ننسى، عادةً، ان العملية التربوية تضم عناصر عديدة ينبغي أن تتوافر وتتعاضد مجتمعة حتى يمكن القول ان هذا البلد، أو ذاك، يمتلك نظاماً تعليمياً ناجحاً… نتجاهل، غالباً، ان نجاح طالب وتفوقه لا يعود فقط الى المعلم أو المدرس فقط انما إلى عناصر اخرى لا تقل أهمية كالمدرسة والمنهج الدراسي وعدد ساعات الدرس، إضافة الى دور الاسرة والبيئة أو المحيط الذي يعيش فيه الطالب.
منذ اعوام الحصار ولغاية الان يشكو التعليم في العراق ـ بمختلف مراحله ـ من تدهور وترد يوجه اللوم فيه الى طرف وحيد أوحد هو المعلم أو المدرس الذي نسي رسالته مربياً للأجيال وأضحى أجيراً لا يهتم سوى بتزجية ساعات دوامه وابتزاز الطلبة وأولياء امورهم. هذا الرأي تقول به نسبة لا باس بها من المهتمين بالتعليم، ونسبة كبيرة من أولياء أمور الطلبة بحيث أضحى المعلم كبائع التجزئة الذي يتهمه الزبائن على غلاء ورداءة بضائع لم ينتجها أو يستوردها ولم يقرر أسعارها الفاحشة!!
بموازاة ذلك، يشكو المعلمون والمدرسون أن لديهم صفوفاً تحتوي ـ أحياناً ـ على أكثر من ستين طالباً في أبنية بعضها متهالكة وتفتقر إلى أبسط شروط الصف المدرسي النموذجي، ولهذا يعجز المعلم عن ايلاء الاهتمام بالطلبة جميعاً لأن وقته وطاقته لا يحتملان متابعة ستين طالباً في خمسين دقيقةً. وهناك أيضاً ـ يقول المعلمون ـ مشكلة خطة الدرس التي تفشل حال تطبيقها لكثرة العطل والمناسبات غير المحسوبة، علماً أن موعد بدء العام الدراسي ومواعيد الامتحانات أصبحت هي الأخرى تعاني من التقديم والتأخير.. فضلاً عن أن الطلبة لا يستلمون بعض كتبهم المدرسية مع بداية العام الدراسي. يضاف إلى ذلك أن قسماً من أولياء أمور الطلبة لا يبدون أي عون في متابعة أبنائهم. وفي حين تفيض مدارس عن حاجتها من الكادر التدريسي خصوصا في المركز، فإن مدارس الاطراف تشكو من قلة عددهم وتفتقر اخرى لاختصاصات تعوضها إدارات المدارس بغير المختصين.
تطبق وزارة التربية النظرية الكلية أو (الجشتلت) في التعليم الابتدائي، وهي نظرية تؤكد ان الانسان يدرك الشيء إدراكا كلياً أولاً ثم ينتهي إلى إدراك أجزاء وتفصيلات هذا الشيء. ابتداءً ندرك ونعي ان التعليم يتدهور ويفشل في تلبية طموح وآمال وطن يحاول اللحاق بالآخرين، وبالتدقيق والتمحيص نصبح على يقين أن المعلم ليس وحده هو المسؤول عن هذا الفشل!