23 ديسمبر، 2024 10:44 ص

إنصفوا ضحايا العدالة قبل أن يتحولوا الى اعداء ضدكم

إنصفوا ضحايا العدالة قبل أن يتحولوا الى اعداء ضدكم

من أصعب وأخطر القضايا التي يمر بها ألأنسان في تاريخ حياته أن يشعر أن جهةٍ ما كانت قد سلبت حقة وظلمتهُ في حقهِ ألأنساني.  يلازمهُ هذا الشعور طيلة حياتة على مدار الساعات وألأيام والشهور والسنين التي يحياها. تراودهُ أفكار وأفكار ..قد تكون تلك ألأفكار مدمره لحياتهِ النفسية والجسدية وخصوصاً إذا كان مؤمناً تماماً من أنه لم يرتكب معصية قانوية أو إجتماعية إلا أنه دفعَ ثمناً غالياً في مكانٍ ما وزمانٍ ما. ربما يُصاب بعقدة نفسية تجعلة يرتكب حماقة يعتقد أنها – رد إعتبار- حتى لو أدت الى فقدان حياتهِ لأنها تتعلق بالكرامة وصفات الرجولة التي يؤمن بها. من خلال مطالعتي هذا اليوم في كتابات  فهمتُ  أن البرلمان ينوي جبر خواطر – ألأبرياء- الذين وجدوا أنفسهم  فجأةً بلا ذنب خلف القضبان المرعبة نتيجة وشاية كاذبة أو مخبر سري قام بفعل غير صحيح لسببٍ ما. شعرتُ بفرحٍ غامر وسرورٍ عامر لأن هناك من بدأ يتصرف حسب المفهوم ألأنساني لعمل البرلمان . يوجد خلف القضبان أنواع مختلفة من الرجال – وحتى النساء- بلا ذنب بلا جرمٍ إرتكبوه ولكن القدر وقف ضدهم على حين غره وراحوا يدفعون ثمناً باهضاً بلا ذنب. شعرتُ بفرحٍ داخلي لهذه المبادرة إن وجدت لها طريقاً الى النور. أنا لاأتكلم هنا عن الذين قاموا بأرتكاب جرائم شنيعة كالسرقة وألأغتصاب والقتل وألأختطاف وألأحتيال والرشوة وغيرها من الجرائم الكبرى المعروفة في سياقات المباديء ألأجتماعية والقانونية وألأنسانية. بالعكس أتمنى أن تُبطق في حق أؤلئك المجرمين أقسى أنواع العقوبات القانونية لأنهم كانوا قد أحدثوا شرخاً كبيراً في المجتمع في زمنٍ ومكانٍ معين. أنا أتحدث عن أبرياء مئة في المئة. أنا لاأتكلم من الفراغ أو من خيالِ كاتبٍ مطمور في مكانٍ ليس له وجود على  خارطة المجتمع العراقي كبير. أتكلم من خلال واقع عشتهُ رغماً عني . قذف بي القدر لأكون شاهداً على حالةٍ تشبه آلاف الحالات الموجودة تحت القضبان. عائلة متوسطة الحال لديها ولدان يعملان في بناء الطابوق وألأسمنت كمصدر رئيسي للحياة. يعيلان والدهما المعوق ووالدتهما المريضة بشق ألأنفس.  في لحظةٍ من لحظات الليل المرعبة وجدا أنفسهما وراء القضبان لسببٍ لايعرفان حقيقته. راح المحامي الجشع يفاوض الوالد المسكين على – ثلاثة دفاتر- الدفتر الواحد يساوي عشرة آلاف دولار. تصوروا الماساة التي عاشها الوالد وهو يستجدي ألأقرباء وألأصدقاء والجيران . باع كل مايملك من أشياء ليس لها قيمة. سلم المبلغ الى المحامي. بعد عام كامل على تسليم المبلغ تم إطلاق سراحهم. كانوا كاشباح عاشت في المقابر البعيدة. عرفوا فيما بعد أن أحد أقربائهم وشى بهم لسببٍ ما تافه  كنوع من ألأنتقام الشخصي.
لازال الولدان يعملان ليلاً ونهاراً في بناء الطابوق ومختلف ألأعمال الشاقة ليسددوا ماكان والدهم قد إقترضه من مال لأخراجهم من جحيم المعتقل. عضو البرلمان الذي يعترض على تعويض حالات كهذه من أجل إعانتهم للعودةِ الى المجتمع لايعرف أنه يريد أن يقف حجر عثرة في إصلاح هؤلاء القوم. عضو البرلمان الذي يعترض بشدة بحجة أن ألأرهابيين سيجدون من يقف الى جانبهم – حسب مايعتقد – هو بعيد عن الصواب. إن كان متأكداً من جرمهم فأنا معه بكل شيء وأشد على يدهِ كي لايسمح للمجرمين بالعودة الى أعمال العنف وتدمير المجتمع بكافة الوسائل. حققوا جيداً وإجعلوا ألأنسانية نصب أعينكم كي لاتحكموا على فرد حكماً جائراً وهو بريء. أخطر شيء أن يتخذ القاضي حكماً بحق إنسان بريء ويعتبره مجرماً نتيجة لرغبة شخصية معينة أو هدف مادي يهدف من ورائهِ زيادة رصيدة المالي. لاتجعلوا ألأبرياء يحقدون عليكم يوماً ما. لاتجعلوهم يخططون الليل والنهار من أجل رد إعتبارهم. إن تركتموهم بلا تعويض أو شيء ما يعيد لهم ثقتهم بأنفسهم فأنكم ستخسرون إنسان حتى لو كان فرداً واحد وقد يكون هذا ألأنسان قادراً أن يفعل شيء ما قد يحيل حياتكم الى جحيم يوماً دون أن تتوقعوا…إنصفوا ضحايا العدالة قبل أن يتحولوا الى أعداء ضدكم…..