قالوا.. لم تكتب شيئاً عن يوم 9 نيسان 2003، اليس هو يوم “التحرير” كما يسميه البعض؟ ألم تشعروا بـ”الحرية” في هذا اليوم؟
قلت.. أولاً إنه ليس يوم التحرير بل هو يوم “الاحتلال” كما صرح بذلك الرئيس الأميركي حينها “بوش الابن”!!
أما عن “الحرية” فأعترف بأني بعد ثلاثة أيام من يوم 9 نيسان 2003 كنت مع زميل لي في سيارته حينما رأيت سيارة تسير بعكس الاتجاه فنبهت السائق إلى ذلك، ابتسم لي وقال “حرية”!!
وبعد.. عن ماذا أكتب بعد 14 عاماً من “الحرية”؟ وقبل ذلك أسأل ماذا تحقق من الوعود الأميركية الأربعة التي أطلقها “بوش” من وسط حاملة الطائرات إبراهام لينكولن حينما قال إنه سيحقق للعراق “الأمن، الحرية، الرفاه والديمقراطية”؟!!
فهل هناك أمن برأيكم في العراق وسط التفجيرات والمفخخات والعبوات وعمليات الاختطاف؟ أم هناك رفاهية وسط البؤس الذي يعيشه ملايين النازحين والمهجرين والأرامل والأيتام؟ وهل هناك حرية وديمقراطية حينما يعتقل أي متظاهر أو صحفي معبراً عن رأيه وفاضحاً الفاسدين الناهبين لثروات العراق وخيراته؟!
نعم.. إن أغلب العراقيين باتوا اليوم يرون أن الغزو الأميركي لبلادهم لم يجلب سوى الموت والخراب وتفكيك البلاد! لا بل إن أغلب العراقيين باتوا متيقنين بأن بوش الابن ربما كان يقصد أنه سيحقق للعراقيين الخوف والظلم والفقر والخراب!!
أقول.. على صفحات الفيسبوك قرأت كثيراً لبعض العراقيين الذين أكدوا أنه خلال فترة النظام السابق كان هناك قانون وكان هناك أمن، لكن بعد 14 عاماً نجد أن العراق بلا قانون وبلا أمن!!
لكن.. هاكم بعض الأرقام “التقريبية” التي ربما تكون خافية عن البعض منكم..
في العراق اليوم نحو 3.4 ملايين مهجّر خارج العراق موزعين على 64 دولة عربية وأجنبية، إضافة إلى 4.1 ملايين مهجر داخل العراق، مع وجود 5.6 ملايين يتيم ومليوني أرملة و6 ملايين مواطن أُمي، والبطالة في البلاد نسبتها 31%، ومعدل الفقر في العراق وصل الى نسبة 35%، إضافة إلى نسبة 6% يتعاطون الحشيش والمواد المخدرة في العراق.
أما بالنسبة إلى القطاع الصحي، فقد تم رفع مجانية العلاج، وانتشر 39 مرضاً ووباءً أبرزها الكوليرا وشلل الأطفال والكبد الفيروسي.
كذلك كان تدهور القطاع الصناعي، إذ توقف 13 ألفاً و328 معملاً ومصنعاً ومؤسسة إنتاج، أما القطاع الزراعي فقد تراجع إلى حد كبير، وبلغت مساحة الأراضي الزراعية الحالية 12 مليون دونم بعدما كانت 48 مليون دونم في عموم مدن العراق. وبالنسبة لقطاع الإسكان، فالأرقام تشير الى حاجة البلاد إلى 3 ملايين وحدة سكنية.
وبالنسبة للقطاع المالي، فقد بلغ مجمل الديون نحو 124 مليار دولار لصالح 29 دولة يضاف إليها قروض صندوق النقد الدولي، وفيما بلغت نسبة مبيعات النفط العراقي منذ كانون الأول 2003 ولغاية مطلع العام الحالي نحو ألف مليار دولار، فإنها لم تسهم بحل أي من المشاكل التي يعاني منها الشعب. وتُقدّر نسبة الهدر من المبلغ الإجمالي بنحو 450 مليار دولار.
وبعد.. أ بعد هذه الأرقام المخيفة والمرعبة تطلبون أن أكتب عن 9 نيسان 2003 هذا اليوم الذي “احتفل” بعض المطبلين بالذكرى 14 ليوم “تحرير أو احتلال العراق” سموه ما شئتم، لكن سيبقى العراق وسيعود قوياً مزدهراً متألقاً.. قولوا إن شاء الله!!
نقلا عن المشرق