعال سابقة، ساعدت بنمو التطرف والإرهاب والإنقسام المجتمعي، ولن ينفع العراق نشوب حرب، رغم توقعات عودة عمل الإرهاب في مواطنه الأصلية، ولكن المراهنة العراقية، يجب ان تكون بوحدة أرضة وشعبه، وإتفاق طبقته السياسية.