18 ديسمبر، 2024 10:51 م

إنسانية الإمام السيستاني

إنسانية الإمام السيستاني

الإنسانية؛ تمثل الوجهات الفلسفية والأخلاقية, التي تركز على قيمة وكفاءة الإنسان, فيما تشكل الأخلاق قمة الوعي الإنساني, القائم على ضبط, وتنظيم سلوك الإنسان, الممثل بالشيء أي بمعنى عينه, من هذه المعانٍ السامية؛ انطلق منهج الإمام السيستاني للتعامل مع الإحداث والمتغيرات, لاسيما ما بعد الحرب ضد الإرهاب, خصوصاً الملف الإنساني للنازحين.

ونحن على أعتاب نهاية الحقبة المظلمة, التي عصفت بالعراق في حزيران عام 2014, وما أنتجته من كوارث إنسانية, انبرى لها كل من يحمل الروح الإنسانية الصادقة, وكان في طليعة المتصدي لمعالجة ملف النازحين في وطنهم, المرجعية الدينية منذ الأيام الأولى للنزوح, بعد مغبة دخول الجماعات الإرهابية إلى الموصل والمدن الأخرى, حيث قدمت مكاتب علماء الدين, للمخيمات خاصة بالنازحين والمشردين مختلف المساعدات.

ونتيجة تصاعد حدت الظروف المأساوية, لاسيما بعد عودة السكان إلى المدن المحررة, جددت المرجعية الدينية العليا؛ على لسان ممثلها سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي, في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة, بتاريخ “11 جمادى الآخرة 1438هـ”, الموافق لــ”10آذار 2017م”, التي أُقيمت في الصحن الحسيني الشريف, دعوة المواطنين الكرام للمساهمة في تقديم المساعدات اللازمة لهم , عاد ذلك من أفضل القربات لله تعالى.

وبعد أن أشارت للانتصارات المتواصلة, التي يحققها مقاتلون الأبطال في هذه الأيام؛ “نشيد بها ونباركها لهم وللشعب العراقي كافّة، سائلين الله العلي القدير؛ أن يتم نصره على الإرهابيّين في وقتٍ قريب, حتّى لا يبقى لهم موطئ قدمٍ في أرض العراق الطاهرة”, مستبشراً خيراً بالانتصارات الأخيرة, كونها الحاسمة في عمليات “قادمون يا نينوى”, بكلمات تحمل الأمل الكبير, لخلاص العراق من أعداءه.

فيما نوهت المرجعية العليا؛ لضرورة توحيد الصف الوطني بمواجهة العدو, كونه يحمل عداء للجميع؛ “نظراً لتكاثر النازحين من مناطق القتال, وعدم كفاية الإمكانات اللّازمة لهم, نناشد المواطنين الكرام في مختلف المحافظات, أن يساهموا حسب المستطاع في توفير الاحتياجات الضرورية لهؤلاء الإخوة والأخوات, ويخففوا بذلك من معاناتهم، فإنه من أفضل القربات, وتقتضيه ضرورة التلاحم والتكاتف بين أبناء الوطن الواحد في الأزمات”.

ومن أهم المبادرات الإنسانية للمرجعية الدينية, وصول لجنة الإغاثة التابعة لمكتب المرجع العليا في النجف الأشرف, على مسافة 300 متر, من مواقع العمليات العسكرية, حيث سماع أصوات قصف, والعبوات الناسفة المزروعة في الطرقات, ضمن قاطع عمليات “قادمون يا نينوى”, لتوزيع المساعدات الإنسانية والغذائية لأبناء الموصل في الجانب الأيمن, في إحياء “الصمود والنصر والسكر”, والذين لم ينزحوا منهم في “مخيم الجدعة”.

هذا يدل على سمو أخلاق أتباع أهل البيت “ع”, وعظمة المنهج الإنساني؛ الذي يتعامل فيه المؤمنين, في أشد الأزمات والكوارث الإنسانية؛ التي حلت في العراق, فتجد أبناء الوطن جميعاً؛ متكاتفين وتعاونيين في درى الخطر, وتقديم أرقي الدروس في الإيثار والتكاتف, وتأكيد مقولة؛ ” لا تقولوا إخواننا السنة، بل قولوا أنفسنا”.